IMLebanon

عواصم القرار: للبحث عن مرشح توافقي!

Baabda-résidence

 

اكدت مراجع سياسية لصحيفة “النهار” أن إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لن يكون في منأى عن العوامل او الظروف التي أنتجت رئيسا عام 2008. واعربت عن أسفها للمسار الانحداري او التنازلي الذي باتت الظروف والمتغيرات المشار اليها تفرضه على هذا الاستحقاق وهي عينها التي ستتحكم في الاستحقاق، المقبل.

وقالت المراجع ان إنجاز انتخاب رئيس جمهورية مطلع التسعينات بعد تولي العماد ميشال عون رئاسة الحكومة الانتقالية، وعقب انتهاء الحرب، وإقرار دستور الطائف، كبّد المسيحيين ثمناً باهظاً تمثل في التنازل عن صلاحيات كثيرة وأساسية من صلاحيات الرئاسة لحساب الطائفة السنية، وتحديدا رئاسة مجلس الوزراء.

وإذا كانت تسوية الدوحة التي أتت بالعماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا قد كبّدت المسيحيين كذلك مزيدا من الضعف بفعل إعتماد معادلة الرئيس التوافقي التسووي بديلا من الرئيس المسيحي القوي، فإن الطائفة السنية دفعت ايضا ثمنا لا يستهان به نتيجة قبولها في إطار مبدأ المشاركة في المساكنة القسرية مع “حزب الله” عقب احداث 7 ايار، بمبدأ الثلث المعطل.

وسيكون امام السنة ايضا، ودائما بحسب المراجع السياسية البارزة، تقديم المزيد من التنازلات في الاستحقاق الرئاسي المقبل، فيما لم يعد لدى المسيحيين الكثير ليخسروه ضمن المعادلة المقبلة بعدما فقدوا الرئاسة القوية والصلاحيات الواسعة.

ولعلّ هذا ما يبرّر المعركة التي يخوضها السنة اليوم بتمسكهم بالانتخابات الرئاسية، علما أن هذه المعركة تمثل في الواقع دفاعا عن صلاحيات رئيس الحكومة المهددة بعدما دخل “حزب الله” وحلفاؤه على خط مشاركة رئيس الحكومة في وضع جدول الاعمال او تحديد مصير الجلسات وموعد إنعقادها، كما هو حاصل منذ اشهر، وتحديدا منذ شغور سدة الرئاسة، وهو ما تصفه المراجع بـ”البروفا” لما ستكون عليه صلاحيات رئاسة الحكومة بعد التسوية الرئاسية المقبلة.

وفي رأي المراجع، ان ثمة الكثير من الخطوات والمراحل الواجب اجتيازها قبل الوصول الى هذه المرحلة، وقد تتطلب إصلاحات أساسية في النظام السياسي بدأت ملامحها تتبلور في ملفات مثل النفايات والكهرباءحيث بدأت اللامركزية الادارية تشق طريقها عبر إعادة صلاحيات إدارة ملف النفايات الى البلديات والمحافظات والاقضية، فيما إمتيازات الشركات الخاصة للكهرباء بدأت تبصر النور، وآخرها ما اعلن في طرابلس.

وتختصر المراجع أبرز الاصلاحات بمسارين: اللامركزية الادارية وقانون الانتخاب على اساس النسبية. وفي رأيها ان هذين المسارين سلكا طريقهما وإن كان المطلوب الآن التفاهم على آليات توسيع صلاحيات البلديات في ما خص اللامركزية، او تحديد النسبية بالنسبة الى قانون الانتخاب، علما ان الاتجاه بدأ يترسخ نحو اعتماد الاقضية.

وتخلص المراجع الى القول انه لدى انتخاب الرئيس يصبح القانونان أمراً واقعاً. لكن المسألة تبقى مسألة وقت!

كما نقلت الصحيفة عينها معلومات عن مصدر في “تكتل التغيير والاصلاح” أن العماد ميشال عون بات مقتنعاً بوجوب البحث عن مرشح توافقي أو وفاقي بعدما تبلّغ هو وسواه من مرشحين في 8 و14 آذار، من عواصم دول القرار أن لا مرشح منهم له حظوظ في الفوز بالرئاسة في ظل الظروف الدقيقة الراهنة في لبنان والمنطقة، وفي ظل انقسام سياسي ومذهبي حاد.

أضف ان المرشح من هذين التكتلين الكبيرين الذي يظن نفسه قوياً شعبياً وله تمثيله الواسع في محيطه السياسي والمذهبي، ليس في الواقع قوياً لأن نصف المسيحيين الآخرين ليسوا معه وكذلك نصف المسلمين، فكيف يكون قوياً عندما لا يحظى إلا بتأييد نصف المسيحيين ونصف المسلمين فقط، وإلا لكان في استطاعته تأمين نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب والفوز بأكثرية الاصوات المطلوبة، بدليل أن مرشح 14 آذار الدكتور سمير جعجع لم يحصل في جلسة الانتخاب على عدد الأصوات المطلوبة، ولا مرشح 8 آذار العماد عون أعلن ترشيحه رسمياً لعلمه أنه لا يستطيع هو ايضا الحصول على هذه الأصوات، فكانت خطة تعطيل نصاب كل جلسة علّ ذلك يشكل وسيلة ضغط على الأكثرية النيابية لكي تختار بين هذين المرشحين. لكن هذا الضغط لم يؤثر في موقف الاكثرية التي فضلت استمرار الشغور الرئاسي، وإن طال، على انتخاب مرشح من 8 أو 14 آذار.

