أعرب عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر، في حوار مع وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، عن “قناعته بضرورة أن يسود الحوار بين كل المكونات في لبنان وفي المنطقة”، آملا أن “تكون المنطقة مقبلة على انفراجات بعد الاتفاق النووي”، ورأى أن “أمام لبنان فرصة للاستفادة من هذه الأجواء الايجابية”.
وعن الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال: “إن الحوار بشكل مطلق هو أداة تواصل وهو خير بحد ذاته، ويساهم في تبديد الأوهام التي تنشأ بين الأطراف المختلفة وإزالة سوء التفاهم والفهم الذي يمكن أن ينشأ نتيجة التصريحات والمواقف، كما انه مناسبة ليوضح كل طرف وجهة نظره بشكل مباشر وصريح وتفسير ما هو غير مفهوم أو ملتبس لدى الطرف الآخر”، داعيا إلى اعتبار الحوار “حالة دائمة وليس ظرفية”.
وفي ما يخص الحوار بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” رأى الجسر أنه “أكثر من ضروري، فلبنان يعيش أزمة سياسية داخلية مرتبطة بالازمات التي تمر بها المنطقة، ولبنان يتأثر بالنيران المشتعلة حوله، والانقسام الداخلي يستند إلى انقسام اقليمي وفي حالة لبنان الهشة تأخذ الأمور منحى خطيرا، كما أن الازمات تتراكم وتتفاقم واللغة المذهبية تحضر بقوة في الشارع والاحتقان يتصاعد والخطاب السياسي تحريضي، وهذه مؤشرات سلبية قد تتصاعد لتحدث انفجارا في لنان وصولا إلى ضرب السلم الأهلي”، محذرا من “ترك الأمور دون معالجة، فهذا أمر لا يجوز من الناحية الشرعية والوطنية والاخلاقية”.
وأكد أن للحوار دافعين “أولهما: تنفيس الاحتقان. وثانيهما: مسألة انتخاب رئيس للجمهورية هي بوابة الحلول، فجزء كبير من مشكلة التعطيل والشلل في عمل المؤسسات يعود إلى الفراغ الرئاسي، وتيار المستقبل يصر على اعتبار بند انتخاب رئيس الجمهورية بندا أولا في جدول أعمال الحوار”، منتقدا “التفسير المزاجي للدستور، وما يردده البعض عن ان انتقال صلاحيات الرئيس الى مجلس الوزراء يعني انتقالها الى 24 وزيرا”، معتبرا أن هذا الرأي “أمر ليس له سند لا في القانون ولا في الدستور”.
وأشار الجسر إلى أن “هناك مؤسسة اسمها مجلس الوزراء ومؤسسة اسمها رئاسة الجمهورية، والدستور واضح في كيفية اتخاذ القرارات، المادة 65 تنص على أن القرارات تتخذ بالتوافق وفي حال التعذر فبالتصويت”.
وإذ نبه إلى “حدة الخلاف وخطورته على مجمل المشهد السياسي والشعبي في لبنان”، أكد أن “الحوار يخفف التشنج، وينعكس إيجابا على اللبنانيين ويخفف من هواجسهم”، آملا أن “تأتي نتائجه وفق طموحات الناس”، وقال: “لا تقل طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري أهمية عن لقاء المستقبل- حزب الله”.
وشدد الجسر على اعتبار “انتخاب الرئيس أولوية”، مكررا موقف تيار “المستقبل” أن “الحل المفتاح هو انتخاب الرئيس، وهو المدخل لحلحلة الأمور ونهاية وسقوط حالة التعطيل في لبنان”.
وإذ أكد “حق إيران في امتلاك القدرات النووية، وأن هذا الأمر قد يشجع دولا عربية على السعي إلى امتلاك التكنولوجيا النووية”، قال: “من غير المقبول أن تمتلك إسرائيل هذا السلاح، إذا كان المطلوب منطقة خالية منه”، معتبرا أن “الاتفاق النووي خطوة جيدة بل نقلة نوعية لطهران، التي تعود إلى حضن المجتمع الدولي، ومن هذا الموقع سيكون لطهران مواقف أكثر ايجابية بعيدا عن الضغوطات، وسيؤسس للانفتاح على المحيط”.
ورأى الجسر أن “ما يجمع الدول العربية بإيران أكثر بكثير مما يفرقهما، فالمصالح الاقتصادية بين الطرفين كبيرة ويمكن الاستثمار فيها، إضافة إلى أن القطاع الخاص في الكثير من الدول لديه مشاريع جاهزة لتنفيذها في السوق الإيرانية وهذه المشاريع تحتاج إلى أجواء تهدئة وتعاون، أما لبنان فيمكن أن يستفيد اقتصاديا أيضا، من الفرص التي ستهيئها السوق الإيرانية”.
واعتبر أن “أهم ما في زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بيروت هو الشق السياسي، وتحديدا تصريحه المؤيد لرئيس الحكومة تمام سلام، كونه يبدد الكثير من الانطباعات السلبية حول الدور الايراني، مما يساهم في تغيير المواقف المناهضة لطهران في الداخل اللبناني”، متحدثا عن “عامل آخر يساهم في تعزيز المناخات الايجابية بين إيران ودول المنطقة بما فيها لبنان، وهو أداء حكومة روحاني الذي يتميز بالمرونة والانفتاح”.
وردا على سؤال عن عدم تطبيق الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وإيران، قال: “إن السبب “يكمن في أن طهران كانت واقعة تحت عبء العقوبات، مما يعيق الحركة النقدية بينها وبين العالم بما فيه لبنان”. وأشار إلى “مشروع بناء مسلخ في طرابلس طرحته إيران منذ حوالى العشر سنوات، إلى أن العقوبات المفروضة على طهران منعت تنفيذه”. وقال: “إن الوضع مختلف اليوم”.
كذلك أحال الجسر موضوع العرض الذي قدمته طهران لتسليح الجيش اللبناني، إلى “العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، والتي كانت تمنع الدولة اللبنانية من التجاوب معه. أما بعد الاتفاق النووي فمن الطبيعي ان يسعى لبنان للاستفادة”.
ورأى أن ما تحملة لبنان في موضوع اللاجئين السوريين “لا تستطيع الدول الكبرى ان تتحمله”، معتبرا ان “العالم تخلى عن لبنان في هذا الملف”، وقال: “هناك أربعة ملايين لبناني مقيمون على الأراضي اللبنانية، أضيف إليهم بسرعة كبيرة حوالى مليون ومئتي لاجئ سوري. تصور مثلا أن يدخل إلى أميركا مئة مليون لاجئ كيف ستتحملهم. أكبر دولة في العالم لن تستطيع تحمل مثل هذا الواقع”.
ولفت الجسر إلى أن “قسما من اللاجئين يخرجون من لبننان عبر البحر إلى تركيا، ومن هناك إلى أوروبا، وهذه المسألة شغلت بال الأوروبيين. ولم يفصل زيارة رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون عن هذا الملف “لقد بدأ الأوروبيون يستشعرون خطورة قضية اللاجئين”.
وإذ لم ينف التأثير السلبي لغياب الرئيس سعد الحريري عن لبنان، على تيار “المستقبل”، رأى ان هذا الغياب مبرر ف”الرئيس الحريري مهدد جديا وقد حذرته أجهزة أجنبية أكثر من مرة”.
وبارك الجسر للشعب الإيراني بالاتفاق النووي، آملا ان يكون مدخلا لمرحلة جديدة “قائمة على التفاهم مع المحيط والجوار وبالذات مع العالم الإسلامي والعربي”.