IMLebanon

المصارف البريطانية تتعلم التعايش مع قواعد ما بعد الأزمة

BritishBanks

مارتن آرنولد وكارولين بينهام

تتعلم المصارف البريطانية كيفية التعايش مع عملية التسوير. فهي لا تزال تتذمر من تكلفة العملية، لكن معظم كبار التنفيذيين في المصارف الخمسة الكبرى يعتقدون أنهم يمتلكون الآن استراتيجيات قابلة للتطبيق لتشريح أعمالهم التجارية.

في إطار الإصلاحات التي اقترحها لأول مرة السير جون فيكرز قبل أربع سنوات، التي أصبحت الاستجابة التنظيمية الرئيسية للمملكة المتحدة للأزمة المالية، يجب على المصارف التي لديها أكثر من 25 مليار جنيه من الودائع أن تستقل بأعمالها الخاصة بالمستهلكين عن الأعمال المصرفية الاستثمارية الأكثر خطورة.

الهدف من القاعدة – التي وصفها أحد كبار المسؤولين التنفيذيين بأنها “مادة زلزالية” – هو حماية دافعي الضرائب من الحاجة إلى إنقاذ أحد المصارف مرة أخرى، وذلك عن طريق التأكد من أنه يتم الاحتفاظ بالخدمات الحيوية، مثل ودائع التجزئة أو عمليات نظام الدفعات، منفصلة عن المخاطر في أماكن أخرى في القطاع المالي.

وتخطط بعض المصارف ذات التركيز المحلي، مثل مجموعة لويدز المصرفية ورويال بانك أوف سكوتلاند، لحشد ما يمكنها داخل السور الذي تعكف على تشييده حول أقسام ودائع المستهلكين.

على الطرف الآخر، يخطط بنك باركليز لترك عديد من أعماله التجارية، بما في ذلك وحدة باركلي لبطاقات الائتمان وقروض الشركات الدولية، خارج السور من أجل تنويع المخاطر الخاصة في المصرف الاستثماري الكبير. ويعتزم سانتاندر بانك الإسباني أيضا بناء “سور ضيق”، مع وجود كثير من عملاء المصرف من الشركات في المملكة المتحدة خارج السور.

وتراوح تقديرات التكلفة من 1.5 مليار جنيه لدى “إتش إس بي سي”، الذي هو من بين أكثر المصارف تأثرا بسبب أنموذجه العالمي المتنوع في الأعمال التجارية، إلى “بضع مئات الملايين من الجنيهات” لدى بنك لويدز – الذي يعتقد على نطاق واسع أن لديه المهمة الأبسط لأن 97 في المائة من أصوله ستكون داخل السور. يشار إلى أن المصارف العقارية معفاة من الإجراء.

وأخيرا تحول المزاج العام بين مختصي المال من الشعور بالخطر على نطاق واسع إلى جو من الثقة الهادئة بأنه يمكنهم التكيف. وفي انتظار نشر القواعد النهائية، بعض المصارف بدأت تفقد صبرها. وكان “إتش إس بي سي” في إحدى المراحل يهدد بفصل عمليات التجزئة في المملكة المتحدة بسبب مخاوفه من مواجه متاعب في السيطرة على مديريه المستقلين. لكنه أعاد أخيرا تسمية الوحدة باسم “إتش إس بي سي المملكة المتحدة” وتخلى عن فكرة الفصل.

وفي الشهر المقبل، تعتزم سلطة التنظيم الحصيف داخل بنك إنجلترا الإعلان عن مزيد من التفاصيل عن كيفية تنفيذها لعملية التسوير. ومن المرجح أن يتم تحديد الكثير من خلال كيفية تفسير أندرو بايلي، رئيس سلطة التنظيم، للقانون.

وهناك ثلاثة مجالات رئيسية تضغط فيها المصارف من أجل الحصول على فسحة أكبر. أولها، أن كثيرا منها تطالب بالمزيد من المرونة في الحوكمة.

في ورقة تشاورية العام الماضي، قالت سلطة التنظيم الحصيف إن نصف أعضاء مجلس إدارة المصارف المسورة ينبغي أن يكونوا مستقلين، وكذلك رئيس مجلس الإدارة.

لكن بنك لويدز ورويال بانك أوف سكوتلاند يجادلان بأنه نظرا لأن وحداتهما الداخلة في عمليات التسوير تمثل ما نسبته 97 و80 في المائة من إجمالي أصولهما، على التوالي، ينبغي أن يسمح لهما بالاشتراك في مجلس مشترك مع الشركة القابضة الرئيسية. وتريد المصارف الأخرى أيضا المرونة اللازمة ليكون لها مدير مالي واحد، أو رئيس للمخاطر يشرف على كلا جانبي السور.

