ضرب مجلس الوزراء عرض الحائط كل الحلول البيئية المقدّمة لحل أزمة النفايات، واتجه نحو أقصر الطرق للحل، لكنها الأكثر خطورة، على المستوى البيئي والمستوى الشعبي. فقد أقر المجلس بناءً على خطة وزير الزراعة أكرم شهيب، اعادة فتح مطمر الناعمة لمدة 7 أيام. لكن هذا القرار جُوبه بالرفض، خاصة من البلديات المتضررة من المطمر، لكن “بقدرة قادر” تحول الرفض الى قبول، وان بخجل ودون امتلاك القدرة على التصريح بذلك علناً، دون المرور بسلسلة من التمهيدات لإمتصاص غضب الأهالي. وتحت شعار “الفرصة الأخيرة” يتجه اتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار الى القبول بخطة شهيب، واعتبار ذلك “الفرصة الاخيرة التي تعطيها البلديات للسلطة، بعد التأكد من ان المراكز المقترحة كبديل، في سرار وعلى الحدود اللبنانية السورية، ستًفتح”، وقد ربط رئيس بلدية الناعمة أمين فخر الدين الموافقة النهائية على اعادة فتح المطمر، بـ “إنتظار الضمانات من الدولة اللبنانية، كي لا يُعاد السيناريو القديم” مع المطمر، وحتى موعد تقديم الضمانات، ينفي فخر الدين في حديث لـ “المدن”، بتّ اتحاد البلديات بقرار القبول. مشيراً الى ان البلديات ستجتمع الإثنين مع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وسيصار الى التشاور مع الأهالي، وسيصدر القرار النهائي على ضوء النتائج. ولفت فخر الدين النظر الى ان البلديات فقدت الثقة بالدولة وبالحكومات المتعاقبة، إلا أن “ملف النفايات أصبح أزمة لبنان كله، ونحن نتعرض لضغط وطني، لكننا لسنا في صدد إيذاء أهلنا ومن أولوياتنا الحفاظ على صحة مواطنينا”. ليونة موقف البلديات يعني الاتجاه الى قبول حلّ غير جذري، في ظل عدم وجود خطة لما بعد الايام السبعة، فماذا سيحصل في اليوم الثامن؟ وهل مدة أسبوع تكفي لحل الازمة؟. عدم وضوح الخطوة التالية، وفي ظل الرفض الشعبي للحلول المنقوصة، يُتوقع دخول البلديات والحكومة من جهة، والأهالي من جهة أخرى في دوامة القبول والرفض، خاصة وان مؤشرات الرفض بدأت تظهر، على لسان الجمعيات البيئية. فحملة إقفال مطمر الناعمة، ترفض فتح مطمر الناعمة ولو لساعة واحدة، ويشير الناشط في الحملة أجود عياش، في حديث لـ “المدن” الى ان “مطمر الناعمة كان من الاساس عبارة عن خطة طوارىء وضعتها الحكومة لمدة 4 سنوات، واستمر العمل به لمدة 18 سنة”. وعن الحلول البديلة، يقول عياش انه يمكن الاستفادة من المقالع والكسارات التي تغطي أكثر من مليون متر مربع من الأراضي اللبنانية. وبموازاة خطة الحملة، تقترح الحركة البيئية عبر رئيسها بول أبي راشد، تقديم الحكومة مبلغ 100 دولار للطن الواحد، يعطى لكل مواطن لقاء فرزه النفايات في أرضه. ودعا ابي راشد البلديات الى إيجاد حلول قريبة للمنطق ولا تضر بصحة المواطنين الذين يشكون من الأمراض السرطانية بسبب نفايات مطمر الناعمة. تمسك الحكومة بخطة شهيب واعتبارها أفضل ما يمكن تحقيقه حتى الان، وتصاعد وتيرة التظاهرات الشعبية، يضع ملف النفايات والبلاد، أمام مفترق طرق، مجهول. فلا مؤشرات تدل على تراجع الطرفين، لا الحكومة ستتراجع ولا الحراك الشعبي، اما البلديات، فهي سلطة رسمية بالمعنى المصغّر، ولا يمكنها بفعل شبكة المصالح مع السلطة المركزية، رفض قرار الحكومة، الا اذا برهنت عكس ذلك على الارض. وهذا الواقع يعني ان الازمة مستمرة، وما يزيدها تعقيداً، هو تباين آراء البلديات من منطقة لأخرى، ففي حين تتجه بلديات الغرب الاعلى والشحار الى الاذعان لقرار الحكومة، تحافظ بلديات عكار وبرج حمود على معارضتها لخطة شهيب، حتى في ظل الإغراءات المالية التي حاولت الدولة “كسر شوكة” أهالي عكار والبقاع بها. وبعيداً عن كل المعطيات، يبقى اجتماع الإثنين محط أنظار المهتمين بالملف، لأن نتائجه ستقرر الخطوة التالية على طريق الأزمة.