باسكال صوما
لا شيء في الأسواق التجارية ينبئ بأن عيد الأضحى على مقربة أيام معدودة. الوجوه قاتمة، الشوارع التجارية شبه فارغة من المتسوّقين، ويكاد الوضع يشبه «حظر التجوّل». أصحاب المؤسسات والمحال التجارية يوحّدون الشكوى منذ العام 2011 وحتى اليوم، فالحركة التجارية تسير من تراجعٍ إلى أسوأ منه، ومن أزمةٍ إلى أخرى. كل العروض والأسعار المخفضة لم تنفع في تحريك عجلة الأسواق، ولا حتى اقتراب العيد شجّع المواطنين على التسوّق. حتّى المحلات التي تبيع ثياباً وأحذية للاطفال تعاني الأمرين، فالوضع أكثر من صعب. وتؤكّد بعض المصادر أن «هناك اتجاهاً حقيقياً لدى العديد من أصحاب المؤسسات التجارية في مختلف أسواق بيروت والضواحي نحو الاقفال، بعدما باتوا عاجزين عن دفع الايجارات الغالية والرواتب، وبات عملهم عبارة عن خسائر يومية متراكمة منذ العام 2011، علماً أن العام 2010 كان عاماً جيداً بالنسبة للحركة الاقتصادية في مختلف القطاعات».
إنما هذا العام، ومع الحديث عن تجاوز البطالة معدّل الـ40 في المئة، واستمرار التراجع في المؤشرات الاقتصادية، تبدو الاسواق التجارية أمكنة مهجورة قبيل العيد بأيام.
في هذا الاطار، يشير رئيس جمعية «تجار معوّض» عصام العبد الله لـ «السفير» إلى أن «الوضع التجاري في الأسواق كان أفضل حالاً خلال رمضان الفائت، إذ شاهدنا تحسّناً مقبولاً في الحركة، في ظلّ وجود عدد مقبول من السياح والمغتربين، إنما الوضع الحالي مزرٍ وصعب جداً، واقتراب العيد الذي يعني كل اللبنانيين لم ينفع في تحسين الحركة التجارية». ويرى العبدالله أن «هناك أسباباً عديدة تقف وراء هذا التراجع الكبير، لعلّ من أبرزها عدم الاستقرار السياسي والتجاذبات بين الافرقاء، إضافةً إلى الحراك الشعبي الذي يسهم في إعطاء صورة مشوّهة وسيئة عن لبنان في الخارج، وبالتالي فإنّ ذلك لا يشجع السياح ولا المغتربين لزيارة لبنان في هذه الفترة، هذا مع العلم أننا نؤيد مطالب الحراك المعيشية من كهرباء ومياه وحل لمشكلة النفايات». ويتابع العبدالله: «الناس متعبة ولا رغبة لها في الاعياد والفرح بسبب ما يحدث في البلد من مشاحنات إن في الشارع أو في المؤسسات، هذا بالاضافة الى القدرة الشرائية المتراجعة، وعيد الاضحى أتى هذا العام قبل نهاية الشهر، وبالتالي ليست هناك سيولة كافية في ايدي الناس حتى يشتروا الثياب والأحذية وغير ذلك»، آملاً أن «يقبض الموظفون والعمال رواتبهم قبل العيد أي خلال اليومين المقبلين، لعلهم يشعرون بالعيد، وتنتعش الأسواق التجارية».
التراجع الواضح ينسحب على معظم الأسواق التجارية من سوق معوّض مروراً بمار الياس وبربور وصولاً إلى أسواق بيروت التي تشهد على ضعف في الحراكٍ الشعبي في الأسابيع الاخيرة، ما أدّى بحسب بعض المطّلعين إلى توجّه بعض أصحاب هذه المحال التجارية الى الاقفال، نظراً للإيجارات العالية، مقابل شلّ كبير للحركة في الوسط التجاري.
شهر المدارس
من جهته، يؤيّد رئيس «جمعية تجار سوق مار الياس» عدنان الفاكهاني ما يقوله العبدالله، مضيفاً لـ «السفير»: «ما يحصل في هذه الأيام أمر لا يصدّق فعلاً، هناك غياب تام للشعور بالعيد والفرح». ويوضح أن «الحركة خافتة جداً، ليس فقط في سوق مار الياس، إنما في لبنان كلّه، فالناس متعبون وخائفون»، مشيراً إلى أن «الوضع المادي للعائلات صعب جداً، مقابل تفاقم الغلاء المعيشي، لا سيما أنّ شهر أيلول بالتحديد هو شهر العودة إلى المدرسة والمؤونة وما إلى ذلك من مصاريف كبيرة، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جداً». ويوضح الفاكهاني أن «اصحاب المؤسسات التجارية يعيشون منذ حوالي خمس سنوات أياّماً عصيبة، وكل سنة أسوأ من التي قبلها»، مشيراً إلى أنّه «في الشهرين الاخيرين يشهد سوق مار الياس اقفالات كثيرة، تضاف إلى 43 محلاً أقفل سابقاً».