أكّدت مصادر المجتمعين على طاولة الحوار التي جمعت ممثلي حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة لصحيفة ”الأخبار” أن “ممثلي التيار أبدوا انفتاحاً على ضرورة حلّ أزمة الترقيات العسكرية وفق التسوية التي طرحها النائب وليد جنبلاط عبر الوزير وائل أبو فاعور أخيراً، وبمساعدة من السفير الأميركي ديفيد هيل، والتي تبدو الأقرب إلى التنفيذ بسبب استنادها إلى قانون الدفاع. ويقضي الاقتراح الأخير لجنبلاط بتطبيق قانون الدفاع الذي يحدّد ملاك الجيش من الضباط برتبة لواء بثمانية، وهم الآن خمسة أعضاء في المجلس العسكري، ما يعني إمكانية ترفيع ثلاثة عمداء إلى رتبة لواء، ومن بينهم روكز.
وقالت المصادر إن “مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري عبّر عن إيجابية في التعاطي مع المسألة، لكّنه لم يقدّم جواباً حاسماً، وإن البحث تمّ تحت عنوان تشجيع النائب ميشال عون على الانخراط بفعالية في العمل الحكومي”.
من جهته، يشدّد جنبلاط على ضرورة عدم إقصاء روكز من نادي المرشحين لقيادة الجيش، على قاعدة أنه لا يجوز أن “يحرق المستقبل كلّ الأوراق”، ويشير بذلك إلى أنه “في حال تم تسريح روكز ولم يتمكن المستقبل من دعم وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، يكون بذلك قد تمّ حرمان عون من قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية”. لذلك، ينصح جنبلاط بترقية روكز لإبقاء ورقته جاهزة في حال تمّت تسوية رئاسة الجمهورية على حسابه، فيتمّ إرضاؤه بتعيين صهره قائداً للجيش. وفيما يحيّد برّي نفسه عن الدخول في التفاوض ويكرّر أنه لا يعارض أي تسوية، خصوصاً أن “الحلّ الأخير قانوني”، يقف حزب الله خلف خيارات عون، من دون أن يلعب دوراً أكبر في المفاوضات.
إلّا أن سليمان أكّد ويؤكّد معارضته التسوية. وعبّر مقبل أمس عن موقف سليمان ومن معه بشكل واضح، بأنه “غير موافق على الطريقة المعتمدة في ملف الترقيات العسكرية، والتسويات السياسية المستغلة لهذا الموضوع”، مشيراً إلى أنها “تخلق بلبلة بين الضباط”. وقال: “إذا وافق جميع القوى السياسية على هذه التسوية، يمكن طرح العملية على مجلس الوزراء كي يتخذ القرار المناسب، ولكن أؤكد أننا في كتلة الرئيس ميشال سليمان ضد هذه العملية”.
وفي المعلومات أن سليمان ومقبل يشيعان أن الأزمة هي في اختيار العمداء الذين سيجري ترفيعهم، ويتذرعان بأن هناك عدداً كبيراً من العمداء الذين يطالبون بترقيتهم، وأن روكز ترتيبه بين العمداء من الذين يحقّ لهم الترقية هو 13. إلّا أن مصادر معنية أكّدت لـ”الأخبار” أن سليمان يحاول تسويق العميد وديع الغفري المحسوب عليه، وكذلك العميد مارون حتي للحصول على الترقية، ورميهما في وجه ترقية روكز.
إلّا أن اعتراضات سليمان ومقبل تُكَمّلها الحملة التي بدأها قهوجي قبل أيام. ففي الوقت الذي يحتاج فيه قهوجي إلى تسوية تضفي شرعية على التمديد غير القانوني له ومصلحته أن يُحصّل موافقة جميع القوى السياسية، وتحلّ مشكلة المجلس العسكري الحالية وتنتج مجلساً عسكرياً أصيلاً، أجرى قهوجي سلسلة اتصالات في الأيام الماضية مبلغاً عدداً من السياسيين والسفير الأميركي أن “تسوية الترقيات تُخرب الجيش”. وتقول المصادر إن قهوجي أبلغ جنبلاط قبل أيام موافقته على التسوية، ثمّ عاد أول من أمس وغيّر رأيه، علماً بأنه سيقوم غداً بسابقة استدعاء ضابط من الاحتياط، هو مدير المخابرات إدمون فاضل.
