هلا صغبيني
في 11 ايلول الحالي، خفضت وكالة «ستاندرد اند بورز« للتصنيفات الائتمانية، النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني السيادي للبنان إلى «سلبية« من «مستقرة«، وحافظت في المقابل على التصنيف طويل الامد والقصير الامد للديون السيادية بالعملات المحلية والاجنبية عند «B-« و»B« على التوالي. وبعد ايام، قامت الوكالة نفسها بخفض نظرتها المستقبلية لثلاثة مصارف هي «عوده» و»بنك ميد» و»بلوم» الى «سلبية» من مستقرة«، في خطوة طبيعية تتبع حكماً خفضها لتصنيف الدولة، اذ لا يمكن ان يكون تصنيف اي مصرف فوق ذلك المعطى للجمهورية. علماً ان المصارف المذكورة هي التي كانت طلبت من «ستاندرد اند بورز» تصنيفها، وبالتالي فان هذا التصنيف لا يطال القطاع المصرفي ككل.
وتعني تعديل النظرة المستقبلية الى «سلبية» أن «ستاندرد أند بورز« قد تخفض تصنيفاتها في تقريرها المقبل في شباط او آذار، إذا سجل النمو الاقتصادي بخطى أبطأ من المتوقع.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، رد الاسبوع الماضي على ما جاء في تقرير الوكالة الدولية، فقال في كلمة له في افتتاح اعمال المؤتمر المصرفي العراقي «ان الفوائد في لبنان مستقرة، ورغم تحول توقعات ستاندرد أند بورز لمستقبل لبنان من مستقر إلى سلبي، فستبقى الفوائد مستقرة في الأسواق، نظراً للسيولة المرتفعة المتوفرة في القطاع المصرفي اللبناني.. كما أن القطاع المصرفي اللبناني سليم وقوي تصل فيه نسبة الملاءة إلى 12 في المئة بنهاية هذا العام، وفقاً لمعايير اتفاقية بازل 3 المطلوب تطبيقها في جميع أنحاء العالم والتي لم تصل بعد إليها المصارف العالمية«. واشار سلامه الى انه يتوقع ان يصل النمو الى نحو الصفر في المئة.
مصادر مصرفية متابعة لهذا الملف اوضحت لـ»المستقبل»، ان تقرير «ستاندرد اند بورز» وضع لبنان تحت المجهر بحيث لم يخفض تصنيفه، انما كان مجرد تحذير بانه قد يلجأ الى اتخاذ هذا الاجراء في اواخر شباط او اوائل اذار المقبلين اذا ما استمرت الاوضاع السياسية على هذا الحال. ونبهت الى ان وكالة التصنيف قد تلجأ الى خفض التصنيف قبل الموعد المحدد في شباط او اذار اذا حصلت تطورات دراماتيكية في البلاد.
وقالت المصادر اياها ان المصارف اللبنانية قررت ان تشرح لمختلف الافرقاء السياسين انعكاسات هذا الاجراء على القطاع المالي والاقتصادي، مع تأكيدها على سلامة القطاع المصرفي. «فما حصل في السنوات الاخيرة على صعيد خفض التصنيف لم يؤثر على قاعدة حركة المودعين». وعزت المصادر قدرة لبنان على مواجهة اي ازمة بفعل «الاحتياط الكبير بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان والذي وصل الى 39 مليار دولار وهو تمثل نحو 76 في المئة من الكتلة النقدية بالليرة، بالاضافة الى السيولة التي تمثل نحو 40 في المئة من الودائع مقارنة بنحو 22 في المئة في الاسواق الناشئة.
ولكن ما هي انعكاسات خفض التصنيف على المصارف؟
مصادر مالية شرحت لـ»المستقبل» أن مزيداً من الخفض يعني ان المصارف اللبنانية ستصبح ملزمة بزيادة اوزان التثقيل على توظيفاتها، ان للقطاع العام او القطاع الخاص، من 100 في المئة الى 150 في المئة، ما يعني زيادة في رأس المال بنسبة 50 في المئة.
وهذا الامر ينسحب ايضاً على نسب الملاءة التي لا مشكلة للمصارف فيها اليوم. إذ إن مزيداً من خفض التصنيف يعني ان المصارف ستصبح عندها مضطرة الى تحقيق نسبة ملاءة بواقع 18 في المئة بدلاً من 12 في المئة.
علما ان معظم المصارف نجحت في بلوغ نسب الملاءة (مضافاً إليها احتياط الحفاظ على الأموال الخاصة)، التي حددها التعميم 44 حتى نهاية العام 2015 كالآتي:
نسبة حقوق حملة الاسهم العادية / مجموع الموجودات المرجحة في 31/12/2015: 5.5%+ 2.5% (احتياط الحفاظ على الأموال الخاصة)= 8%.
