نظم المركز اللبناني للدراسات ومعهد إدارة الموارد الطبيعية يوما طويلا في فندق “موفنبيك” لمناقشة “الآثار السياسية والإقتصادية لتراجع أسعار النفط في الشرق الأوسط” بمشاركة خبراء محليين وعرب وأجانب.
بداية تحدث مدير المركز سامي عطاالله وأشار “الى أهمية النفط لبعض البلدان التي نشأت على أساس وجوده فيها، من هنا تكمن أهميته”، وتساءل “عن أسباب انخفاض أسعار النفط وعما إذا كانت سياسية أو اقتصادية، أو بسبب اكتشاف النفط الصخري في اميركا؟ وعما إذا كانت أسعار النفط ستستمر بالإنخفاض؟”
ولفت “الى تداعيات انخفاض اسعار النفط على الإقتصاد الكلي في هذه الدول وعلى الإستثمارات فيها، وعلى تحقيق أرباحها وما هو دور شركات النفط العالمية”، ورأى “ان التأثير لانخفاض اسعار النفط قد يتفاوت بين بلد عربي وآخر، وأيضا بالنسبة للمصدرين”.
وقال:”ان تأثير انخفاض النفط سيكون ليس اقتصاديا بل سياسيا أيضا”، مستذكرا “ما عانته الجزائر في فترات سابقة مما أدى الى قمع المنتفضين”، متسائلا “كيف يمكننا أن نحمي بلادنا بالسياسة والإقتصاد والإجتماع”، مؤكدا “على ضرورة تنويع الإقتصاد وليس الإعتماد فقط على النفط”.
سفيرة النروج
ثم تحدثت سفيرة النروج لين لند “عن المرونة التي شهدها الإقتصاد النروجي بعد تدهور أسعار النفط، وعن التزامها بإدارة الموارد الطبيعية بشكل شفاف”، وقالت:”هذه المرة تراجعت أسعار النفط واستمرت أكثر من سابقاتها، مما دفعنا الى التفكير بحماية الإقتصاد من تقلب الأسعار”.
ورأت ان “المنطقة هنا قد تشهد تغيرات في قطاع الغاز”، وطالبت “بإحداث تغيرات بنيوية في هيكلية هذاالقطاع، وبالإنتقال من الإعتماد على قطاع النفط لوحده الى قطاعات تجارية أخرى”.
وذكرت ان “النروج عمدت الى اجراء تغييرات نتيجة تدني اسعار النفط، على الرغم من وجود احتياط ومخزون لدينا، مما يساعدنا في إيجاد بعض الحلول ومنها الصندوق السيادي عندنا وهو الأكبر في العالم، مع إبداء خشيتها من تعرض هذا المخزون الى التقلص، ولكن سيكون ذلك ضمن خطة مدروسة لحماية بيئتنا وفي إشراك مجتمعنا المدني”.
وشددت “على معايير الشفافية في إصدار تقارير بيانات حول انعكاس تقلب اسعار النفط بين الدول وتبادلها بهدف دراستها واتخاذ ما يناسب”، واكدت “انه بامكان لبنان الإستفادة من هذه الثروة النفطية”.
ثم تحدث عضو البرلمان العراقي الدكتور عدنان الجنابي (الرئيس السابق للجنةالنفط في البرلمان العراقي) وقال:”بعد بركان الربيع العربي حل علينا تسونامي تدهور أسعارالنفط”، وذكر “ان الباحثين يتفقون على ان الدول المصدرة للنفط هي دولة ريعية، ولا يتم عبر عملية اقتصادية متداولة، كما ان من خصائص هذه الريعية ان قيمة النفط الخارجي يذهب الى الحكومات، في حين ان مساهمة الإقتصاد المحلي في هكذا اقتصاد أمر ثانوي. وقد أدى الإقتصاد الريعي الى ترهل اقتصاد هذه الدول، واستبداد في الحكم، وإهمال الزراعة والصناعة، كما أدت الى انتقالها كعدوى الى الدول شبه الريعية مثل المغرب وتونس وسوريا”.
وانتقد التركيز على دول النفط المهيمنة على النفط كمورد وحيد وإهمالها تنويع الإقتصاد فيها وسأل: هل يمكن بعض هذه الدول النفطية الريعية تجنب آثار تدهور أسعار النفط؟ مستبعدا ذلك بسبب صعوبة الإنتقال من الإقتصاد الريعي الى تنويع الإقتصاد”، مؤكدا “أهمية دور الصناديق السيادية في هذه البلدان لكن لا يمكنه أن يلعب دورا تنمويا بسبب وجود أموال هذه الصناديق في الخارج”، داعيا “الى بناء عقد اجتماعي جديد بين الحاكم والمحكوم، وفي تبادل الخدمات بينهما”.
وأعرب عن أمله بانتقال الإقتصاد في دول نفطية مثل العراق وليبيا بعد استقرار الأمن فيهما من دول الريع الى دول الجباية، متوقعا صعوبات ذلك في دول الخليج وآثار سلبية لانهيار أسعار النفط وسيكون على شكل تسونامي شامل وطويل الأمد في المنطقة العربية”، مشددا “على ضرورة إجراءات في الإصلاح الإداري وفي العلاقة مع المجتمع”.
وأشار “الى التنافس المستقبلي بين انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية والنفط في بلادنا العربية”، ودعا “الى الإستمرار في زيادة الإنتاج والحفاظ على الأسعار في النفط”، مؤكدا “ان تداعيات هبوط أسعار النفط ستكون طويلة الأمد”، مطالبا دول الخليج والشرق الأوسط “|بالدفاع عن سوق النفط وليس سوق الأسعار”.
ثم تحدث رئيس معهد إدارة الموارد الطبيعية في الولايات المتحدة الأميركية دايتال كوفمان وقال:”ان الإقتصاد في إطار العولمة بالغ الأهمية بين الدول والأقاليم والمؤسسات، معلنا ان المكتب الإقليمي للمعهد موجود في بيروت لأهميتها”.
وأشار “الى وجود الكثير من التحديات في منطقة الشرق الأوسط”، ولفت “الى اهمية الإقتصاد الريعي في الشرق الأوسط واميركا اللاتينية مما أدى الى عدم إنجاز تقدم في فترة ارتفاع اسعار النفط في الحقبات الماضية”، متحدثا عن تراجع المساواة في هذه الدول، والعنف السياسي وعدم التوزيع العادل للموارد الطبيعية مما ترك أثره في السياسة والإقتصاد وإهدار الفرص”.
وتحدث عن التحديات الحالية في الشرق الأوسط وأبرزها عدم الشفافية والمساءلة، وقال: “اننا في مرحلة جديدة ازاء انخفاض اسعار النفط والكثير من النتائج السياسية، وعلينا أن نقوم ببعض الإصلاحات، نتمنى أن تكون هذه العاصفة سبب في مواجهتها بإجراءات جديدة”.
وأمل “أن تكون أمام دول الشرق الأوسط فرص مستقبلية للاصلاح ومكافحة الفساد لدرء غضب الناس”.