أطلق بعض من أكبر الأسماء في الحي المالي في لندن نداء شاملا للحكومة والشركات الكبيرة، من أجل اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة أزمة المهاجرين المُتفاقمة.
في آخر نقاش شهري على الإنترنت بين شبكة FT City، وهي مجموعة من أكثر من 50 مموّلا ورجل أعمال، دعا أكثر من عشرة أعضاء الحكومة إلى استقبال المهاجرين بشكل طوعي أكثر، والشركات إلى توفير فرص العمل لهم، ليس فقط لأسباب إنسانية، بل أيضاً للمساعدة على حل مشكلة نقص المهارات الحاد في المملكة المتحدة.
في الوقت الذي تتعرض فيه الحكومات في أوروبا للضغط من أجل التصرّف، سُئل الأعضاء، ماذا ينبغي أن يفعل مجتمع الأعمال للتخفيف من الأزمة؟ إليكم بعضا من إجاباتهم:
السير وين بيستشوف، من مجلس التقارير المالية:
“الشركات الكبيرة”، كما تدعوها، ليس لها دور مباشر لتلعبه في هذه الأزمة. مع ذلك، جميعنا نعرف مدى النقص في العمالة الماهرة، التي تقول بعض الشركات إنها تعانيه.
إن بإمكانها وضع قائمة بالمهارات التي تبحث عنها، ولكل لاجئ تأخذه يتمتع بالمهارات المطلوبة، لن يضطروا إلى مواجهة اختبارات الهجرة والجنسية العادية. في المقابل، قد تُلزم الشركات نفسها بأخذ لاجئ إضافي لا يتمتع بالمهارات المطلوبة، وتوافق على تدريبه لمدة عام، مثلاً، لتوفير مهارة ما أو لرفعها.
توفير فرص العمل، وتوسيع المهارات، وتلبية النقص، لا يُعتبر عبئا على وزير المالية أو دافع الضرائب، في حين إنه يقدّم المساعدة أثناء الأزمة.
تيجين ثيام، بنك كريدي سويس:
على المدى القصير وعلى المستوى التكتيكي، تستطيع الشركات الكبيرة القيام بثلاثة أشياء على الأقل: توفير فرص العمل للمهاجرين، ودعم الجمعيات الخيرية التي تعمل بجِد لمعالجة هذه المأساة، وبذل كل ما في وسعها لتشجيع موظفيها كأفراد ومواطنين على المشاركة. كثير من الشركات يفعل بعض ذلك أو جميع ما ذُكر أعلاه ولا ينبغي الاستهانة بذلك – فجهود الشركات الكبيرة الخيرية يغلب عليها أن تكون كبيرة جداً في هذه الأيام.
على مستوى أكثر استراتيجية، أعتقد أنه يتعيّن على الشركات الكبيرة مواصلة الضغط على المجتمع المدني، فيما يتعلّق بقضايا مثل نقص المهارات وعجز التركيبة السكانية التي في خطر أن تطغى على أوروبا؛ ويستطيع المرء رؤية ذلك إلى حد ما في ردود الفعل المختلفة من ألمانيا وبريطانيا للأزمة.
حقيقة إن ألمانيا هي أدنى من هدف معدل مواليد الاستبدال والمملكة المتحدة ليست كذلك، كان لها أثر ملحوظ في النقاش يتجاوز المواقف الاجتماعية والثقافية للهجرة السائدة في هذه البلدان. أشعر بالحماسة من رد فعل ألمانيا، لأني أعتقد أنها تُرسل رسالة إيجابية حول مستقبل التركيبة السكانية في أوروبا.
من الواضح أن القضايا الجغرافية السياسية الأكبر للسياسة الخارجية، والحرب والهجرة التي تكمُن وراء الأزمة تتجاوز اختصاص الشركات المباشر لمعالجتها، مهما كانت وجهات النظر التي قد يملكها رجال الأعمال عنها.
مع ذلك، ينبغي لزعماء الأعمال الاستمرار في ترويج أفكار حرية انتقال السلع، ورأس المال والخدمات، الأمر الذي سيؤدي إلى النمو وخلق فرص العمل التي ستُبقي المهاجرين في الداخل وجعلهم سيّاحا بدلاً من مهاجرين.
يجب أن تواصل الشركات الكبيرة العمل الجاد لخلق اقتصاد عالمي أكثر انفتاحاً ونشر الرخاء، وهو الجواب الحقيقي الوحيد على المدى الطويل لهذه الأزمة.
الليدي أليسون كارنواث، من وكالة لاند للأوراق المالية:
أنا أرى هذا التحدي أساساً كقضية مجتمعية تتطلّب استجابة إنسانية وسياسية. السياسة بحاجة إلى الاتحاد ومن الواضح أنه داخل أوروبا، هذه القضية تُضيف إلى قائمة قضايا أخرى عديدة تتطلّب حكما أسرع وأفضل.
السياسيون يستجيبون بشكل فردي، ووسائل الإعلام تُحلّل الأسباب والنتائج المُترتبة على الهجرة، والشركات ستنظر لترى كيف ستؤثر في طريقة عملها.
الشركات تريد أن يُنظر إليها على أنها أكثر تعاطفاً وربما ستستخدم لغة تعكس هذا وقد تقوم بتكييف أنشطتها الخيرية. الشركات قد تجد الفرص لتدريب وتحسين مهاراتها – خاصة أن صناعة البناء تنقصها العمالة بشكل يُرثى له.
