Site icon IMLebanon

16 أيلول..اختبار “ليّ اذرع”!

manifestation-DT-3

 

رأت صحيفة “النهار” ان المواجهة الحادة التي جرت فصولها تدرجاً وتصاعدياً لتتسع لاحقاً الى دخول عامل “حزبي” ولو من دون قرار مسبق على خط الصدام شكلت المواجهة الأشد عنفاً وحدة بعد المحطة الصدامية الاولى بين القوى الامنية والتحرك الاحتجاجي في بداياته.

وقالت الصحيفة: “محطة 16 أيلول تفوقت على سابقتها في 22 آب بتصاعد المواجهة وارتفاع عدد الموقوفين الى حدود 40 موقوفاً من المتظاهرين اطلقوا جميهم مساء من دون امكان ضمان عدم تجدد المواجهات ما دامت مواجهة البارحة عكست أمرين متلازمين: الأول تصاعد التوتر والاحتقان الى ذروة غير مسبوقة لدى فريقي المواجهة بعد مرور اكثر من 25 يوماً باتت معها قوى الامن الداخلي والتحرك الاحتجاجي وجهاً لوجه في يوميات الزوغان في عقم المعالجات الرسمية والسياسية للقضايا الاساسية التي كانت في اساس اشعال التحرك الاحتجاجي وفي مقدمها ازمة النفايات.

واذا كانت قوى الأمن لجأت أمس الى تشديد القبضة وجنحت الى الخشونة والافراط في العنف في مطاردات المتظاهرين، فإن ذلك لم يحجب اتباع شرائح عدة من المتظاهرين اساليب مثيرة للاستفزازت لاستدراج القوى الامنية الى الخشونة وتوظيف ذلك في اذكاء التحرك.

أما الأمر الآخر فيتمثل في تصاعد المخاوف من ان تتخذ هذه الدوامة طابعاً مستداماً وسط كر وفر لا نهاية وشيكة له مما يزيد الاخطار على انفتاح البلاد على مرحلة اهتزازات أمنية متواصلة مع ما يعنيه ذلك من زيادة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، خصوصاً ان فريقي المواجهة، أي السلطة السياسية والتحرك الاحتجاجي، يكادان يتقاسمان دوامة العجز بعد اختبار ليّ الاذرع طوال الاسابيع الاخيرة من دون اي نتائج حاسمة او مقاربات مشتركة للمعالجات.

في أي حال، كادت المواجهة التي حصلت أمس تحجب الانظار والاهتمام تماماً عن مجريات الجولة الثانية من الحوار نظراً الى انفراط التماسك والهدوء اللذين طبعاً بدايات الاعتصام قرب مبنى “النهار” على نحو مفاجئ اشتعلت معه المواجهة بعنف عقب مناوشات بين المتظاهرين وقوى الامن اندفعت على اثرها هذه القوى في صدام واسع مع المتظاهرين واستعملت الهراوات واصيب عدد كبير في صفوف الفريقين فيما جردت القوى الامنية حملة توقيفات واسعة في صفوف المتظاهرين.

وبرزت المفاجأة الأخرى في صدام حصل قبالة مبنى اللعازرية، حيث أقدمت مجموعة من الشبان على الاعتداء على خيم المضربين عن الطعام من التحرك المدني اثر توجيه متظاهرين شتائم وعبارات نابية الى رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر محطات تلفزيونية.

وتسبب الاعتداء بعراك وهرج ومرج بين المهاجمين الذين تبين أنهم من انصار حركة “أمل” والمعتصمين الى ان تمكنت قوى الامن من الفصل بينهم. ونفت حركة “امل” علاقتها بما جرى لكنها احتفظت بحقها في اللجوء الى القضاء لملاحقة من وجّه كلاماً نابياً الى الرئيس بري.

صحيفة “السفير” اعتبرت أن ما جرى البارحة في الشوارع المحيطة بساحة النجمة من اعتداءات واسعة وموصوفة طالت المنخرطين في الحراك المدني، هو سلوك لا يمتّ بصلة الى منطق الدولة والقانون، بل يستعيد تقاليد الأنظمة البوليسية التي كان يُفترض أن صفحتها قد طويت.

وإذا كانت القوى الامنية قد قصدت من رفع منسوب القمع احتواء الشارع وضبطه على توقيت ساعة السلطة، إلا ان النتيجة أتت عكسية على الارض، إذ ان جرعات العنف الزائد أعادت شد عصب الحراك وتوحيد صفوفه بعد التباينات التي سادت أخيرا بين الحملات المكوّنة له. وبدا واضحا ان ما حصل لم يكن مجرد رد فعل من قوى الامن على استفزاز من هنا أو هناك، بل هو أقرب الى سيناريو معد سلفا ومخطط له عن سابق تصور وتصميم.

وأضافت: “كل شيء كان يدل على «نية مبيتة» لدى أجهزة السلطة، من الإفراط في استعمال العنف الذي لا يسوّغه أي مبرر مقنع، الى التصويب على «أهداف منتقاة» عبر توقيف بعض النشطاء ـ المفاتيح”، معتبرة أنه «كمين» 16 أيلول الذي كان يرمي الى «إجهاض» الحراك في وضح النهار.

ولعله يمكن لهذا الحراك أن يضيف الى إنجازاته السابقة، واحدا إضافيا، وهو انه نجا من الكمين المحكم، وأكثر من ذلك، استطاع أن يفرض إطلاق سراح جميع الموقوفين، مع حلول المساء، ليربح جولة جديدة في معركة طويلة.

