تتجه الانظار الى مؤتمر الحوار على رغم اقتناع المتحاورين أنفسهم بعدم جدواه. واذا كان العماد ميشال عون قد يتغيب اليوم تاركا مقعده للوزير جبران باسيل، فقد افتعل صخبا استبق الجلسة اذ رأى أن “هناك مؤشرات كثيرة تدل على نيات دولية لتوطين اللاجئين في لبنان”، متهما وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بعدم احتساب الولادات وتسجيلها في السفارة السورية.
وقد رد عليه درباس عبر”النهار” قائلاً: “اجابتي بسيطة… لست السفيرالسوري”. وأضاف: “نحن نتمنى على كل اللاجئين السوريين أن يسجلوا أطفالهم في السفارة السورية، ولا أستطيع إلزامهم أو إلزام السفير السوري ذلك، ولكن في كل الاحوال، هذا لا يوليهم أي حق لبناني على الاطلاق وكل حديث عن التوطين هو مخالف للقانون”.
صحيفة “الجمهورية” أشارت إلى معلومات تحدثت عن احتمال عدم مشاركة العماد ميشال عون شخصياً في الجلسة، وتفويض وزير الخارجية جبران باسيل الحلول مكانه، في خطوة تؤشّر إمّا إلى عدم تعويله على هذا الحوار الذي سيحافظ على رتابة معينة من دون تحقيق أيّ خرق يُذكر، وبالتالي ذهابه إلى خيار وسطي بين رفض الحوار وحضوره شخصياً، وإمّا هي رسالة ترمي الى الضغط على المتحاورين من أجل الامتثال لشروطه بإقرار أولوية الانتخابات النيابية.
واللافت أنّ حليف العماد عون “حزب الله” تقصّد عشيّة هذا الحوار توجيه رسالة مشتركة مع “المستقبل” إلى كل من يهمّه الأمر مفادها تأييد الحوار واستمراره، الأمر الذي يفسّر عدم رغبة عون مقاطعة الحوار تجنّباً للقطع مع الحزب.
إلى ذلك، لاحظ “نائب وسطي” أن “حزب الله” هو أكثر المتحمسين لطاولة الحوار، وربما أو على الأرجح هو من شجع رئيس مجلس النواب نبيه بري على خوض هذه التجربة مجددا.
وفي رأي هذا السياسي، كما نقلت عنه صحيفة “الأنباء” الكويتية، أن “حزب الله” يريد من الحوار أمرين مباشرين: ترتيب الوضع بين النائب ميشال عون وبري وتخفيف التشنج، وإيجاد آلية وإطار تواصل بعدما صار خلافهما مصدر قلق وانزعاج للحزب (حزب الله يريد إرضاء عون عبر صيغة حل ومخرج في أساسها تسوية وضع شامل روكز والتمديد له في الجيش، هذه التسوية تحتاج الى بري وإعادة فتح مجلس النواب، وفتح البرلمان يحتاج الى موافقة عون وتنازله عن شرطه).
كسب الوقت لأسباب وحاجات إقليمية لأن الحزب يريد التأكد من اتجاهات مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، ولأنه يريد استكمال معاركه الأساسية في الزبداني والقلمون وإنهاءها قبل الشتاء.
بدورها، ذكرت صحيفة “الراي” أن وتيرة الشكوك في جدوى الحوار زادت بعدما صدرت تلميحات الى امكان ان يقاطعها رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون بما يعرّضها لانتكاسة مبكرة.
وقالت اوساط مواكبة للاتصالات السياسية لصحيفة “الراي” الكويتية ان عون قد يمرر هذه الجولة، بعدما أدى تسريب خبر عن امكان مقاطعتها من جانبه الى تحريك مساعٍ ناشطة من حلفائه، ولا سيما منهم “حزب الله” لاقناعه بإعطاء الحوار مزيداً من الوقت.
وتعتقد الاوساط نفسها ان تعثر التوصل الى تسوية لمسألة الترقيات العسكرية التي تضمن تمديد خدمة صهر العماد عون العميد شامل روكز الذي سيحال على التقاعد الشهر المقبل يلعب دوراً محورياً في مواقف عون غير المعلنة، اذ ان المسعى لترفيع عدد من العمداء العسكريين الى رتبة لواء، لم ينجح بعد فيما يضغط عامل الوقت بقوة من اجل بت الترفيعات قبل حلول موعد احالة روكز على التقاعد، وهو الامر الذي يقضي بعقد جلسة لمجلس الوزراء في حال تم التوافق السياسي على ذلك. ومعلوم ان امكان عقد جلسة للحكومة في وقت قريب بات صعباً اذ ان الرئيس تمام سلام سيسافر الاسبوع المقبل الى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة واجتماع مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان ولن يعود قبل نهاية سبتمبر مما يعني ان ثمة فرصة ايام قليلة لحسم مسعى التسوية في ملف الترفيعات العسكرية.
وفي سياق متصل، تقول هذه الاوساط ان الحوار في مقرّ البرلمان اليوم سيكون بطريقة ما متأثراً بمناخ جولة الحوار الثنائية بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” التي صادف انعقادها مساء امس عشية جولة الحوار النيابية الثانية. ولا يبدو المناخ إيجابياً على الإطلاق من هذه الناحية اذ ان تَبادُل الفريقين الحملات الاعلامية العنيفة في الاسابيع الاخيرة، كما بروز موضوع الاستهدافات لشركة «سوليدير» التي واكبت التحرك الاحتجاجي أججت الاحتقان بين الطرفين. وسادت شكوك واسعة حول النتائج التي ستفضي اليها جولة حوارهما الجديدة في عين التينة.