عقد اليوم في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان لقاء اقتصادي موسع ومؤتمر صحافي خصصا لإطلاق صرخة تحت عنوان “من أجل انقاذ قلب بيروت”، بدعوة من غرفة بيروت وجبل لبنان وجمعية تجار بيروت.
وشارك في المؤتمر الصحافي، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، رئيس مجلس ادارة “سوليدير” ناصر الشماع، رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، نائب رئيس مجلس ادارة شركة “أيشتي” (AISHTI) ميشال سلامة، الرئيس التنفيذي لشركة “أزاديا” (Azadea) سعيد ضاهر، وفي حضور نواب بيروت: وزير السياحة ميشال فرعون، محمد قباني، عاطف مجدلاني، غازي يوسف، عمار حوري، جان اوغاسبيان، نديم الجميل، عماد الحوت، النائب السابق سليم دياب، رئيس بلدية بيروت بلال حمد، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع، رئيس اتحاد تجار جبل لبنان نسيب الجميل، عميد الصناعيين جاك الصراف، رئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين رئيس جمعية المعارض والمؤتمرات ايلي رزق، وحشد من رؤساء اللجان والجمعيات التجارية والتجار العاملين في وسط بيروت.
شقير
بداية، ألقى شقير كلمة قال فيها: “وكأنه كتب علينا كل هذه المشقة، وهذا التعب والمعاناة وانتظار القدر، نعم هذا أقل ما يقال عن الحال الذي وصلنا اليه في بلد مزقته الخلافات والتجاذبات وصراعات لا تنتهي”.
وسأل: “إذا كان هناك من مصالح سياسية خاصة دفعت الى كل هذا التعطيل والتخريب وأدت الى انحدار وضع الدولة الى الحضيض، فماذا عن الذي يجري الآن؟”.
وقال: “ليس خفيا على أحد، ان كل هذا التراجع في وضع الدولة وعلى المستويات كافة، خصوصا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والحياتية، هو بفعل أهل السياسة، ونحن كهيئات اقتصادية لم نسكت ولم نستكن لرفض كل ما يجري والتحذير مما هو آت، وقد رفعنا الصوت مرارا وتكرارا”.
أضاف: “لقد استبشرنا خيرا في ولادة حراك شعبي يساهم في الضغط على أهل السياسة لكسر هذه الحلقة المفرغة التي ندور فيها، ولعل تظاهرة 29 آب كانت بارقة الأمل التي تطلع اليها كل لبناني لتشكيل كرة الثلج التي تتدحرج نحو تغيير منطقي وايجابي في البلد. وهذا دفعنا للوهلة الاولى الى تجاوز، ولو في تفكيرنا، كل ما حدث من قبل المندسين الذين عاثوا فسادا وتخريبا وحقدا في وسط بيروت”.
وتابع: “إننا مع حراك مدني حضاري يحافظ على أملاك الدولة والأملاك الخاصة وعلى أرزاق الناس، لا ان يضرب عرض الحائط مصالح البلاد والعباد، ويهدد البقية الباقية من مناعتنا الاقتصادية. إننا مع حراك منفتح يحاور ويقبل بالحلول الموضوعية والعلمية، من أجل التقدم على مسار التغيير الحقيقي الايجابي الذي يستجيب لمنطق الدولة وحاجات الناس، وليس لمجرد الاعتراض من أجل الاعتراض”.
وإذ رأى “ان وسط بيروت، هذه المنطقة الاقتصادية والعمرانية الراقية، باتت مضرب مثل لدى القاصي والداني، وشكلت على الدوام محط أنظار واعجاب العالم”، سأل: “بالله عليكم ماذا حل بقلب العاصمة؟”.