ويقول المصدر ان العماد عون أثار للمرة الأولى في اجتماع “تكتل التغيير والاصلاح” موضوع البحث عن مرشح توافقي من خارج 8 و14 آذار.

وفي إطار متصل، سألت “ألنهار”: “هل سينجح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في مسعاه الجديد مع الجهات الدولية والاقليمية ومع رئيس الحكومة تمام سلام الذي سيلتقيه في نيويورك هذا الاسبوع ومع افرقاء لبنانيين بواسطة طاقم للسفارة في بيروت يزورهم ويطرح أسئلة محددة عليهم عن الاستحقاق، قبل وصوله الى بيروت في زيارة ثانية له حدد موعدها للبنان في الرابع من تشرين الاول المقبل مبدئياً، اذا لم يطرأ ما يعوقها”.

وقالت: “لم يخفِ سلام السبت الماضي بعد اجتماعه الى الرئيس نبيه بري في عين التينة انه سيطلب الى قادة الدول الذين سيلتقيهم في نيويورك، مساعدة لبنان في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد مرور 484 يوماً على الفراغ الرئاسي الذي ولّد تعطيلا في العمل الحكومي وجدلا حول توزع صلاحيات الرئيس على الوزراء، اضافة الى الشلل في اجتماعات مجلس النواب وتداعيات سلبية على حقول أخرى. وهو سيبدأ برنامج لقاءاته في 25 الجاري على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة في دورتها الـ70 ويلتقي الى الرئيس هولاند البابا فرنسيس الذي حاول الاضطلاع بدور مع المرشحين للرئاسة ميشال عون وسمير جعجع لكنه لم يكمل لأنه اشترط ان يلتزما ما سيطرحه موفده الذي زارهما في الرابية ومعراب ولم يلق التجاوب المطلوب. كما سيلتقي سلام الرئيس الايراني حسن روحاني ونظيره التركي احمد داود أوغلو ووزيري خارجية كل من اميركا جون كيري وروسيا سيرغي لافروف وكل من الأمينين العامين للأمم المتحدة بان كي – مون وجامعة الدول العربية نبيل العربي والمسؤولة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والامن فيديريكا موغاريني.

وعلّق أحد متابعي الاتصالات ذات الصلة بالاستحقاق الرئاسي بقوله: “المهم عدم الاكتفاء بالاصغاء لسلام والتأييد اللفظي في انجاز هذا الاستحقاق، واعلان تلك الدول أن لا مرشحين لها”. وقال إن “واشنطن حاولت حمل طهران بعد التفاهمات حول برنامج الاتفاق النووي الايراني على ان تبذل مساعيها لدى اصدقائها المؤثرين في لبنان من أجل اقفال هذا الملف، غير أنها لاقت رفضاً، على أساس ان هذا الملف هو شأن لبناني داخلي لا تتدخل فيه ايران إلا انه بعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ واليوم لم يعد من مبرر أمام الاميركي لعدم اعادة فتح الملف مع الايراني الذي وحده يمكن أن يؤثر فعلياً في التوصل الى انتخاب رئيس توافقي لملء الشغور الرئاسي”، وفقاً لما يملك المصدر المتابع من معلومات متصلة بالملف.

ودعا رئيس كتلة نيابية مؤثرة رداً على سؤال لـ”النهار” الى التروي وعدم استباق الأمور، وقال: “إن مجيء هولاند الى لبنان أمر جيد، لكنه قد لا يؤدي الى تذليل العقبات الكأداء المتمثلة أولا بالعقدة المارونية المتمادية حيث لا احد يتنازل للآخر، رغم أن جعجع أبدى استعداده للتنازل لمرشح غير عون.

ونصح الديبلوماسية اللبنانية بإجراء اتصالات عاجلة قبل لقاءات سلام كما يفعل هولاند قبل وصوله الى لبنان، في شأن المواقف من الاستحقاق الرئاسي، كي يجد رئيس الحكومة مادة للتحاور مع محدثيه في شكل عملي يمكن ان يؤدي الى مقاربة فعلية لانجاز الاستحقاق وكي لا يبقى الحديث مع مسؤولي الدول “كلاماً بكلام، أما الكلام بأفعال فغير وارد”، وأعطى مثالاً انتخاب رئيس بأكثرية النصف زائدا واحدا تجنبا لمأزق النصاب الذي عطل حتى الآن الجلسات الـ29 التي بقيت من دون نتيجة، أو الطلب الى الرئيس بري تسهيل الانتخاب بهذه الطريقة، وهو من اعطى الضوء الأخضر لنواب كتلته للتوجه الى أية جلسة يدعو اليها لانتخاب رئيس للبلاد متفرداً عن حليفيه في قوى الثامن من آذار، او التعهد بإجراء انتخابات نيابية بعد مدة قصيرة من انتخاب الرئيس وفقاً لقانون جديد للانتخابات.

ورأى أن تكرار سلام ضرورة ملء الفراغ الرئاسي أمر جيد لكن المهم ان تكون هناك أفكار يطرحها وفق آلية على ممثلي الدول بالتفاهم مع رئيس مجلس النواب من أجل أن تكون المحادثات مثمرة ومنتجة.

وختم بأن التفاعل بين أفكار لبنانية وفرنسية لتذليل العقبات التي تحول دون انتخاب رئيس للبلاد كفيل بالتوصل الى رئيس توافقي، بشرط عزل هذه الأفكار عما يجري من اتصالات أميركية – روسية لمكافحة الارهاب المنتشر في سوريا، وإيجاد حل سياسي للأزمة في شكل متزامن.