قالها العماد ميشال عون بالفم الملآن، “فلتكن الفوضى إذا لم ينتخبه النواب رئيساً للجمهورية”، معترفاً بكلام واضح وصريح بمسؤوليته المباشرة عن الشغور الرئاسي في لبنان، منذ ستة عشر شهراً.
وبرأي مصدر سياسي متابع، فإن توقيت خطاب عون، أول من أمس، مدروس وليس عشوائياً، ولم تفرضه ضرورة المناسبة، فالجنرال وصل إلى نهاية مسار التعطيل ويعتقد أنه آن أوان قطف ثمار ما فعله طوال الفترة الماضي، إذ إن قراءته للتطورات الإقليمية، خصوصاً ما يتعلق بالأزمة السورية تجعله يتفاءل، بأن المحور الإيراني – السوري عاد إلى الانبعاث بدعم روسي تمثل بالتدخل العسكري دعماً لنظام بشار الأسد، معطوفاً على تقارب إيراني – غربي.
وبحسب المصدر، “يظن عون أن ساعة تسديد الفواتير قد حانت، وعلى حليفه القوي “حزب الله”، ومن خلفه طهران تحديداً، أن يلعب الورقة الأخيرة المتبقية، فلا يكون الجنرال ممراً إلزامياً للرئاسة، بل المرشح الأوحد، تقديراً لعطاءاته في خدمة المشروع الإيراني في لبنان والمنطقة”.
ويشير المصدر لصحيفة “السياسة” الكويتية إلى أن عون الذي استعرض تاريخ السلطة في المخالفات المالية والقانونية والدستورية، تجاهل أنه كان جزءاً منها، وأنه مسؤول أكثر من غيره عن شلل الدولة، ويكفي التذكير بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وجلب الرئيس نجيب ميقاتي بقوة “القمصان السود”، ثم تعطيل الانتخابات الرئاسية، وأخيراً شل الحكومة الحالية. فإذا كان الأمر كذلك فعن أي سلطة يتحدث عون؟
واعتبر أن عون يستغل اللحظة الراهنة أبشع استغلال، فمن جهة يجري حراك إقليمي معين لا أحد يعرف إلى أين سيؤدي، ومن جهة ثانية تغلي الساحة الداخلية باضطرابات معيشية حادة، وسط أزمة سياسية تعصف بأهل الحكم العاجزين حتى الآن عن تدارك الموقف. ولم تنجح طاولة الحوار بعد، سوى في تفكيك بعض صواعق التفجير التي يراد منها إغراق لبنان بالفوضى الشاملة.
وانطلاقاً مما تقدم، فإن عون يريد فعلاً هذه الفوضى، حتى يتمكن من طرح نفسه منقذاً وحيداً، بدعم من “حزب الله” ذي القوة المسلحة غير الشرعية التي يبدو أنها الوحيدة القادرة على ضبط الشارع، أو على الأقل تخويفه وتوجيهه.