وقال: “مئات المؤسسات التجارية وغير التجارية مقفلة، مئات أخرى تصارع من أجل البقاء، وآلاف من الموظفين سرحوا من اعمالهم، وذلك بفعل انعدام الاعمال وابتعاد اللبنانيين مقيمين أو مغتربين، وكذلك السياح إن وجدوا عن هذه المنطقة، جراء التدابير الأمنية المشددة وإقفال شوارع برمتها، وقطع الطرق المتكرر، والتحركات الشعبية المتعددة الأوجه. أما اليوم، فالحال بالويل، وما يجري يطرح الكثير من علامات الاستفهام، وكأن الوسط بات مستهدفا بالصميم”.
وفي حين أكد شقير “أحقية المطالب”، قال: “إننا نرفض رفضا مطلقا استباحة وسط بيروت وتخريبه، وجعله مشرعا لكل من يريد عرض عضلاته، أو لتنفيس احقاده، أو لإحياء مشاريع أكل عليها الدهر وشرب، أو لتحقيق مآرب خاصة على ظهر وحساب وسط بيروت وأهله وكل العاملين فيه”.
أضاف: “ان كل ما يحصل، يظهر حقيقة واحدة أن هناك عملا ممنهجا يراد منه اقفال ما تبقى من مؤسسات وتشويه هذه الصورة الجميلة المتمثلة بوسط بيروت التي يعتز بها كل لبناني، وإسدال الستار على نجاح منقطع النظير كمقدمة لضرب أحلام اللبنانيين في مهدها.
لا، لن نسكت على كل ما يحصل، لن نقبل بضرب قلب بيروت الحاضن للبنانيين بمختلف فئاتهم ومذاهبهم، ونحن على استعداد لدفع الغالي والنفيس دفاعا عن الوسط وعن اي منطقة اقتصادية في لبنان وعن اقتصادنا الوطني”.
وناشد شقير “الدولة بمؤسساتها الشرعية والأمنية، وبشكل خاص، نواب بيروت المؤتمنين على العاصمة ووسطها ومصالحها وعمالها وموظفيها، التحرك سريعا لاتخاذ تدابير رادعة توقف هذا التدهور المريع”.
وختم: “كفى، حذار اللعب بالنار. ضرب وسط بيروت يعني بشكل واضح ضرب قلب الاقتصاد الوطني، وإطلاق رصاصة الرحمة على لبنان”.
الشماع
وألقى الشماع كلمة، ذكر فيها بما يعاني به لبنان منذ أعوام من اضطرابات أمنية وسياسية انعكست سلبا على الوضع الاقتصادي، لافتا الى أن “الوسط التجاري كان من الأكثر تضررا”.
أضاف: “في ضوء ذلك، نعلن اليوم كشركة سوليدير استمرارنا والتزامنا بدعم كل المؤسسات التجارية والسياحية في وسط بيروت، وبتوفير الحوافز التي تتيح لها إبقاء أبوابها مفتوحة، وللإستمرار في توفير العمل ولقمة العيش لآلاف العائلات والأفراد. كما تعلمون إن هذه المؤسسات تساهم بشكل كبير في تنشيط الدورة الاقتصادية والحركة السياحية وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني”.
مؤكدا ان “المستثمرين والعاملين في وسط بيروت هم صورة مصغرة عن هذا المجتمع، بتنوعه الطبقي والثقافي والاجتماعي والسياسي، وقد يكون الكثيرون منهم من بين المشاركين أو المؤيدين للتحركات المطلبية الأخيرة”.
وتمنى الشماع “على كافة الجهات المعنية والحكومية ان تأخذ في الاعتبار العبء المتراكم على كافة المؤسسات المتواجدة في الوسط، وان تعمل على دعمها في كافة السبل الممكنة، كما ندعو المواطنين عموما الى احتضان وسط مدينتهم والحفاظ عليه”.
سلامة
أما سلامة، فسأل: “هل كتب على هذا البلد، وعلى استقراره واستثماره وازدهاره أن يكون على خط الزلازل السياسية والإجتماعية”؟.
