كتبت باسمة عطوي في صحيفة “المستقبل”: تعود جلسات مجلس الوزراء إلى الإنعقاد يوم الخميس المقبل بعد توقف قسري إستمر ما يقارب ثلاثة أسابيع، كترجمة لوعود رئيس الحكومة تمام سلام في أكثر من مناسبة بضرورة إبقاء الدماء جارية في عروق احدى أهم المؤسسات الدستورية التي تعمل في البلاد، ليس فقط لإرتباطها الوثيق بمصالح الناس المباشرة، بل بسبب تعقيدات الازمة السياسية الحاصلة والتي تبقي ابواب الفراغ مشرعة في الرئاسة الاولى والشلل الحاصل في المجلس النيابي والبركان الاقليمي المتفجر بشأن لبنان، وأيضا نتيجة الحرص الداخلي والاقليمي والدولي على إبعاد فرضية الموت السريري عن هذه الحكومة.
كل هذه المعطيات أدت إلى إستجابة كافة مكونات الحكومة لقبول حضور الجلسة، وإن كانت الآراء تختلف في كيفية إيجاد المخرج لبند التعيينات من دون أن ينفرط العقد الحكومي، علما أن فريق 8 آذار داخل الحكومة ينقسم إلى جناحين، الاول متشدد ويتمثل بالتيار “الوطني الحر”و”حزب الله” اللذين يصران على البت في بند التعيينات وإلا لا إنتقال لمناقشة بنود أخرى على جدول الاعمال، وهذا ما يؤكده لـ”المستقبل”عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب حكمت ديب بالقول: “ليس واردا تأجيل بند التعيينات في حال لم يتم الاتفاق عليه داخل جلسة الخميس، وفي حال تم ذلك سنقوم بكل ما يسمح به القانون والنظام الديمقراطي، ولا أعتقد أن الحكومة يمكن أن تستمر في جلساتها في حال لم نحضر جلساتها لأنها تحل محل رئيس الجمهورية، ولأن ذلك سيكون بمثابة إنتحار”.
من جهته، يؤكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش “اننا سنكون إلى جانب التيار الوطني الحر في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، صحيح أنه لن يكون هناك إعتكاف في حال لم يتم البت بملف التعيينات لكننا لن نقبل بمناقشة أي بند آخر إلى حين إيجاد حل لهذا البند”.
هذا التشدد يقابله موقف أكثر مرونة من وزير الثقافة ريمون عريجي الذي يقول: “كوزراء 8 آذار في الحكومة سنطالب بالبت ببند التعيينات، لكن لا يمكن التكهن بمجريات الجلسة”.
من جهته، يشدد عضو كتلة “التحرير والتنمية” النائب ياسين جابر على ان “وزراء الكتلة باقون في جلسة مجلس الوزراء مهما كان مسار النقاش فيها، وهناك مخرج يقضي بتأجيل تعيين قائد للجيش على إعتبار أنه مستمر حتى شهر أيلول وفتح حوار حول تعيين المجلس العسكري أولا كونه أكثر إلحاحا”.
على الضفة الاخرى يلفت وزير الاعلام رمزي جريج إلى “أن تعيين الرئيس سلام للجلسة هو إستجابة لدعوات عدد من وزرائه بإستعمال صلاحياته الدستورية، وفي حال لم يبت بند التعيينات سيؤجل، ولا أعرف كيف سيكون رد فعل وزراء التيار وحزب الله”.
ويختصر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ما ستكون عليه أجواء الجلسة المقبلة بالقول: ”لا خيار أمامنا إلا أن نبقي هذه الحكومة حية ترزق وبالتالي الجلسة ستسير وفق المعادلة التالية لا تعطيل للدولة ولا خضة سياسية في البلد”.
إذاً، جلسة الخميس المقبل هي جلسة “إختبار” للجميع، وهذا ما يوافق عليه جابر بالقول: ”مبادرة سلام جيدة وهو لا يمكن أن يقدم على هذه الخطوة إلا لتخفيف الازمة وليس زيادة تفاقمها، ونتمنى أن يكون المنطق هو السائد في الجلسة الموعودة وأن يخطو كل فريق خطوة تجاه الآخر، بمعنى أن تتم مناقشة بند التعيينات فلا مانع من ذلك، وهناك أحد المخارج المتداولة لهذا الموضوع بأن يتم تأجيل موضوع قيادة الجيش إلى أيلول على إعتبار ان ولاية قائد الجيش ستنتهي في أيلول ويفتح الحوار حول تعيينات المجلس العسكري كونه الاكثر إلحاحا”.
