بعيدا من المواقف السياسية التي أطلقت أمس في احتفال تنصيب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، رئيسا للتيار الوطني الحر، خلفا لرئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون، والتي يمكن حصرها بثلاثة عناوين أساسية، أولا: مضي عون في المعركة الرئاسية حتى النهاية ورفضه رئيسا صوريا حتى لو كلف ذلك “الفوضى” على حد تعبيره. ثانيا: متانة التحالف بين “الوطني الحر” و”حزب الله” وهو ما برز في اشارة باسيل الى ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”. ثالثا: تمسك “التيار” بورقة الشارع، حيث وجه رئيسه الجديد دعوة الى تظاهرة في 11 تشرين الاول المقبل على طرق قصر بعبدا، في مؤشر الى ان التيار يتجه نحو مرحلة جديدة سيعتمد فيها الضغط الشعبي لايصال “الجنرال” الى رئاسة الجمهورية… لفت المراقبين حضور السفير الإيراني محمد فتحعلي الذي استقبل بموجة من التصفيق الحار، مقابل غياب السفير السوري علي عبد الكريم علي بعدما تردد حضوره.
وقرأت أوساط في قوى 14 آذار عبر “المركزية”، في هذه الصورة، دعما ايرانيا واضحا لتموضع “التيار” الوطني حاليا من جهة، ولمسيرة باسيل الجديدة من جهة أخرى، وتبنيا مباشرا لترشيح العماد عون الرئاسي ورهانا على وصوله الى بعبدا كونه يمثل نهج “الممانعة” في المنطقة، لافتة الى ان “الجنرال” يعول بدوره على مجموعة تطورات سيتقدم اثرها المحور الايراني في المنطقة، ما سيفتح امامه ابواب قصر بعبدا، ومن هنا يصر على عدم التراجع قيد انملة عن ترشحه…
على صعيد آخر، وفي اطار المفارقات التي حملها الحفل العوني، سجل غياب وجوه نضالية بارزة في “التيار”، كلها من الفريق البرتقالي الذي كان اعترض على التسوية التي عبّدت الطريق امام وصول باسيل بالتزكية الى رئاسة الحزب. واذا كان النائب الان عون حضر، فان قياديين لهم دورهم في التيار، ساهموا في اعلاء صرحه خلال السنوات التي سبقت الانسحاب السوري من لبنان، لم يحضروا وأبرزهم نعيم عون، وانطوان نصر الله ورمزي كنج وزياد عبس، فما سبب هذه المقاطعة، وهل يتجه الفريق المعترض نحو الانفصال عن الحزب؟
يوضح عبس لـ”المركزية”، “ان اعتراضنا ليس على حصول “تسوية”، لكن التسوية عادة تشمل فريقين. أما ما حصل، فلم يأخذ في عين الاعتبار طرفا اساسيا في “التيار”، وتجاهل هواجسه التي أتت اثر تقويمه للادارة الحزبية وللاداء السياسي في الفترة السابقة”. وأكد “انني لم أحضر الحفل، ليس مقاطعة لحفل التنصيب، لكن تضامنا مع مجموعة من الشبان يبلغ عددها نحو 10 أشخاص، كانت حجبت عنها بطاقاتها الحزبية سابقا او فصلت مؤخرا بعد فوز باسيل بالتزكية، وبالتالي لم تدع الى المشاركة. وعليه، فضلت ان اتابع الحفل عبر التلفاز، مع هؤلاء الشباب الذين فصلوا بسبب مواقفهم ومطالبتهم بانتخابات ديموقراطية، لان التصرف في حقهم، لم يكن مبررا، وفضلت ان اكون الى جانبهم، فاذا كان فصلهم واتخاذ اجراءات في حقهم لانهم رفضوا كيفية “التسوية”، فنحن اعترضنا عليها أيضا ولم نفصل لاسباب ما، ويجب ان نكون معهم لاننا في الموقع عينه”.
ويشير الى “أنني تلقيت دعوة للحضور حتى ان كان هناك اصرار على مشاركتي، لكني ارتأيت ان جزءا من دورنا في “التيار”، هو الحفاظ على الجميع حتى من اعترضوا وتم فصلهم”. وردا على سؤال، أكد عبس “أننا لا نتجه نحو مقاطعة “التيار” والانفصال عنه، وغيابنا امس ليس سلبيا بل اردنا من خلاله التأكيد ان الجميع كان يجب ان يكون حاضرا وان يكون الحفل جامعا بغض النظر عن التباين في وجهات النظر. ولو دعي الشباب المفصولون، وبغضّ النظر عن الطريقة التي تمت فيها انتخابات رئاسة “التيار”، لكنا حضرنا الحفل، خاصة انه حمل عنوان “تجديد الميثاق”، لافتا الى ان “التواصل موجود مع الفريق الاخر في الحزب ونحن جزء اساسي من التيار، صحيح ان لدينا ملاحظات على شكل الانتخابات وعلى الطريقة التي فرض فيها باسيل، لكن هناك امر واقع يجب التعاطي معه، علما ان اعتراضنا ليس على باسيل كشخص، لكن كانت لدينا رؤيا حول كيفية ادارة الحزب، وسنسعى جاهدين لوضع هذه الافكار امام باسيل كي يجسدها وينجح في مهمته”.
وتابع عبس “حضور الحفل ليس المهم، بل المهم ان تؤخذ الرؤيا والهواجس الموجودة لدى شريحة واسعة في التيار، في عين الاعتبار، حرصا على نجاح القيادة الجديدة. ونحن سنكون قريبا، في المرحلة المقبلة، نترجم هذه الهواجس في ورقة مكتوبة نقدمها رسميا الى القيادة الجديدة على امل ان تأخذ جزءا من ملاحظاتنا على الصعيدين الحزبي والسياسي في عين الاعتبار لدى وضع خطة عملها”.
وعن غياب نائب رئيس “التيار” نقولا الصحناوي عن الحفل حيث تردد انه كان في سنغافورة يتابع سباق “فورمولا وان”، حرص عبس على التأكيد ان “الاخير كان لديه التزام عمل حيث يشارك في مؤتمر في سنغافورة ولم يتمكن من التحكم بموعد العودة”.