غسان ريفي
تركت المبادرة التي طرحها الرئيس نجيب ميقاتي بالتكافل والتضامن مع النائب محمد الصفدي حول مشروع استرداد امتياز شركة كهرباء قاديشا، وإعادتها الى طرابلس كشركة مساهمة تنتج الكهرباء للمدينة بمعدل 24 على 24 ساعة، انطباعاً إيجابياً لدى الطرابلسيين، وأعطتهم جرعة تفاؤل بإمكانية أن تستطيع عاصمة الشمال أن تنهض بنفسها كهربائياً، وذلك بعدما كانوا بلغوا مرحلة الـــيأس من إمكـــانية تنفيذ أي مشروع حيوي، لا سيما بعدما وجدوا أنفســـهم محاصرين إما بوعود سياسية غير قابلة للتنفيذ، أو بمشاريع مصلحية نفعية لا تخدم مستقبل المدينة.
وبالرغم من الغيرة السياسية التي ظهرت فجأة في طرابلس عقب الإعلان عن هذه المبادرة، فإنها بدأت تكبر ككرة الثلج، حيث وضع ميقاتي الرئيس نبيه بري خلال زيارته أمس الأول في تفاصيل المشروع، وتلقى منه وعداً بالدعم والمؤازرة والمساندة، وبأنه سيواجه مع قيادات طرابلس أية عقبات يمكن أن تقف حائلاً دون تنفيذ هذا المشروع.
كما كشف توفيق سلطان في مؤتمر صحافي عقده أمس أن الوزير رشيد درباس بالرغم من الخلاف الذي نشأ بينه وبين ميقاتي على خلفية مشروع مرأب التل، فقد بادر الى الاتصال به وهنأه، وأكد له أنه سيكون صوته في مجلس الوزراء بهدف إنجاز هذا المشروع.
كذلك فقد وجد المشروع احتضاناً من بعض قيادات المدينة ومجتمعها المدني والأهلي والمواطنين التواقين للخروج من أزمة الكهرباء المستفحلة، وتحكم (الاشتراكات) برقابهم.
كيف يمكن استرداد شركة كهرباء قاديشا؟
تشير المعلومات التاريخية الى أن شركة كهرباء قاديشا تأسست في طرابلس عام 1929، وترأس مجلس إدارتها الشيخ بطرس الخوري ومن بعده الشيخ سليم الخوري، وبدأت بإنتاج الطاقة من مساقط مياه نبع قاديشا الذي ينبع من بشري ويصل الى نهر أبو علي في المدينة.
وقد نجحت الشركة التي تحولت الى شركة طرابلسية ـ شمالية مساهمة في تزويد طرابلس بالتيار الكهربائي 24 على 24 ساعة، عبر توزيع إنتاجها ضمن خطوط شركة كهرباء لبنان. ومع توسع المدينة عمرانياً وزيادة عدد السكان، ومضاعفة الطلب على الكهرباء، تم إنشاء محطتيّ إنتاج لدعم الشركة في طرابلس وذلك في مار ليشع، وبلوزه على مجرى نبع قاديشا، ما ضاعف من الإنتاج الكهربائي الذي فاض عن حاجة طرابلس فقامت الشركة ببيع التيار الى سوريا.
ومع التمدد العمراني المطرد تم في العام 1961 إنشاء محطة التوليد في الحريشة، وفي بداية الثمانينيات بدأت الدولة تسعى لاسترداد مصادر إنتاج الكهرباء، فأصدرت مرسوماً في العام 1986 يقضي باسترداد شركة قاديشا ودمجها مع شركة كهرباء لبنان، وتم تعيين لجنة لاستثمارها برئاسة موريس غزال مع أعضاء من وزارة الطاقة وكهرباء لبنان، ومنذ ذلك الوقت بدأت التغذية الكهربائية تتضاءل في طرابلس الى أن وصلت الى أسوأ حالاتها في الوقت الحالي حيث يتجاوز التقنين الـ 16 ساعة في اليوم الواحد.
وتشير المعلومات الى أنه بإمكان الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي تشكيل هيئة تأسيسية لشركة يمكنها أن تتقدم بطلب رسمي للدولة اللبنانية باسترداد شركة كهرباء قاديشا وإعادة الاكتتاب في رأسمالها بأموال طرابلسية، تمهيداً لإنتاج الطاقة مجدداً بشكل يمنح المدينة تغذية كاملة، وتعليل ذلك بالأوضاع المزرية للتيار الكهربائي في المدينة، وبالإشارة الى أن طرابلس هي الأكثر حرماناً اليوم على صعيد التغذية.
وتؤكد هذه المعلومات أن ثمة قانوناً لإنتاج الكهرباء موجوداً في مجلس النواب، لكنه يحتاج الى إصدار المراسيم التنظيمية له، وهذا الأمر منوط اليوم بالحكومة.
وتقول المعلومات: إن توليد الإنتاج في طرابلس سيمنحها اكتفاءً ذاتياً، وسيخفف الأعباء عن الدولة لجهة بناء محطة جديدة، كما أن كمية الطاقة التي تخصصها الدولة لطرابلس يمكن أن يصار الى استخدامها في مناطق لبنانية أخرى.
من جهته نوه سلطان بالمبادرة الخيِّرة لميقاتي والصفدي باسترداد امتياز شركة كهرباء قاديشا، متمنياً أن يكون المشروع جدياً.
ودعا سلطان الى تأسيس نواة شركة يتواجد فيها ولو بشكل مؤقت الاداري والفني والقانوني والمالي، من أسماء توحي بالثقة، داعياً هيئات المجتمع المدني واستباقاً لأي حراك يزيد البلد شرذمة ويسيء الى الاستقرار الأمني ويعطل أرزاق الناس لتدعم هذا المشروع، معتبراً أن استرجاع الكهرباء هو استرجاع لهيبة طرابلس، مذكِّراً بمبادرة تأسيس شركة مياه رشعين برئاسة المهندس رشدي سلهب، ودعم الدكتور عبد اللطيف البيسار الذي تحول زعيماً تذكره طرابلس بالخير، متمنياً أن يكون النائب روبير فاضل أيضاً عضداً لهذه الشركة الى جانب ميقاتي والصفدي، متوقعاً أن صغار الكسبة والمدخرين سيقفون بالصف لشراء الأسهم.
وختم سلطان معتبراً أن مبادرة ميقاتي والصفدي هي أجمل عيدية يمكن أن تقدم للطرابلسيين في عيد الأضحى المبارك.