ويضيف: “لا شك أن وزراء كتلة التحرير والتنمية سيبقون في الحكومة مهما كانت التطورات، لكننا في المقابل نريد تثبيت معادلة تبقي البلد قادرا على العمل والبحث عن قاسم مشترك بين الجميع وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال النقاش بعقلانية ومنطق والبحث عن حلول وليس التعطيل لأن البلد لا يحمل الكثير من العرقلة”.
من جهته يؤكد عريجي “المشاركة في جلسات الحكومة لكنه يشير إلى انه لا يمكن الجزم بالمنحى الذي سيأخذه النقاش داخل الجلسة، لكن هذه المهمة ملقاة على عاتق رئيس الحكومة”. ويضيف: “وزراء 8 آذار داخل الحكومة سيطالبون بالبت ببند التعيينات وسيناقشون الامر، ولكن هناك آلية معتمدة داخل مجلس الوزراء تقضي بأنه في حال لم يتم التوافق على بند معين يسجل الوزراء المعترضون موقفهم ورئيس الحكومة هو من يقرر كيفية معالجة الامور”.
ويرى ديب “أن على الحكومة أن تقوم بمسؤولياتها في ملء الشواغر والقيام بإجراء التعيينات خصوصا في المواقع الحساسة وليس التمديد تأمينا لإستمرارية العمل وتطوير المؤسسات وإحترام مبدأ تداول السلطة في كل المؤسسات، وبالتالي ليس واردا أن يقبل وزراء التيار بتأجيل بت بند التعيينات الخميس المقبل، لأنه لا سبب لذلك، كما أنهم لن يستنكفوا عن حضور الجلسات لأن الإستنكاف دليل ضعف، بل سيقومون بكل ما يسمح به القانون والنظم الديمقراطية، ولا يمكن لجلسات الحكومة أن تستمر من دون وزراء التيار وحزب الله لأنها تحل محل رئيس الجمهورية، وإذا تم ذلك فإن هذا التصرف يكون أقرب إلى الانتحار ومساً بالميثاق الوطني وجوهر لبنان الذي تمت المحافظة عليه منذ العام 1926 “.
ويؤكد فنيش “مشاركة وزراء “حزب الله” في الجلسة المقبلة، لكن موقفهم داخل الجلسة سيكون إلى جانب وزراء التيار الوطني الحر”. ويضيف: “لن يكون هناك إعتكاف من قبلنا عن جلسات الحكومة، ولكن إذا لم يتم التوافق على بند التعيينات لن نناقش اي بنود أخرى على جدول الاعمال إلى أن يتم التوافق على التعيينات”.
ويرى درباس “أن رئيس الحكومة أعطى الوقت الكافي لجميع الافرقاء لإجراء الاتصالات والخروج بمحصلة أنه لا يمكن ترك البلد في مهب الشلل الحكومي”. ويقول: “لا خيار أمامنا إلا أن نبقي هذه الحكومة على قيد الحياة وهذه مهمة الرئيس سلام في الجلسة المقبلة وبالتالي فالجلسة ستكون فق المعادلة التالية “لا تعطيل للدولة وخضة سياسية في البلد”.
ويشير جريج “إلى أن دعوة سلام لإنعقاد جلسة لمجلس الوزراء تعني أنه إستجاب لدعوة فريق كبير من وزرائه بضرورة استعمال صلاحياته الدستورية، ولا شك أن بند التعيينات سيبحث وفي حال لم يتم التوافق عليه سيؤجل كما تقتضي آلية الحكومة”.
ويضيف: “لا أعرف كيف سيكون رد فعل وزراء “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، ولكن إذا أبدوا تعاونا فيمكن للحكومة أن تسيّر أمورا ملحة وأن يوافقوا على تأجيل البت بالتعيينات كونه استحقاقاً غير داهم، ودعوة سلام تعني أنه عازم على إستعمال صلاحياته لتسيير شؤون الناس خصوصا ان مجلس الوزراء هو المؤسسة الدستورية الاخيرة غير المعطلة والتي يجب الحفاظ عليها”.