اذا كان يعود للمشترع أن يحدد مدة الوكالة الانتخابية،لأن وضع الأنظمة الانتخابية النيابية أو المحلية يدخل في اختصاصه، فهو لا يستطيع أن يعدل في مدة الوكالة الجارية إلا لاسباب مستمدة من ضرورات قصوى وفي حدود المدة التي تستدعيها هذه الضرورات، أي في حال وجود ظروف استثنائية. وبما انه في الظروف الاستثنائية تتولد شرعية استثنائية يجوز فيها للمشترع ان يخالف احكام الدستور والمبادىء الدستورية او القواعد ذات القيمة الدستورية، حفاظا على النظام العام. تحت غطاء هذا الإجتهاد الصادر عن المجلس الدستوري في 12 أيلول 1997، أقر مجلس النواب باجماع الحاضرين ( 98 صوتا) في 31 آيار 2013 تمديد مدة ولاية المجلس النيابي أي مددّ لنفسه بنفسه، ضارباً عرض الحائط المبادئ الدستورية وأحكامه.
وإذا كان الشعب اللبناني إعتاد الخضوع والصمت عن المطالبة بحقوقه والتبعية العمياء لزعمائه في تطبيق سياسات وقوانين «عوجاء» غير دستورية لا تصب إلا في مصلحة نهب المال العام، فإن الحراك الشـعبي جاء ليوقع على مرحلة جديدة عنوانها العريض «محاسبة المسؤولين عن الهدر والسرقات من المال العام». وما الإعتصام الذي نفذته حملة «بدنا نحاسب» و«حلوا عنا» أمام وزارة المالية إلا دليل على إستفاقة الشعب اللبناني من ثباته العميق ، مطالبةً «بوقف تحويل الأموال لدفع رواتب ومخصصات النواب الممددين لأنفسهم المتمرسين ببطالتهم المقنعة، وبصرف هذه الأموال للموظفين الكادحين أصحاب الحقوق الذين تمارس السلطة بحقهم الترهيب النفسي فتوهمهم بعدم توفر السيولة اللازمة لرواتبهم».
وفي لغة الأرقام، تبلغ كلفة التمديد للمجلس النيابي الحالي المعطل أصلاً عن القيام بأعماله 52 مليار و224 مليون ليرة وفق ما يؤكد مدير الشؤون المالية والإدارية بالتكليف في مجلس النواب أحمد اللقيــس لـ«الديار» ، على إعتبار أن النـائب يتقــاضى 8 مليــون ونصف المليون ليرة شهرياً ( تشــمل بدل أمين سر وبدل هاتف ثابت) أيّ ما يعادل 102 مليون ليرة سنوياً، ليكون مجموع مخصصات 128 نائباً لمدة 4 سـنوات( مدة ولاية المجلس) بحدود 52 مليار ليرة .
يضاف إلى هذا المبلغ عدد من المليارات «البرانية»، إذ يخصص للنائب وفق قانون الموازنة العامة إعتماد سنوي بقيمة 100 مليون ليرة سنوياً لتنفيذ خدمات إنمائية في المناطق من تصليح طرقات فرعية، تأهيل مجاري الصرف الصحي، تزفيت وتعبيد الطرقات، بناء حيطان دعم وغيرها من المشاريع الغير قادرة على تنفيذها وزارة الأشغال العامة…. ليكون الإعتماد الإجمالي السنوي للنواب 12 مليار و800 مليون ليرة. علماً أن هذه الأموال لا يتقاضها النائب مباشرة بل توزع على المتعهدين بعد الإنتهاء من التنفيذ، فهل تدخل هذه الأموال ضمن مصاريف النائب أم أنها تندرج تحت مفهوم «رشوة الناخبين»؟؟؟؟
ومن ضمن لائحة التسهيلات والمغريات، يحق للنائب في كل دورة نيابية شراء سيارة معفاة من الرسوم الجمركية وتبقى كذلك ما دامت على اسمه، كما يستفيد من الخدمات الإستشفائية والطبابة مجاناً من صندوق تعاضد النواب (مقابل دفع إشتراكات بقيمة 200 ألف ليرة شهرياً أي ما يعادل 2,5 مليون ليرة سنوياً ).
لم تنته بعد جردة الحسابات، إذ يشير اللقيس إلى أن النواب السابقين يتقاضون ومخصصاتهم وتعويضاتهم مدى الحياة، وهي تحسب على الشكل الأتي :
-55 % من قيمة المخصصات، عن دورة نيابية كاملة.
-65% من قيمة المخصصات، عن دورتين نيابيتين
-75% من قيمة المخصصات، عن 3 دورات نيابية (12 عاماً) ، وهو الحد الأعلى من المخصصات.
ويطبق على النواب قانون التقاعد ، أي في حال وفاة «النائب» يتم تحويل مخصصاته بعد خصم 15% من القيمة التي كان يتقاضها بحسب نظام التقاعد إلى عائلته (أيّ زوجته، أولاده القاصرين حتى سن 25 سنة، و العزباء).