وقال: “ندعو القادة والزعماء والنواب الى الإسراع في ايجاد الحلول اللازمة لإعادة عجلة الاقتصاد في البلاد. إننا مع الشفافية المطلقة في طريقة صرف المال العام والمحاسبة العادلة، فهما حق لجميع المواطنين”.
أضاف: “أعطوا هذا البلد فرصة الخروج من أزماته المستمرة الى مساحات من الأمن والإطمئنان. أعطوا مؤسساته الإقتصادية والتجارية والمالية والإنتاجية فرصة التطور والتقدم لزيادة الإستخدام ومضاعفة التقديمات الإجتماعية من طبابة واقساط مدرسية وضمان شيخوخة والتي ترهق كاهل العامل والموظف، وكي لا تزيد من نسبة البطالة والهجرة، واقفالها بفعل التظاهرات والإضرابات والتدابير الامنية المشددة التي تهشل السياح والمغتربين وحتى المقيمين وتمنعهم من الاستمتاع بأعرق مدينة في التاريخ”.
ضاهر
وكانت كلمة لضاهر لفت فيها الى “تراجع الاعمال في الوسط التجاري خلال الفترة الشهر الاخير بحدود 40 في المئة” ، محذرا من “ضرب الاعمال في هذه المنطقة الحيوية، ومشيرا الى “انعدام الشهية لدى رجال الاعمال للاستثمار في وسط بيروت، وهذا من شأنه عدم خلق فرص عمل”.
وطالب السياسيين “بإيجاد حلول سريعة لتوفير الامن والاستقرار، وكذلك توفير الحوافز لدعم صمود المؤسسات”.
شماس
وألقى شماس كلمة قال فيها: “من المفترض في هذه الفترة ان نكون منشغلين كأم العروس في التحضير لموسم عيد الاضحى، لكننا حقيقة الآن نحن كقطاع أعمال في مأتم وطني اقتصادي واجتماعي”.
وتحدث عن العوامل التي تسببت في تدهور اوضاع الوسط، وابرزها: “التدابير الامنية المشددة التي تتخذ في الوسط، خصوصا مع 28 جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، من دون اي جدوى والكثير من الضرر، مسلسل جديد لطاولة حوار تعقد اسبوعيا في مجلس النواب، غياب السياح الخليجيين”.
وتطرق شماس الى الاقفالات التي حصلت في وسط بيروت، معتبرا انها “باتت ظاهرة بالعين المجردة”، وقال: “الخوف ان يمتد هذا التصحر الى مناطق أخرى”.
وأعطى امثلة عن حجم الاقفالات خصوصا بالنسبة “للمحال التجارية الراقية التي تبيع للسياح”. واشار الى انه “في نهاية حزيران 2014 كان عدد هذه المحال 1116، وفي نهاية حزيران 2015 اصبح عددها 986 محلا، ما يعني اقفال 130 محالا تجاريا، توزعوا كالآتي: 79 محالا في الوسط التجاري، 15 محالا في الحمرا، 12 محلا في الاشرفية، 10 محلات في فردان، و13 في مناطق أخرى، وهذا يعني ان خلال سنة واحدة اقفل 12 في المئة من المحال الراقية في وسط بيروت”.
واشار الى ان “كل محل يعيل 50 شخصا، محذرا من ان الاقفال سيكون له ضرر اجتماعي ومعيشي كبيرين”.
ودعا الى “إزالة التركيز عن الوسط التجاري، ونقل جلسات الحوار إذا لم يكن هناك من امكانية لعقدها الاحد الى عين التينة، على غرار حوار تيار المستقبل وحزب الله”.
وطالب الحراك الذي ايد مطالبه، “بضرورة ان يكون له وضوح بالرؤية”، لافتا الى ان “الامور بدأت تنحرف”، وقال: “الحراك يمكن ان يبدأ سلميا وينتهي بالاشتباك، وهذا ما بدأنا نراه”.