وأفادت بعض المعلومات انه، خلافاً للتعليمات التي واكبت الحراك المدني منذ انطلاقته في الشارع، صدرت أمس أوامر واضحة الى القطعات المعنية في الأمن الداخلي بتوقيف من تصنفهم القيادة بـ«مثيري الشغب والفوضى والمعتدين على القوى الامنية»، واستعمال الحزم في ضبط الشارع ومنع إقفال الطرق ومعترضي المواكب، ولو بالقوة.

ووفق المعلومات، سبق أن جرى رصد بعض الوجوه التي صُنّفت في خانة «الوجوه المحرّضة على الشغب» حتى أصبح لدى الاجهزة الامنية «داتا» في هذا الشأن، وهذا ما يفسّر أن التوقيفات طالت متظاهرين محدّدين.

ولئن كان المحتجون في الشارع قد اكتسبوا شيئا من المناعة في مواجهة القمع الرسمي، إلا ان الاختبار الاصعب، ربما، الذي تعرضوا له أمس، تمثل في محاولة استدراجهم الى مواجهة جانبية مع مجموعات هاجمت مكان الاعتصام والتظاهر في ساحة الشهداء ردا على تعرض أحدهم للرئيس نبيه بري، الأمر الذي كاد يقود الى المحظور، لولا تمكن الطرفين من احتواء “الاشتباك”.
صحيفة “الأخبار” اعتبرت انه ابتداءً من يوم أمس، دخل تعامل قوى الأمن الداخلي مع التحركات الاحتجاجية مرحلة جديدة، عنوانها القمع. وهذا القمع ليس وليد حادثة “ميدانية”، بل نتيجة قرار، جرى التمهيد له عبر سياسيين وبيان أمني صدر يوم الأحد الماضي.

وقالت: “القمع الذي مارسته الأجهزة الأمنية أمس بحق المتظاهرين في ساحة الشهداء، لم يكن وليد لحظته، بل هو نتيجة قرار سياسي ــ أمني، جرى التمهيد له خلال الأيام الماضية. النائب وليد جنبلاط، على عادته، كان أكثر أهل النظام صراحة. على طريقته، حذّر من تحوّل الحراك إلى مشكلة أمنية في البلاد. أما تيار المستقبل، فتولى عبر قوى الأمن الداخلي، تنفيذ القمع، وتغطيته من خلال وزير الداخلية نهاد المشنوق مدعوماً من تياره السياسي.

بدوره، أكد مرجع أمني لـ«الجمهورية» أنّ ما قامت به قوى الأمن الداخلي أمس لم يخرج عمّا هو قانوني ومسموح به في مثل الحالات التي عاشتها بيروت، ومحاولات قيادة البلاد إلى فوضى مرفوضة.

وقال: “إنّ على الجميع ان لا ينسى انّ مهمّة قوى الأمن حماية المعتصمين والمتظاهرين، وحماية النظام العام والمؤسسات العامة ورجال الدولة والمؤسسات، ولذلك فهي فعَلت ما يجب بهدف تأمين وصول المدعوّين الى هيئة الحوار في ساحة النجمة والخروج منها بسلام، وعملت على منع المشاغبين من قطعِ الطرق الرئيسية أو إعاقة الطريق أمامهم”.

واعتبَر المرجع “أنّ الإجراءات التي نُفّذت امس كانت مقبولة وهدفَت الى حماية المتظاهرين طالما بقوا مسالمين، لكنّهم عندما تعرّضوا للقوى الأمنية بالشتائم والسباب والضرب، تعاطت معهم القوى الأمنية بالوسائل الممكنة لرَدّهم، وإنْ رافقَها بعض العنف، فلأنّ بعض المشاغبين مارسَ أقصى ما يمتلك من قوّة، إنّما ما جرى كان قانونياً مئة في المئة”.

ولفتَ المرجع الى أنّ “حصيلة اليوم الأمني في وسط بيروت من التوقيفات بلغَت أكثر من 40 موقوفاً بجرائم مختلفة معظمها موثّق، وقد تمّ ارتكابها بإرادة وتصميم مسبقَين ولم تستدرج القوى الأمنية أيّاً منهم الى العنف، وهي مارست أقصى درجات ضبط النفس ورباطة الجأش ولم تتصرّف خارج ما تقول به القوانين”.

وأكد المرجع “أنّ صريخ البعض وعويله لا يخيفان القوى الأمنية ولا يدفعان الى اعتبار ممارساتها بأنّها قمعية بمقدار ما كانت مناسبة لمواجهة الأمر الواقع، على رغم سعي البعض الى استثمارها إعلامياً وتلفزيونياً وتصويرها ممارسات قمعية غريبة عن واقع الأمور”.

ولفتَ المرجع المذكور الى “أنّه وعلى رغم ما حصل، فإنّ مخاوفَنا من استغلال الحراك الشعبي لأهداف سلبية تسيء الى سلامة البلاد والعباد ما زالت موجودة ولا يمكن نفيُها، لكنّنا بالمرصاد لكلّ من يحاول استغلال الحراك الشعبي وسنَعمل على منعه من ذلك بقدر ما نمتلك من إمكانات”.

وقال المرجع: “إنّ حصيلة الإصابات في عناصر قوى الأمن ومكافحة الشغب تجاوزت الإصابات العشرة، وإصاباتهم طفيفة ويخضعون للعلاج المناسب، وقد عاد بعضهم الى الخدمة الفعلية”.