أشارت مصادر وزارية لصحيفة “الراي” الكويتية الى ان “الاتصالات التي تكثفت السبت وتلاحقت الاحد سعت الى توجيه رسائل مهدّئة الى العماد ميشال عون قبل إلقائه خطابه مساء الاحد في مجمع بلاتيا في منطقة ساحل علما في جونية لمناسبة تسلُّم صهره الآخر الوزير جبران باسيل رئاسة التيار الوطني الحر”. اذ سبق هذا الاحتفال تسريبات من الجانب العوني بأن “الجنرال” سيعلن موقفاً حاداً يقطع عبره مشاركته في الحوار الجاري في مجلس النواب والذي تُعقد جولته الثالثة غداً عشية عيد الأضحى وقبل مغادرة الرئيس سلام الى نيويورك للمشاركة في افتتاح الدورة العادية للأمم المتحدة وترؤس اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان.
وذكرت المصادر ان وزير التربية الياس ابو صعب المقرب من عون، لعب دور الوسيط في نقل الأفكار والاقتراحات والمساعي بين كل من الرئيسين بري وسلام وكذلك النائب وليد جنبلاط، وايصالها الى العماد عون. ذلك ان ابو صعب كان التقى بري الجمعة، ونقل اليه دعوة من عون لحضور احتفال تسلم باسيل رئاسة “التيار الحر”، وكانت مناسبة طُرحت خلالها مجموعة أفكار منعاً لبلوغ عون قرار مقاطعة الحوار، التي في حال حصولها ستسدد ضربة لبري سياسياً وتنهي التجربة الحوارية في اول انطلاقتها.
كما ان ابو صعب توجّه امس بمعيّة الرئيس سلام الى دبي لتقديم التعازي لحاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بوفاة نجله الشيخ راشد، وشكل ذلك ايضاً فرصة جديدة نقل عبرها وزير التربية الى عون خلاصات تبلّغها من رئيس الحكومة في شأن اعادة تفعيل الحكومة.
ويبدو ان مسألة الترفيعات العسكرية أعيد تحريكها من خلال صيغة تضمن تمديد خدمة العميد روكز من دون ان تؤثر سلباً على الجيش، وكذلك بما يفترض ان يزيل تحفظات الوزراء المحسوبين على الرئيس ميشال سليمان الذي وضع شروطاً يبدو انها مطابقة تماماً للتحفظات التي تبديها قيادة الجيش عن الترفيعات، في حال انحصرت بعدد محدود من الضباط العمداء. وجرى التداول في هذا السياق، بصيغة تعتمد تمديد الخدمة لسائر العمداء لمدة سنة وليس لثلاثة عمداء فقط باعتبار ان ثمة 13 عميدا يتقدمون روكز في أحقية الأقدمية للترفيع الى رتبة لواء، ولكن هذه الصيغة لا تزال قيد التداول بسلبياتها وإيجابياتها.
ورأت المصدر الوزارية انه يصعب الحديث بعد عن رؤية واضحة للاتجاهات التي ستسلكها هذه المحاولات في انتظار الساعات المقبلة، ولكن العامل البارز فيها يتمثل في استشعار المعنيين السياسيين بأن الواقع المأزوم بلغ مرحلة شديدة الحساسية والخطورة وانه لا بد من تنفيس الاحتقانات عبر إعادة تحريك العمل الحكومي بالدرجة الاولى لان الحكومة وحدها مغطاة بتوافق الحد الأدنى الذي يمكّنها من ان تواجه الحراك في الشارع ومعالجة الأزمات الأشد الحاحاً.
ومن هنا برزت ملامح توافقات بين بري وسلام وجنبلاط وكذلك من ورائهما “تيار المستقبل” و”حزب الله”، على ايجاد حلّ لعقدة عون في الترفيعات، كمدخل لإعادة تفعيل الحكومة وحمل “الجنرال” على تأجيل قراره بمقاطعة الحوار على امل ان تؤدي هذه المحاولة الى تثمير نتائج الحوار أقلّه في تحريك عمل الحكومة ومجلس النواب ما دام اي احتمال لإحداث ثغرة في الأزمة الرئاسية مستبعد تماماً.
وفي السياق عينه، في حين ذكرت مصادر قريبة من العماد عون ان الأخير سيعلن موقفه من الحوار في حفل تسلم الوزير جبران باسيل رئاسة “التيار الوطني الحر”، فانه امتنع عن التعليق على الموضوع الأحد، كما تفيد مصادر “النهار”، بعد “سلسلة اتصالات تولاها الوزير الياس بو صعب مع الرئيسين نبيه بري وتمام سلام افضت الى اعطاء فرصة جديدة للحوار لان مقاطعة عون له، بعد حزب القوات اللبنانية، ستشكل انتكاسة كبيرة، وصدمة للرئيس بري خصوصا، وستكون لها ارتدادات سلبية على مجمل الوضع”.
لكن اتصالات بو صعب لم تؤد الى بلورة اتفاق على ترقية العمداء ومنهم شامل روكز الى رتبة لواء وتمديد خدمتهم سنة أو سنتين، وقابلها أمس “تحد جديد للجنرال ومخالفة جديدة للقانون” كما قال قريبون من عون، تمثلت باستدعاء مدير المخابرات العميد ادمون فاضل من الاحتياط واعادة تكليفه هذه المسؤولية لمدة ستة اشهر. وقالت المصادر لـ”النهار” ان مطلب الترقية لم يعد يرضي عون، ولم يعد متمسكا به، لان مطالبه الحقيقية معروفة في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، وليست في جوائز الترضية”. واكدت انه “اذا كانت الترقية مطلبا لعون في بداية الامر، فانه كان يهدف الى ايجاد مخرج للأزمة ولو على حسابه، لكن يبدو ان الآخرين ارادوا ابتزازه به”. وأضافت ان كل الكلام على تسوية تمت في اعداد القرار والتوافق عليه ليس جديا حتى الساعة ويشكل جزءا من خطة اضاعة الوقت وصولا الى منتصف تشرين الاول موعد تقاعد روكز.
من جهة آخرى، أبلغت مصادر وزارية صحيفة “الحياة” ان “ترقية الضباط كانت واجهت عقبات ما اضطر رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، من خلال وزير الصحة وائل أبو فاعور، الى التردد في مواصلة الجهود لإنضاجها، لكنه عاد وطلب من الأخير استئناف تحركه في اتجاه جميع المعنيين بترقيتهم”.
وذكرت المصادر أن “حزب الله” تمنى على جنبلاط ان يعاود تحركه مبدياً تجاوبه مع رغبته، باعتبار انه محرج لدى حليفه رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون الذي يهدد بالعودة الى الشارع، وان ثنيه عن تصعيده السياسي يكمن في فتح ثغرة في جدار الأزمة يمكن ان تكون في ترقية هؤلاء الضباط، ومن بينهم قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز”.
وأكدت المصادر ان “أبو فاعور الذي كان التقى عون وروكز، تواصل مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي صارحه بأن القرار في هذا الخصوص يعود للسلطة السياسية المتمثلة بمجلس الوزراء، فيما أكد له وزير الصحة ان الترقية لن تؤدي للعب بتركيبة المؤسسة العسكرية وهيكليتها التنظيمية”.
وتزامن تحرك أبو فاعور هذه المرة، كما تقول المصادر، مع زيارة وزير التربية الياس بوصعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري حاملاً إليه دعوة شخصية الى حضور الإحتفال الذي يقيمه “التيار الوطني الحر” لمناسبة تسلّم الوزير جبران باسيل رئاسته خلفاً لعون.