يعاني الصناعيون السوريون من ضغط المصارف وملاحقاتها بتحصيل الديون المتعثرة، التي وصلت لمنع السفر والحجز على الأموال وبيع المنشآت بالمزاد العلني. وأوقفت المصارف الحكومية كل أشكال القروض، رغم سماح المصرف المركزي وإصداره تعليمات وشروط الإقراض منذ نحو خمسة أشهر، ما دفع وزارة المالية في نظام بشار الأسد لتحذير المصارف الحكومية من الاستمرار بالتهرب من الإقراض. وحدد وزير المالية السوري إسماعيل إسماعيل، قبل أيام، مهلة للمصارف تنتهي 23 أيلول/سبتمبر الجاري، للاستجابة لشروط منح القروض التشغيلية، وعدم التباطؤ في تنفيذ قرار المصرف المركزي.
حملة ترويجية
يرى المصرفي السوري ياسر عبد الجليل، أن قرار المصرف المركزي بعودة السماح للمصارف بالإقراض هو “قرار إعلاني” هدفه الترويج أن لدى المصارف العامة فائض سيولة، فضلاً عن إبعاد مسؤولية وقف القروض ومعاناة الصناعيين والإنتاج السوري عن ملعبه (يقصد المصرف المركزي). ويقول عبد الجليل، والذي كان يعمل بالمصرف التجاري السوري فرع إدلب، لـ “العربي الجديد”: لو أن المصرف المركزي جاد بمنح القروض التشغيلية ودعم عملية الإنتاج، لما وضع شروطاً صعبة، وخاصة قصر فترة السداد (مدة عام) وهو يعلم ارتفاع تكاليف الإنتاج على الصناعيين وتراجع القدرة الشرائية لدى المستهلكين، و حجم القروض المتعثرة، وخاصة بالمصرف الصناعي التي زادت على 20 مليار ليرة (60 مليون دولار) لأكثر من 10 آلاف مقترض.
ويعتقد عبد الجليل أنه لا يمكن للمصارف السورية الخروج على قرارات المصرف المركزي ووزارة المالية، متوقعاً أن تنصاع المصارف الحكومية لتحذير وزير المالية، وتصدر تعليمات الإقراض، “ولكن ضمن نفس اللعبة الإعلانية، فتحدد مكان منح القروض بالمناطق التي يسيطر عليها الأسد وتخفّض سقف القروض، وتزيد بشروط الضمانات القابلة للحجز والبيع في حال تأخر المقترض بالسداد”. وفي حين قالت مصادر خاصة إن حجم القروض لن يتجاوز مليوني ليرة سورية (6400 دولار)، ما يعني أنها غير مفيدة لدعم الإنتاج أو لتأهيل المنشآت المتضررة من الحرب وشراء مواد أولية، قال عدد من الصناعيين في سورية خلال تصريحات صحافية رداً على شروط القروض وأنها ستحرك عجلة الإنتاج، إن حملة القروض ترويجية وربما تستفيد منها الصناعات متناهية الصغر وليس الصناعيين. وأكد المستثمر بصناعة النسيج في سورية، بشار حتاحت، أنه سيتم العمل على إرهاق الصناعي بالطلبات والشروط التي ستحول دون حصوله على القرض، مشيراً إلى أن هذا يدل على عدم وجود جدية في منحها للصناعيين. ورأى عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق، أنه من الممكن لهذه القروض التشغيلية أن تفيد الحرفيين أكثر من غيرهم، لكونها محكومة بعدة شروط كمدة السداد.
سيولة وهمية
عزا المصرفي ياسر عبد الجليل، سبب عودة التفكير بحملة الإقراض التي تهدف للترويج إلى أن “سورية بخير”، هي أرقام المصارف عن نصف العام الجاري المتعلقة بالسيولة والأموال الجاهزة لديها. فقد وصلت نسبة السيولة لدى مصرف التسليف الشعبي إلى 72%، في حين وصلت سيولة مصرف التوفير إلى 55% أما المصرف العقاري فقد وصلت سيولته إلى 34% في حين وصلت سيولة المصرف التجاري السوري إلى 34%. ويضيف المصرفي السوري: يمكننا فهم لعبة المصارف الخاصة العاملة بسورية، لأن تلك المؤسسات رأسمالها بالدولار وقوائمها بالليرة السورية، فهي تستفيد من تهاوي سعر صرف الليرة أمام الدولار، وتدعي الأرباح وزيادة السيولة التي تعلنها بالليرة.
(الدولار الأميركي يساوي 311 ليرة سورية)