وبحسب أكثر من مصدر، فإن روكز لم يقدّم موافقته على أيّ من الاقتراحات السابقة والحالية، لكنّه أكد أنه لا يقبل أن يبقى في الجيش من دون عمل. وتم التوصّل إلى اقتراح قبل أيام بالتعاون مع هيل، يقضي بإنشاء “وحدات نخبة” في الجيش يقودها روكز، وقوبلت باعتراض من قهوجي، لأنه “يؤسّس لجيش ثان”. مصادر وزارية في قوى 8 آذار تستغرب عدم الوصول إلى التسوية المطلوبة، التي تؤمّن تسهيل عمل الحكومة، في ظلّ موافقة غالبية الأطراف، خصوصاً أن “قهوجي يقول إنه لا يمانع إذا كان هناك غطاء سياسي”، فيما تقول مصادر أخرى إن “تيار المستقبل يقول إنه لا مشكلة لديه، بينما يتلطّى خلف موقف قهوجي وسليمان”.
ويبعث التباين في المواقف الذي ظهر بين موقفي النائبين سمير الجسر وأحمد فتفت على الشكّ في موقف المستقبل الحقيقي، إذ أكّد الجسر أن القوى السياسية لا تمانع، متحدّثاً بإيجابية عن التسوية، فيما حسم فتفت رفض التيار وقوى 14 لمفاوضات جنبلاط.
الى ذلك، أكدت مصادر مطلعة لصحيفة ”اللواء” أن هناك صيغة جدية مطروحة لترفيع الضباط في الجيش أو التمديد لهم، لا تحتاج إلى قانون في مجلس النواب بل إلى قرار في مجلس الوزراء.
وقالت أن المعطيات المتوافرة حول هذه الصيغة تبدو مشجعة، إلا أن وصولها إلى نهاية سعيدة يحتاج إلى مزيد من البحث، انطلاقاً من الأفكار التي طرحت في الجلسة الأخيرة لطاولة الحوار، والتي أكدت على ضرورة دعم الحكومة وعودتها الىالعمل.
وسبق هذه المعلومات، تأكيد مصدر وزاري لـ”اللواء” بأن الاتصالات الجارية في شأن موضوع الترقيات العسكرية ما تزال “معقدة”، كاشفاً بأن قيادة الجيش ترفض هذا الأمر، لأنه في تقديرها ستؤدي إلى اختلال في صفوف الضباط، حيث أن هناك 17 عميداً يتقدمون على العميد شامل روكز أقدمية.
وقال أنه في حال قيل أن هناك سوابق تمّ خلالها تعيينات في قيادة الجيش، وكانوا برتبة أقل مما هو مطلوب، فهذه استثناءات لتعيين قائد للجيش وليس للترقية.
من جهتها، اعلنت مصادر وزارية لصحيفة ”الجمهورية” “إنّ أيّ تفاهمات جانبية لا تلزم إلّا أصحابها وإنّ أيّ حديث عن تسوية لترقيات العمداء في الجيش إلى رتبة لواء لا بد أن يخضع الى ميزان الشفافية وتكافؤ الفرَص بين جميع الضبّاط واستبعاد اعتباره قراراً أو مرسوماً لمصالح فردية وبهدف معلن يمسّ تركيبة المؤسسة العسكرية وهيكليتها.
ولفت مصدر وزاري معني لصحيفة ”المستقبل” أنّ ما تردد في بعض وسائل الإعلام عن حصول “تقدم كبير” في موضوع إنجاز ملف الترقيات العسكرية إنما هو توصيف “غير دقيق”، مؤكداً أنّ الملف لا يزال على نار “باردة” بسبب سلسلة اعتراضات تحول دون نضوجه أبرزها من المؤسسة العسكرية المعنيّة الرئيسية بهذا الموضوع “لما له من محاذير وانعكاسات قد تؤثر على البنية الهرمية للجيش”.
غير أنّ المصدر الوزاري استدرك بالإشارة إلى أنّ “البرودة الحاصلة على صعيد مقاربة هذا الملف لا تعني أنّ التوافق بشأنه وصل إلى طريق مسدود”، ملمحاً في هذا السياق إلى إمكانية اعتماد “صيغة الثمانية ألوية لكن ضمن إطار مختلف يشمل تبديلاً في المواقع” مع تأكيده “الحاجة إلى مزيد من الوقت لبلورة الأمور”