ضربت الازمة السياسية المحلية والاقليمية «ثالوث» الاقتصاد اللبناني الذهبي، العقار، السياحة والرساميل الوافدة.
وسجل اداء هذه القطاعات منذ العام 2011، ولتاريخه تراجعات متتالية بلغت الذروة في العام 2015.
القطاع السياحي فقد الكثير من جاذبيته، خصوصا مع استمرار غياب السياح العرب، لا سيما الخليجيين منهم، واضطراب الوضع الامني، في لبنان والمنطقة، اضافة الى الازمات السياسية المفتوحة التي وجهت رسائل سلبية الى الخارج.
القطاع العقاري تلقى ضربة قوية بعد ان توقفت الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع، وجمدت في المقابل الاستثمارات التي كانت قيد الانشاء. اضف الى ذلك غياب المستثمرين اللبنانيين المقيمين في الخارج، والمستثمرين العرب عن السوق العراقي فتراجعت عمليات البناء، كما البيع في هذا القطاع الى مستويات جد مرتفعة، ما ادى في المحصلة الى تراجع نشاط هذا القطاع منذ العام 2012، وحتى العام 2015 بنسبة 20 الى 25 في المئة، وتراجعت قيمة المبيعات العقارية من 12 و13 مليار دولار خلال العام 2008-2011 الى 7 و8 مليارات دولار في نهاية 2014.
في مقلب حجم الرساميل الوافدة الى لبنان فقد تراجعات هي الاخرى من حوالى 3،6 مليارات دولار في العام 2014 الى نحو 9،3 مليارات في اول 5 اشهر من العام 2015اي ما قيمته 3،2 مليار ليرة بما نسبته 37 في المئة، وهي النسبة الاعلى خلال السنوات الاخيرة.
وكانت الرساميل الوافدة الى لبنان بلغت 5،9 بليون دولار في 2009، و3،17 مليون دولار في العام 2010 و8،13 بليون دولار في العام 2011 و5،13 بليون دولار في العام 2012 و9،13 بليون دولار في العام 2013.
وشكلت تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الى لبنان 7 في المئة من اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر الى الدول العربية و8،4 في المئة من التدفقات الى منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا مقارنة مع 7 في المئة اجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر الى الدول العربية و9،3 في المئة الى منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
وشكلت هذه التدفقات 2،6 في المئة من الناتج المحلي وهي ثالث اعلى نسبة في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وشكلت 9،26 في المئة من اجمالي تكوين رأس المال الثابت وهي اعلى نسبة في العالم العربي والمنطقة.
وبحسب الاحصاءات المتوافرة فان اجمالي الاستثمارات الوافدة الى لبنان تراجع خلال الفترة 2012-2017بنسبة 5،20 في المئة، ما اثّر على تراجع واضح في فرص العمل من جهة وعلى المشاريع التي تخلق نموا في النشاط الاقتصادي المضروب في مثلثه الاساسي للنمو الاقتصادي في البلاد.
اما بخصوص الاستثمارات الاجنبية المباشرة، والتي غالبا ما يختلف تقدير حجمها بشكل كبير بين مصدر واخر، اجمعت تقارير عدة على انخفاض تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة الى لبنان في السنوات الاخيرة نتيجة الضغوط على الصعيدين الداخلي والاقليمي. وكان تقرير «الاونكتاد» منظمة الامم المتحدة للتجارة والتنمية، الاخير حول الاستثمارات في العالم قد اشار الى ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة الصافية الوافدة الى لبنان تراجعت الى حوالى 1،2 مليار دولار في العام 2013. (5،4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي). بحسب اخر المعطيات المتوافرة، مقابل 1،3 مليارات دولار في العام 2012، في حين بلغت الاستثمارات الاجنبية المتدفقة 8،2 مليار دولار في العام 2015 (0،6 في المئة من الناتج) مقابل حوالى 7،3 مليارات دولار في العام 2012. ويشار الى ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة تموّل عادة جزءاً كبيراً من عجز الحساب الجاري، وهي تتركز في معظمها في القطاع العقاري، ما يجعلها تختلف عن طبيعة الاستثمارات الاجنبية المباشرة في كثير من دول ناشئة مماثلة، حيث تكون متنوعة وتطال قطاعات اقتصادية عدة.
في المحصلة وللسنة الرابعة على التوالي، لم تستطع المداخيل الوافدة الصافية حتى نهاية العام 2014، خلال الفترة المنصرمة من العام 2015، الى تغطية العجز في ميزان الحساب الجاري، بعكس المنحى الذي كان سائداً في فترة 2002 – 2010. ويعود ذلك لاسباب عدة، منها بقاء الواردات السلعية عند مستوى مرتفع نسبيا، ومنها ما يتعلق بالاوضاع السياسية المتشنجة في لبنان والتطورات في سوريا وتأثيرها سلباً على السياحة والتصدير، اي ايضاً على الحساب الجاري، من جهة وعلى حساب رأس المال الذي يتضمن الاستثمارات الاجنبية المباشرة من جهة اخرى.