تفرض لين على نفسها عزلة شبه كاملة، تعيش في قوقعتها التي أحاكتها بخيوط الخيبات، فهي رغم صغر سنها تفضل العيش في اسطنبول دونما أصدقاء أو أقارب، والسبب؛ أنها “خسرت كل شيء فما عاد شيء يعنيها ولا عادت الحياة تخيفها”.
تحكي لين ذات العشرين عاما، ابنة حي الميدان الدمشقي قصتها، قائلة:
“كنا نعيش أنا وأبي وأخي في دمشق بعدما توفيت والدتي منذ أن كنت صغيرة، ولأن والدتي مسيحية ووالدي مسلم فإن أقاربنا قاطعونا”.
شاركت لين وأخوها الذي يكبرها بعامين في المظاهرات التي انطلقت في حي الميدان، وبعدما تم توقيفها أكثر من مرة، اعتقل الأمن والدهما في عام 2012.
تضيف لين: والدي كان تاجرا وكانت أحوالنا المادية ميسورة جدا، واعتقد أنه اعتقل لأنه كان يعمل في الصرافة، ولكن منذ اعتقال والد لين انقطعت أخباره تماما رغم أنها وأخوها سألا عنه كثيرا.
لم تمضِ عدة أشهر على اعتقال والد لين حتى اعتقل أخوها وهو أيضا مازال مغيبا في سجون النظام منذ 2012.
وبعد فترة قصيرة اعتقلت لين خلال مشاركتها في إحدى المظاهرات، وتحكي لين عن تجربتها في الاعتقال:
“بقيت في فرع باب مصلى لشهرين لم أتعرض خلالها للتعذيب الجسدي، إنما كانوا يكتفون بإسماعي أصوات تعذيب أصدقائي، كما كنت شاهدة على سحب عدة فتيات للاغتصاب”.
وتضيف: “أذكر أنه كانت من بين المعتقلات اللواتي صادفتهن في الفرع، فتاة ابنة مسؤول من الطائفة العلوية، لكن والدها تبرأ منها لأنها اعتقلت، فاغتصبها أحد ضباط الفرع.
بعد خروجها من المعتقل حزمت لين أمتعتها، وغادرت دمشق قاصدة اسطنبول، فكل ما كان يربطها بمدينتها صار حسب وصفها “مغيبا في الظلام”.
تقول لين: “أقيم حاليا في منزل مشترك مع فتيات سوريات، صرن يعلمن أنني لا أحب الكلام مع أحد، وأنني أقضي نصف يومي في العمل نصفه الآخر في النوم، وتضيف لين ساخرة: حتى أنني لا أتقن اللغة التركية لأنني لا أتكلم مع أحد.
عملت لين التي من المفترض أن تكون اليوم في المدرسة، في عدة مهن ماكان والدها التاجر الشامي ليرضاها لابنته لو كان موجودا قربها، فقد عملت في ورشة خياطة لعدة أشهر عانت خلالها من استغلال صاحب العمل، وكذلك عملت كنادلة في عدة مطاعم سورية وتركية، ولأن أعين أصحاب العمل الشهوانية لاحقت لين محاولة استغلال حاجتها وصغر سنها، اضطرت لين إلى تغيير عملها باستمرار وهي اليوم تبحث عن عمل جديد يحترم ألمها وعزة نفسها.