وتقول بعض المصارف إنها ستعاني في سبيل العثور على ما يكفي من المديرين غير التنفيذيين المؤهلين بشكل مناسب، الذين يستوفون متطلبات الموافقة التنظيمية. ويقول أحد من كبار التنفيذيين: “ببساطة لا يوجد ما يكفي من الناس في المملكة المتحدة لملء جميع هذه المجالس الجديدة التي يريدون منا تشكيلها، خصوصا أن جيلا كاملا من المصرفيين تم القضاء عليه بسبب الأزمة”.

ثانيا، تنتظر المصارف بلهفة قواعد سلطة التنظيم الحصيف بشأن متطلبات رأس المال، سواء على مستوى المجموعة وكذلك بالنسبة للكيان الذي يتم تسويره. وقالت الحكومة بالفعل إن الكيانات المشتركة في عملية التسوير ينبغي أن تقتني مخزونات إضافية من رأس المال تصل نسبتها تقريبا 3 في المائة من أصول المصرف بحسب الوزن النسبي للمخاطر. ويقول بعض المختصين الماليين إن هذا قد يرغم المصرف ذا التسوير الضيق – مثل بنك باركليز- على جمع المزيد من الأسهم، لأن دفتر القروض العقارية الكبير لدى المصرف ستتم معاقبته بموجب نسبة الرفع المالي، التي تقيس إجمالي الأصول مقابل رأس المال الأساسي لحقوق الملكية.

على أية حال، يقول شخص على دراية بخطة باركليز إنه يمكن موازنة آلية التمويل لكيانه المسور عن طريق شمول إقراض الشركات في المملكة المتحدة وأنشطة إدارة الثروات جنبا إلى جنب مع دفتر القروض العقارية.

أخيرا، تريد بعض المصارف المزيد من الوضوح حول كيفية تنظيم خدماتها الحيوية – مثل أنظمة تكنولوجيا المعلومات والمحاسبة والموارد البشرية – لضمان بقائها تعمل حتى لو انهار جانب واحد من السور.

وسط كل هذا التغيير، يبدي بعضهم قلقا من إحداث اضطراب بين العملاء. ويقول بيل مايكل، رئيس الخدمات المالية في أوروبا لدى “كيه بي إم جي”: “أعتقد حقا أن هذا يعرض مصارف المملكة المتحدة لوضع غير موات. المشكلة ستكون إذا بدأت في إخبار العملاء أنه ليس بإمكانهم تخليص معاملات المشتقات المالية خارج أوروبا. ماذا سيعتقدون؟ لو كنت عميلا، ستذهب إلى مصرف أجنبي كبير لم يتأثر بعملية التسوير”.

وضغطت المصارف على سلطة التنظيم الحصيف من أجل تقديم قواعدها النهائية المتعلقة بعملية التسوير، التي من غير المتوقع صدورها حتى نهاية عام 2016 على الأقل.

وفي حين كانت المصارف تحتج بشدة على الخطط، الشعور السائد الآن هو أن هناك حاجة إلى الوضوح حول كيفية تفسير السلطة للقانون.

وقال أحد كبار المصرفيين: “هناك ضغط على الجهة المنظمة لتؤدي بدورها في الوقت المحدد. سيكون على الناس إثارة مسألة التوقيت هذه”.

وقال مصرفي آخر: “كلما حصلنا على القواعد في أقرب وقت، كان ذلك أفضل”. وأضاف مصرفي ثالث: “ليس بإمكاننا الانتظار”.

ويتوقع أن تجري سلطة التنظيم الحصيف جولتي مشاورات أخريين. وإذا لم تصدر القواعد النهائية حتى عام 2017، حينها لن يكون قد تبقى من موعد في عام 2019 سوى عامين.

وحتى يتم إصدار تلك القواعد، تكون المصارف غير قادرة على المطالبة بإعفاءات – في مجالات من قبيل ما إذا كان هناك حاجة إلى مجالس منفصلة للكيانات الأصلية ومنفصلة الأصول، أو على أي جانب من السور ينبغي أن تقع بعض المنتجات المالية.

ويعتزم بنك باركليز وضع هيكله المشترك الرئيسي في عملية التسوير أمام مجلسه هذه الشهر.