لم تختلف الحركة التجارية عشية عيد الأضحى في بيروت، عن الأيام العادية من السنة، بل على العكس، تراجعت قياساً للحركة التي سجلتها الاسواق عشية عيد الفطر، أي منذ حوالي ثلاثة أشهر. ويُجمع رؤساء جمعيات تجار مارالياس عدنان الفاكهاني، وسوق بربور رشيد الكبي والحمرا زهير عيتاني، في حديثهم إلى “المدن”، على ان الإقبال على الشراء عشية العيد “شبه معدوم، سواء من قبل السياح او المواطنين”، وعلى الرغم من تدني الاسعار نسبياً، مقارنة بالاعوام السابقة، “لم يحمل عيد الاضحى أي تحسن في الحركة”.
ملصقات التنزيلات على واجهات المحال لم تعد تقتصر على نهاية المواسم، إنما أصبحت ملازمة لها طوال العام، أملاً بجذب المتسوّقين. والملاحظ أن التنزيلات تتراوح ما بين 50 و80% في هذه الفترة، إلاّ أن هذا الامر لم يؤثّر إيجاباً على حركة الشراء التي بلغت في حدّها الاقصى 15%، بحسب التجار الذين يعتبرون ان المزاج العام في البلد “سلبي”، و”نحن بحاجة الى صدمة إيجابية تنقذ البلد مما يتخبّط فيه”. وينفرد الفاكهاني بالاشارة الى ان “ما يحصل في الشارع من تحركات يخلق قلقاً لدى بعض المغتربين الذين يعزفون عن القدوم الى لبنان لتمضية عطلة العيد، إضافة الى الحذر الخليجي”. ومن جهته، يرجح عيتاني ان يكون تزامن عيد الاضحى هذا العام مع بداية العام الدراسي، “قد أثّر سلباً على الحركة التجارية، فالناس لديهم الكثير من الأعباء التي عليهم تحمّلها، من أقساط المدارس والكتب والقرطاسية الى الكهرباء وكلفتها المزدوجة وغيرها من الامور الحياتية المُلحة”. أما الكبّي فيرى أن الناس يفضّلون أن “يخبوا قرشهم الابيض ليومهم الاسود”، إلاّ أن هذا لا ينفي “تدني السيولة لدى معظم الناس”.
وفي جولة على بعض المحال التجارية في سوق مارالياس، يلاحظ أن الحركة في المحال لا تشبه إزدحام السير الذي يشهده هذا الشارع خلال أيام الاسبوع العادية. واللافت هذا العيد أن هناك توجهاً عاماً وميلاً للتقشّف لدى معظم الناس، قد يكون ذلك بسبب الوضع الاقتصادي المتردي أو جو الركود العام في البلد. وتلفت “فاطمة”، وهي أم لثلاثة أولاد، الى أنها اكتفت هذا العيد بشراء حذاء جديد لابنتها الصغيرة فقط، وستكتفي بما لديها من ملابس لعدم قدرتها على شراء ملابس جديدة، اما التبضع هذا العام لباقي الأسرة، فاستبدلته بتسديد أقساط المدارس وشراء الكتب.
وبالنسبة الى “غنى”، وهي أم لثلاثة أطفال، لا أجواء مناسبة للإحتفال بالعيد هذا العام، وقد اكتفت بشراء قطعة ملابس واحدة لكل ولد من اولادها، إذ “لا مشاريع خاصة للعيد، والمال غير متوفّر بما يكفي لوضع برنامج للنشاطات”. أما “ميرنا” وهي أم لولدين، فقد لاحظت أن الحركة خفيفة جدا هذا العيد، وعزت السبب لتزامن الاضحى مع بداية االسنة الدراسي، علماً أن المحال التجارية بمعظمها لجأت الى التنزيلات.
في السياق نفسه، الإلتزامات المادية على العائلات كثيرة، وثياب العيد ليست أولوية بالنسبة لـ “نسرين” وهي أم لأربعة أطفال. تشير “نسرين” الى أن أقساط المدارس نالت القسط الاوفر من الراتب، وانها لن تتمكن من شراء كل ما تريد لأطفالها وستكتفي فقط بما هم بحاجة إليه.
عيد الأضحى في بيروت التي سرقت الأضواء من بقية المناطق بفعل الحراك الشعبي في وسطها التجاري، لم يشفع لها بحلّ أزمة الركود الاقتصادي فيها. وبات القليل من التسوّق هو “كبش العيد” يعوّض “المعيّدين” سوء الأحوال الاقتصادية.