كتب نبيل هيثم في صحيفة “السفير”:
في جلسة الحوار الاخيرة، اسرّ مسؤول كبير لقطب سياسي بأنه لم يكن قلقا ومشغول البال، على الوضع الداخلي، بمثل قلقه اليوم، «ولا أخفي عليك أن وليد جنبلاط، يخشى حدثا امنيا كبيرا».
ثمة تقارير ديبلوماسية تبدي الخشية من ان تكون مظلة الامان والاستقرار في لبنان قد باتت مهددة، خصوصا وان هناك اطرافا داخلية وخارجية تدفع الى الفوضى، وربما هذا ما يخيف وليد جنبلاط ويجعله يدق ناقوس الخطر في كل لحظة، ويحذر من بلوغ الوضع «مرحلة الانفجار الكبير».
ووفق أحد أركان الحوار، «الكل يخشى المس بالاستقرار الداخلي، بما يطيح بالستاتيكو القائم وينهي فترة التعايش الهش بين القوى السياسية المتناقضة». يتقاطع ذلك مع تحذير أحد قياديي «8 آذار» من محاولة فرض واقع لبناني جديد، ممره الالزامي كسر»حزب الله» واخضاعه، محذرا من محاولة مكشوفة لايجاد طرف قوي يملك القدرة على هذا الكسر».
حتى الامس القريب، كان الاميركيون ينصحون حلفاءهم بالا يستفزوا «حزب الله»، خشية ان يدفع ذلك الحزب الى قلب الطاولة والامساك بكل لبنان، «لكن الخطير في الامر، ان يحرّض عقل كيدي اقليمي ومحلي بعض القوى الدولية والاقليمية على الدخول في مغامرة في لبنان من أجل اضعاف نفوذ «حزب الله» وايران» يقول أحد أركان الحوار.
من العناصر المستجدة ليس تعزيز الحضور العسكري الروسي في سوريا او تقديم السلاح النوعي للجيش السوري النظامي، وبالتالي، هل يمكن أن يسعى البعض الى جعل لبنان، بوصفه الساحة الاقرب الى سوريا، «منصة مواجهة مع الروس» يسأل المسؤول اللبناني نفسه.
يقول المسؤول ما صار معروفا بأن الروس لن يلدغوا من الجحر مرتين، «وبعدما خُدعوا في ليبيا، باتوا يقاربون الازمة السورية بطريقة، هم رسموا خطوطا حمراء ميدانية، عنوانها الساحل السوري ودمشق، واخرى سياسية، تتعلق بعدم التخلي عن الرئيس بشار الاسد، مروراً بجعل سوريا في كفة واحدة مع اوكرانيا، ضمن الصراع المحتدم مع الغرب، وليس في كفتين، وصولاً الى اتخاذ القرار بالتدخل العسكري عن طريق تعزيز الخبراء وارسال أسلحة نوعية وابداء الاستعداد للتدخل البري اذا لزم الأمر مستقبلا»..
لذلك، يضيف المسؤول اللبناني أن اصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ان لا حل في سوريا من دون الاسد، «يعني ان الكرملين عاقد العزم على عدم السماح للغرب والمعارضة السورية بأن يحصلوا في السياسة على ما لم يستطيعوا الحصول عليه بالحرب، وهو امر ينسحب على تأكيد القيادة الروسية، انه لا يمكن هزيمة الارهاب الداعشي، او غيره، من دون مشاركة فعالة من الجيش النظامي السوري، وهي نقطة حساسة جداً بالنسبة الى التحالف الدولي الذي أخفق في تحقيق اي من اهدافه ضد الارهاب».
«قلق الاميركيين كبير جدا في هذه المرحلة» يقول المسؤول اللبناني، فإن قيض لهذا التدخل الروسي تحقيق اهدافه، فهذا يعني أن الروس سيقاسمون واشنطن نفوذها الاستراتيجي، وسيشكل ذلك تحولا مفصليا في الازمة السورية من شأنه احباط ما يمكن تسميتها «الحرب العالمية» المستمرة منذ حوالي خمس سنوات ضد النظام السوري، وثمة حديث متزايد عن اقتراب «معركة تحرير الشمال الادلبي»، بتنسيق معلن بين الجيشين السوري والروسي، وتستهدف بالدرجة الاولى من يعتبرهم الروس «ارهابيي الشيشان والقوقاز».