كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
يهتم الموفد الدولي لحل الازمة السورية ستيفان دي ميستورا في هذه المرحلة بتنفيذ خطته، لاسيما في ما يتعلق بالعمل لانعقاد مجموعات العمل الاربع التي اوصى بتشكيلها.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، ان مشاكل متنوعة تمنع انعقاد مجموعات العمل الاربع، في مقدمها تحديد المشاركين من الفريقين السوريين، والاطراف التي ستتم دعوتها كجهات دولية او دول، فضلاً عن جدول الاعمال وبنوده. الا انه من المتوقع ان تعقد في الخريف المقبل وهو الامر الذي يتم السعي اليه.
الموفد الدولي، يريد توسيع تمثيل المعارضة في مجموعات العمل لتضم كل الاطياف، ولا يريد حصرها بجهات محددة من بينها، لكي تكون اكثر تمثيلاً. واذا تلاشت التعقيدات فان عمل المجموعات سيقلع في الخريف، لكن ذلك لا يعني ان حل الملف السوري بات قريباً. ذلك انه لا يوجد تقدم فعلي لا على الارض، ولا في المباحثات الدولية حول سوريا، لكي تسهل مهمة دي ميستورا.
انها مرحلة من تقطيع الوقت في انتظار ان يستجد مناخ دولي اقليمي ملائم لحل ما، وتكون كل الاطراف السورية وغير السورية جاهزة لهذا الحل. الآن لا يزال الوضع يؤكد ان الصراع على اوجه، وان التصعيد قائم لاسيما مع النظام بدعم روسي عسكري بات واضحاً اكثر من اي وقت مضى، وهو كان قائماً وليس جديداً، انما الآن بات معلناً وصريحاً. هذا عدا عن الدعم الايراني العسكري. ويأتي هذا التصعيد، في اطار ان موسكو لن تقبل بسقوط النظام ورئيسه، قبل ان تتأكد من البديل. موسكو الآن لا ترى ما هو البديل. وهي ترى ان عليها حماية مصالحها في سوريا اولاً، عند حصول اي تغيير، ثم انها تسعى لكي تكون ظروف الانتقال في السلطة تناسبها، وتريد ان تحفظ مكاناً ما للنظام في اي تسوية. وبالتالي، لن تسمح بسقوطه ما دامت الظروف الحالية على حالها. هذا الصراع يعقد مهمة دي ميستورا، وتباعد المواقف الدولية حول سوريا ينعكس سلباً عليها. موسكو اذاً تسعى في تحركها العسكري الى ان لا يسقط النظام قبل ان يتم ايجاد حل، لأن سقوطه الآن، من شأنه اسقاط كل العناصر الراهنة التي يتكون منها الحل المطروح عبر وثيقة جنيف، ولو ان لا اتفاق دولياً حول تفسيرها. لذلك دعم النظام يُبقي له على حصة في اي حل محتمل في وقت لاحق.
دي ميستورا يمكنه تسهيل الحل المطروح عبر اتصالاته ومشاوراته، والافكار التي يطرحها، لكنه لا يستطيع ان يخلق الحل. فلا سلاح في يده ولا مال، ولا قدرة لديه على الضغط والاقناع. لكن اذا توافرت الظروف المؤاتية والمساعدة للحل، يمكنه ان يسهل. وهذا لا ينطبق فقط على دي ميستورا، انما على كل موفد دولي للحل في اي بقعة صراع.
الموقف الروسي في المسألة السورية كانت له خصوصيته دائماً. روسيا تعتبر انها على استعداد للبحث بالبديل عن النظام، لكنها تريد ان تعرف ما هو البديل، ولن يصلوا الى مرحلة القبول ببديل له، الا عندما يصلون فعلا الى معرفة من سيأتي بعده. وهي تعتبر ان موقفها لا يعرقل التوصل الى تسوية. انما الغرب يعتبر ان ذلك يعرقل التسوية، لذلك يضغط في كل الاتجاهات لتوفير حل وفق جنيف.
ولاحظت المصادر، ان الرئيس السوري بشار الاسد ضرب الحل الذي طرحه دي ميستورا من اساسه بقوله اخيراً، ان التسوية بعد القضاء على الارهاب. في حين ان طرح دي ميستورا يعني انه بالامكان البحث بالحل السياسي بالتوازي مع مكافحة الارهاب. ويبدو ان الاسد يستقوي بموقفه هذا من روسيا، مع انه لا يمكنه ان يستمر وان يحكم سوريا بهذه الطريقة، بعد كل الذي حصل. التسوية حول سوريا ستحصل في وقت ما، لكن لا احد يدري تفاصيلها النهائية منذ الآن.
الاسد يريد ان يكون جزءاً من الحل في سوريا، وجزءاً من مستقبل سوريا. وتكشف المصادر انه بات لدى المجتمع الدولي قناعة بأن الاسد يمكن ان يكون جزءاً من الحل، على اساس ان يبقى في الحكم بطريقة ما ولفترة محددة انما من دون صلاحيات. ولديه قناعة، اي المجتمع الدولي، أن الاسد لن يكون جزءاً من مستقبل سوريا. بينما هو يريد الاثنين.
روسيا لا تزال تدافع عنه حتى النهاية، على الرغم من انها لا تقول ذلك صراحة. هذا ما تجلى ايضاً في موقف موسكو في مجلس الامن لدى البحث في آلية عمل لجنة تحميل المسؤولية عن السلاح الكيماوي في سوريا. وسعت موسكو الى تفريغ اللجنة من معناها، والى ان يستطيع النظام السيطرة على تقاريرها.