نسبة الاموال الخاصة الاساسية/ مجموع الموجودات المرجحة في 31/12/2015: 7.5% + 2.5% (احتياط الحفاظ على الاموال الخاصة)= 10%.
نسبة الاموال الخاصة الاجمالية/ مجموع الموجودات المرجحة في 31/12/2015: 9.5% + 2.5% (احتياط الحفاظ على الاموال الخاصة)= 12%.
لكن المصادر تقول ان ما قررت ان تقوم به جمعية المصارف على صعيد زيارتها الافرقاء السياسيين، هو لتنبيههم الى ان الوضع السياسي الراهن سيفاقم الامور المالية تعقيداً، اذ سيترتب عنه المزيد من الخفض الائتماني وهذا بدوره سينعكس مزيداً من الانكماش الاقتصادي بفعل تراجع قدرة المصارف عندها على الاقراض وبالتالي تحريك العجلة الاقتصادية. كما ان من شأن هذا الامر ان يؤثر على علاقة المصارف اللبنانية بالمصارف المراسلة مع الخارج التي ستطلب حينها الدفع سلفا لقاء اي عملية.
وفي هذا الاطار، قام وفد منها برئاسة جوزف طربيه بالامس بزيارة وزير المالية علي حسن خليل، وتم البحث في الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، لا سيما في ضوء التقرير الأخير الذي أصدرته وكالة التصنيف الدولية ستاندرد أند بورز والمتضمن وقائع سلبية تؤثر في تصنيف لبنان المالي والاقتصادي«، كما جاء في بيان صادر عن المكتب الاعلامي لـ«المالية». وكان «تشديد على الحاجة الماسة إلى إيجاد تسويات للأزمة السياسية الداخلية نظراً لانعكاسها الكبير على الوضع المالي، باعتبار ان من شأنها أن تتيح القيام بإجراءات أساسية وملحة في الحكومة وفي المجلس النيابي تساعد بشكل كبير على ضبط الوضع وانتظامه».
رموز التصنيف
أما الرموز المستخدمة من قبل وكالات التصنيف الائتماني للدلالة على مستوى الجودة الائتمانية في الفترة الطويلة فهي كما يلي:
الجودة الائتمانية الأعلى: تعتبر الإصدارات المصنفة (Aaa/AAA) بأنها ذات الجودة الائتمانية الأعلى، والأقل مخاطر ائتمانية ومخاطر عدم السداد، وتعبّر عن قدرة عالية ومتميزة على الوفاء بالالتزامات المالية.
جودة ائتمانية عالية جداً: تعتبر الإصدارات المصنفة (Aa/AA) بأنها ذات جودة ائتمانية عالية جداً، ومخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد منخفضة جداً، وتعبّر عن قدرة عالية جداً على الوفاء بالالتزامات المالية.
جودة ائتمانية عالية: تعتبر الإصدارات المصنفة (A) بأنها ذات جودة ائتمانية عالية، ومخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد منخفضة، وتعبّر عن قدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية.
جودة ائتمانية جيدة: تعتبر الإصدارات المصنفة (Baa/BBB) بأنها ذات جودة ائتمانية متوسطة، ومخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد مقبولة، ولكن من الممكن للظروف الاقتصادية أن تؤثر على قدرتها على الوفاء بالالتزامات المالية.
مخاطر مضاربة: تعتبر الإصدارات المصنفة (Ba/BB) بأنها ذات جودة ائتمانية دون المتوسط، ومخاطر ائتمانية عالية، وتتضمن مخاطر مضاربة.
مخاطر مضاربة عالية: تعتبر الإصدارت المصنفة (B) بأنها ذات جودة ائتمانية ضعيفة، ومخاطر ائتمانية عالية جداً، وتتضمن مخاطر مضاربة عالية.
مخاطر ائتمانية كبيرة: تعتبر الإصدارات المصنفة (Caa/CCC) بأنها ذات جودة ائتمانية ضعيفة جداً، ومخاطر ائتمانية عالية جداً، وهناك احتمال لحدوث حالة عدم السداد.
مخاطر ائتمانية عالية جداً: تعتبر الإصدارات المصنفة (Ca/CC) بأنها ذات جودة ائتمانية ضعيفة جداً، ومخاطر مضاربة عالية جداً، وهناك بعض المظاهر لحدوث حالة عدم السداد.
المخاطر الائتمانية الأعلى: تعتبر الإصدارات المصنفة (C) بأنها ذات الجودة الائتمانية الأدنى، وأصبحت حالة عدم السداد وشيكة أو محتمة، وبالتالي هناك صعوبة في استعادة أصل المبلغ أو الفوائد.