لن يمر عيد الأضحى على السوريين، الخميس، وهم أحسن حالاً مما كانوا عليه في سنوات الأزمة السابقة، بل على العكس، فالأزمات المعيشية تضاعفت، في ظل غلاء المواد الغذائية وارتفاع أسعار المحروقات، يضاف إلى ذلك أن قدوم العيد تزامن مع افتتاح المدارس، وبالتالي تزايدت الأعباء على العائلات السورية، لاسيما بعد ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستوى قياسي خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تجاوز الـ 235 ليرة للدولار الواحد. هذا إلى جانب الأعباء الحياتية الأخرى التي تفرضها زيادة ساعات التقنين الكهربائي وانقطاع المياه عن 30% من أحياء العاصمة. وعلى ما يبدو أن أضاحي العيد أيضاً ستكون من العادات المنسية لهذا العام.
تقول رزان مجذوب لـ”المدن”، إنّ “ارتفاع الأسعار جعل غالبية السوريين ينسون التحضيرات للعيد، وهذا الأمر معمم على كثير من العائلات، فلا جدوى من النزول إلى الأسواق لأن الأسعار لا تتناسب أبداً مع الرواتب”. ارتفاع الاسعار لم يمنع ازدحام الاسواق، “علماً ان البضائع المعروضة ذات جودة منخفضة”، على ما تشير إليه نادين غانم، وتضيف أنّ “معظم التجار أخرجوا ما لديهم من بضائع قديمة في المستودعات لبيعها خلال فترة العيد”، لكن الوضع المعيشي للناس جعل الازدحام شكلياً “بلا مضمون فعلي”.
بعض العائلات فضل تأجيل شراء الملابس لأطفاله إلى موسم الشتاء، وتوضح لبنى تقي الدين لـ “المدن”، ان اولادها “يحتاجون لملابس شتوية، لذلك قمت بتأجيل شراء ما يحتاجونه إلى الفترة المقبلة خصوصاً أنّ الأسعار في أيام العيد تكون مرتفعة كثيراً”.
حال الركود التي تمر بها الأسواق يؤكدها التجار، اذ يصف فراس مارديني، صاحب احد المحال التجارية، حركة العيد بأنها “وسط”، وفي حديث لـ “المدن”، يوضح مارديني ان الحركة هذا العيد “أقل مما كانت عليه في عيد الفطر والسبب يعود، إضافة الى الظروف المعيشية الصعبة، الى ان هذا العيد الثاني الذي يأتي في فصل الصيف وكثير من الناس يكتفون بالملابس الصيفية التي اشتروها العيد الماضي”. ويضيف مارديني، ان “ارتفاع أسعار الألبسة هو ما دفعنا كتجار للطلب بالسماح لإستيراد “البالة”، فمتوسط دخل الفرد لم يعد كافياً لشراء حتى الضروريات وهذا ينطبق على الجميع، خصوصاً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات”.
وعادة ما يترافق عيد الأضحى مع شراء الأضاحي وهو الأمر الذي لن تقوم به الغالبية العظمى من السوريين كما يوضح “أبو أسامة” وهو أحد اللحامين في سوق الغنم الرئيسي (سوق عدرا)، اذ ان سعر كيلو اللحم وصل إلى 1050 ليرة (حوالي 4 دولارات) ما يعني أن أضحية بوزن 50 كلغ ستسعر بـ55 ألف ليرة (حوالي 235 دولاراً) وهو رقم خيالي ليس بمقدور العائلات بظروفها الحالية دفعه. إلى ذلك، تتفاوت أسعار الأضاحي بين المناطق السورية، حيث بلغ سعر الأضحية في دمشق 150 دولاراً، بينما تراوح سعرها في الغوطة الشرقية بين 300 و400 دولار، في حين يبدأ سعر الأضحية في الغوطة الغربية من 150 إلى 300 دولار، أما في الجنوب الدمشقي فسعر الكيلو الواحد يبدأ من 6 دولارات.
يعلّق رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني، على ما يحصل بالقول ان “الأسعار في الأسواق وصلت لمرحلة في الارتفاع لا تحتمل، والمستهلك لا قدرة له على الشراء، ومما زاد الأمور سوءا هو سعر صرف العملة المرتفع، وبالتالي فسعر كل سلعة ارتفع بنسبة حوالي 15% ومعظم العائلات تنزل إلى الأسواق وتعود خائبة لعدم قدرتها على شراء ما تحتاجه، حيث انخفضت القدرة الشرائية لما دون 15-17% من قيمة الدخل.
يحاول السوريون رغم ارتفاع الاسعار ودخولهم في لعبة المفاضلة بين السلع والحاجيات، ان يقضوا عيداً سعيداً يُنسيهم الى حدّ ما مآسي الحرب. لكن الى أي حدّ يمكن لعيد يمتد ليوم أو يومين أن يُنسي نتائج أزمة عمرها حوالي 4 سنوات؟