على الهامش، يُمكن تحسين التنوّع. من السابق لأوانه القول ما إذا كانت ستكون هناك تغييرات جوهرية على تكلفة العمال أو التركيبة السكانية. نهج الشركات ينبغي أن يكون مدروسا وكصوت ينبغي استخدام نفوذها لحثّ الحكومة على توفير استجابة متناغمة ورحيمة – هذا صعب مع محاولات كاميرون إعادة التفاوض في الوقت الحالي.
سايمون ووكر، معهد المديرين:
زعماء الأعمال، جنباً إلى جنب مع بقية الشعب البريطاني، تأثّروا بشدة من أزمة اللاجئين، بالتالي فإن كثيرا من أعضائنا سيُرحّبون بتحرّك الحكومة لأسباب إنسانية واضحة.
كما نُدرك أيضاً أن هناك عملا إيجابيا ومنطقا اقتصاديا من إدخال اللاجئين. تاريخياً، ضحايا النزاع – من البروتستانت الفرنسيين إلى اليهود الذين هربوا من وحشية النازية، واللاجئين بعد سحق الثورة المجرية عام 1956 – قدّموا مساهمة قيّمة إلى المجتمع. إذا كان أحدهم يميل إلى التفاؤل، عندها فإن استقبال أشخاص على استعداد للاندماج والعمل بجِد، لإعادة بناء حياتهم في أي مجتمع سيكون في النهاية بمثابة إيجابية اقتصادية.
بعد مرور جيل، قد تتذكر بريطانيا اللاجئين من سورية، كما تتذكّر الآن الآسيويين اليوغنديين الذين طردهم عيدي أمين، وتُشيد بالديناميكية والتصميم الذي أضافوه إلى مجتمعنا. هذا هو السبب الرئيسي لأي لفتة إنسانية، لكنها قد تعتبر بمثابة فائدة إضافية.
هناك بلا شك نقص في المهارات، وفي بعض المجالات، هناك أيضاً نقص في التحفيز. الفرصة لتوظيف الناس، وكثير منهم يُعاني ظروفا صعبة، يُمكن أن يمنح الشركات موظفين مُخلصين وقادرين بمستوى أولئك الذين دخلوا بريطانيا بعد الانتفاضة المجرية. دعم الجمعيات الخيرية والمنظمات التي تُساعد اللاجئين سيُظهر أن الشركات الكبيرة “تقوم بدورها”، ويُمكن أن يُساعد الشركات على تحميس القوة العاملة الحالية.
اللاجئون اليوغسلافيون الذين استقروا في الدنمارك في التسعينيات، مثل الكوبيين الذين نُقلوا إلى فلوريدا بعد تولي كاسترو السلطة، جلبوا موظفين ذوي مهارات منخفضة، لكنهم في المقابل يتمتّعون بإنتاجية عالية. كذلك علينا ألا ننسى أن ستيف جوبز كان ابن مهاجر سوري.
روبرت سوانيل، متجر ماركس آند سبنسر:
كثير من المنظمات الرائعة مُجهّز وذاو خبرة بشكل مناسب لدعم قضايا اللاجئين والمهاجرين المرّوعة بحق، وفهم القضايا بشكل أفضل مما يُمكن أن تفعل معظم الشركات وحدها.
ينبغي أن تكون لدى الشركات قيم وأهداف جوهرية أصيلة وتبقى وفية لها. إنه العمل المُستدام هو الذي يُحدث الفرق فعلاً. إذا كانت مساعدة اللاجئين والمهاجرين هي جزء من ذلك الهدف الجوهري، سواء في المملكة المتحدة أو في أجزاء أخرى من العالم، عندها بالطبع، فإن تلك الشركات ينبغي أن تستمر في المساعدة، ومما لا شك فيه مُضاعفة جهودها، كذلك في ذلك الاتجاه.
هناك كثير من القضايا الجيدة ومناطق حرمان عديدة لا يتم عرضها جميعها على شاشات التلفزيون. هناك خطر مع أي قضية تستولي على اهتمام الرأي العام أن الجميع، مثل الأطفال في ملعب كرة القدم، يركض وحده ولا يرى ما يدور حوله. في العام الماضي، فيروس إيبولا كان على شاشات التلفزيون يومياً. وعرف الناس أين تقع ليبيريا وغينيا وسيراليون على الخريطة. الناس يعطون بسخاء، لكن فيروس إيبولا كان مجرد عبء إضافي قاتم في ليبيريا، وهي بلاد تحاول بجِد بناء نفسها بعد أعوام من الصراع.
على الرغم من الجهود الكبيرة، 50 في المائة من السكان الأطفال في ليبيريا يعانون سوء التغذية، و10 آلاف طفل يموتون من سوء التغذية المُزمن كل عام و80 في المائة من العائلات تعيش تحت خط الفقر. منظمة اليونيسف تعمل مع الحكومة الليبيرية في محاولة للقضاء على سوء التغذية لدى الأطفال في ليبيريا.
كم عدد الأشخاص والشركات الذين لا يزالون يحاولون المساعدة في شأن هذه القضايا وغيرها من القضايا في ليبيريا الآن، بعد اختفاء ذعر فيروس إيبولا من على شاشات التلفزيون الخاصة بنا؟ كم منهم لا يزال يهتم؟