قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، خلال مأدبة تكريمية في القبيات: “نحن حرصاء على هذا اللبنان، لبنان العيش معا المسيحي المسلم بالمساواة، لبنان الميثاق والدستور والصيغة التي ميزته على كل بلدان الشرق الاوسط الذي يحترمونه جميعا، وحكام العالم العربي اكثر من يشيدوا بقيمة لبنان وموقعه وتميزه وتفرده وكذلك الحكام الغربيون يقولون بأن لبنان ارض الحرارة الانسانية، وهذا العيش الغني المسلم – المسيحي الذي عمره 1600 سنة، مسيحيين ومسلمين، خلق حضارة وثقافة مشتركة اسمها الاعتدال والانفتاح، ولو اننا محاطون بالتنظيمات الارهابية والتكفيرية لكن هذه لن تقتل الجوهر، هناك خطر ولكن ليس عندنا انما عند اخوتنا المعتدلين من المسلمين، ونحن قلناها للعالم الغربي: انكم بالشكل الذي تتعاطون فيه مع هذا الشرق باذكاء الحرب وبارسال السلاح والمال والمرتزقة والتحريض على الحرب انما تهدمون شيئا نحن بنيناه كمسيحيين مع المسلمين هو الاعتدال، وانتم من تحرضون بهذه الطريقة كل حركات التعصب والتكفير، ولكن انتم انما تلعبون بالنار وتعززون العنف والارهاب وتعتقدون بأن كرة النار تلعب فقط في منطقتنا؟ لكن كرة النار عندما تفلت تلتهم كل الناس”.
وأضاف: “بالرغم من كل شيء نحن نريد ان نحافظ على وجودنا هنا، واني اتوجه لكم كشباب وبخاصة كأهل: نريد ان نحافظ على اجيالنا الجديدة في لبنان وعلينا الا نخسر قوانا الحية وانتم تعرفون جيدا بأن مستقبل حياتكم بأولادكم، علينا ان نحاول ابقاء شبابنا واجيالنا الجديدة في هذا البلد والكنيسة تساعد والمجتمع الاهلي والبلديات علينا ان نخلق فرص عمل لشبابنا نعطيهم المجال كي يعيشوا في بلدهم بكرامة ونستطيع ان نصمد ونصبر لحين انتهاء هذه الزوبعة، وان ننحني امام العاصفة وتعبر الريح ولكن لن ننكسر وعلينا المحافظة على وجودنا وعلى اولادنا، على ارضنا بدون بيعها وندعو الا يقدم اي لبناني على بيع ارضه لا المسيحي ولا المسلم. انا لا يهمني المسيحي الفرنسي ان يقيم معي ما يهمني هو المسلم اللبناني ان نقيم معا، وانا قلت الفرنسي لانهم الاقرب الينا”.
وتابع الراعي: “انّ الثقافة والحضارة التي بنيناها معا انما بنيناها كمواطنين والغريب لا يحل محل اي مواطن، وان ما يحصل اليوم وكأنه حرب على ثقافتنا وحضارتنا نحن عبرنا وقت الحرب بهذه التجربة، والان مع الاسف تعبر فيها سوريا والعراق وفلسطين واليمن، يخسرون حضارتهم وثقافتهم ونحن مدركون لما هو حاصل”.
وأوضح انّ “كل الدول تقول اليوم بأنه يهمها حماية لبنان كدولة وكجمهورية وينادوننا كل يوم ان ننتخب رئيسا، ومسيحيو الشرق الاوسط يتطلعون الى مسيحيي لبنان كضمانة لهم، بمعنى، طالما المسيحيون في لبنان قادرون على ان يحافظوا على العيش مع المسلمين بدون نزاع وبالمساواة وفق الدستور والميثاق يعتبرون ان ضمانتهم مؤمنة للمستقبل. وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني في الارشاد الرسولي “هذا العيش معا المنظم بين المسيحيين والمسلمين في لبنان هو سيكون الباب الذي سيدخل منه هذا العيش النموذجي اللبناني الى العالم العربي من اجل خير العالم العربي” اذا، نحن لا يمكن لنا ان نتلاعب بوطننا ولا بتاريخنا، وهنا اتوجه الى كل السياسيين وبخاصة نواب الامة: نحن لا نستطيع ان ننزع من بالنا ابدا ابدا قيمة لبنان بالنسبة للمسلمين في الشرق الاوسط ولا قيمة لبنان بالنسبة للمسيحيين يعني لا يحق لنا بمعرفة او بدون معرفة التلاعب ببلد مرتبط به مصير المسيحيين في الشرق الاوسط ومصير العالم العربي ايضا”.
ولفت الراعي الى أنّه “في الغرب يكتبون اليوم عن صراع الاديان وعن صراع الثقافات والحضارات ويساعدون على الحروب، والمعروف اليوم الحرب بين السنة والشيعة، خراب ودمار يدمر ثقافتهم وحضارتهم وكل قيمة الحضارة العربية. نحن علينا التنبه الا نقع في مثل هذه الامور وعلينا في لبنان والشرق الاوسط ان نبرهن دائما عكس ما يجري الترويج له في الغرب، والعمل على تعزيز ثقافة العيش معا والتكاتف بين الديانات والثقافات والحضارات والا نؤخذ بالشعارات التي تطلق من هنا وهناك كمثال “بدنا نخلص من هذا النظام” علينا ان نفكر وان نحدد اين المشكلة”.
وختم: “هنا اوجه كلمتي للاخوة المتظاهرين: نحن معكم متضامنون ونبارك كل انتفاضة في هذا المجتمع ولكننا نريد ان يتم التوجه الى باب اساسي هو انتخاب رئيس للجمهورية. اما ان تطالب التظاهرات بالغاء النظام فهذا امر لا يمكننا قبوله وهو كلام خطير جدا وهدام دون ان يدركوا ذلك، وانا هنا لا اتهم المتظاهرين، اننا نعبر عن حبنا لهم، ونقدر خاصة الشباب الذين لهم عشرة ايام مضربين عن الطعام، الله يبارك بهم، ونقول لهم: انتم ابطال وان الكبار والشباب المتظاهرين ليلا نهارا في بيروت ليس امرا عابرا وكيفما اتفق، واقول لهم نحن معكم متضامنون ومقدرون لكم، ولكن علينا ان نصوب باتجاه الهدف الاساسي والباب الاساسي وهو انتخاب رئيس للجمهورية وبأسرع وقت”.