كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:
سدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، بمبادرته الحوارية، «ضربة معلم» جديدة. هكذا يقرأ الفرقاء المشاركون في طاولة الحوار الوطني، لا سيما من قوى «8 آذار»، خطوة بري، بالرغم من قناعتهم المسبقة أنها قد تنجح بملء الفراغات السياسية لكنها لن تستطيع ملء الفراغات الدستورية.
في تقييم لقيادي بارز في قوى «8 آذار» أنه في ظل الركود الموجود في البلد والمؤسسات تنهار الواحدة تلو الاخرى، وصولاً الى مجلس الوزراء، «صار مطلوباً إيجاد صيغة لكي تتكلّم الناس مع بعضها البعض لا ان تتراشق عن بُعد بالمواقف والاتهامات وكل ما هو هدّام».
صحيح أن النتائج المتوقعة ستكون متواضعة بالنسبة للمتعطشين للحلول الكبيرة، إلا أن القيادي يرى انه «لو أنتج الحوار إعادة فتح المجلس النيابي ولو بعنوان تشريع الضرورة، والتفتيش عن حلّ لتعطيل الحكومة وفق المشروع المطروح عبر ترقية 10 الى 12 عميداً في الجيش اللبناني الى رتبة لواء، وهذا ما يعمل عليه قبل الجلسة الثانية للحوار، فإن ذلك يشكل حلاً لمشكلة التعيينات وآلية العمل الحكومي وتعود الحكومة الى العمل. وفي حال حصل هذان الإنجازان اضافة الى إنجازات اخرى مثل دعم الجيش والقوى الأمنية الذي هو محلّ إجماع، فهذا يريح البلد ويجعلنا نستغل فرصة وجود قرار دولي بتحييد لبنان عن الفوضى الداخلية».
ويعتبر القيادي أن «هذه الفرصة هي لنا جميعاً، وطالما لا يتآمرون علينا خارجياً في موضوع الفوضى، لماذا لا نستفيد من ذلك؟ في الوقــت الذي تقــوم الدنيا ولا تقعد في سوريا والعراق واليــمن وليبيا. لا أعرف كم سيكون التجاوب في الحوار ولكن نحن ذهبنا إلى الحوار بأمل ورغبة في تحقيق إنجاز، ويبقى كم الأطراف الأخرى التي لديها رغبة كهذه؟».
اما موضوع رئيس الجمهورية والذي وضع بنداً أول في جدول أعمال الحوار، فيدعو القيادي الى عدم الذهاب في توقعات غير واقعية في هذا المجال لأن الانقسام حول المقاربة لموضوع الرئاسة كبير جداً، إذ «يبدو أن لا رئيس جمهورية والقصة طويلة، والله أعلم إن كان سيحصل تمديد ثالث للمجلس النيابي. الرئاسة أمر معقّد جداً، ونحن أمام خيار من اثنين غير مفتوحَين على خيار ثالث، إما يقبلون بالعماد عون وإما هناك الفراغ، هذا الكلام يزعجهم ولكن لا بدّ من النطق بالحقيقة، لذلك دعوتنا لهم الى ان يذهبوا ويتحاوروا مع عون».
ويشرح القيادي سبب هذه «الكربجة» الرئاسية بالقول «هذا هو الجو رئاسياً في لبنان، ومَن يراهن على أن تطورات في الخارج ستنعكس على الجو في الداخل، فليُجِب على الأسئلة المركزية الثلاثة التالية:
ـ من قال إن في الخارج حلولاً سياسية؟ نحن نعرف أنه لا توجد حلول، وربما تأخذ الأمور لكي تنفتح سياسياً ستة أشهر فسنة وحتى أكثر.
ـ هل لبنان مُدرَج على سلم الأولويات لدى مَن يوصَفون بدول او عواصم القرار؟ نحن نعرف أن هذا غير متوفر.
ـ إذا كانت الحلول السياسية غير مطروحة ولبنان غير مُدرَج في سلم الأولويات، فالذي ينتظر عليه أن يقول ويفصح ماذا ينتظر؟ نحن نعرف أيضاً أن الفراغ سيد الانتظار، وبالتالي المنتظرون لا يفعلون شيئاً إنما يتركون التآكل يزداد».
استناداً إلى كل المعطيات القائمة، يؤكد القيادي «أن الحوار يأتي منطلقاً من فكرة إيجابية، وبالحد الأدنى أرخى جواً من الراحة الداخلية، ليس هو مَن يصنعها إنما مجرد الجلوس إلى طاولة الحوار يساهم بتعزيزها، وهذا الحدّ الأدنى جيد. لذلك نحن على مستوى 8 آذار استجبنا لمبادرة بري واعتبرنا أن الحوار خطوة جيدة ومهمة، لأن السؤال الواقعي: ما هو الخيار الآخر؟ ليس هناك سوى المناكفات والإقفال على بعضنا البعض والفساد المعشعش والذي يزداد استفحالاً».