كتبت باسكال صوما في صحيفة “السفير”:
«لا تتعدّى نسبة الحجوزات للإشغال الفندقي خلال عيد الأضحى الـ40 أو الـ50 في المئة في أفضل الأحوال، مقابل تراجع واضح في سعر الغرفة». الكلام لنقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، الذي يؤكّد لـ«السفير» أنّ «القطاع السياحي يعيش أسوأ أيامه، وقد شهدت الأيام الأخيرة إلغاء لعدد كبير من الحجوزات لاسيما لسياح مصريين، علمنا أنّ عدداً منهم ألغوا سفرهم إلى لبنان متوجّهين إلى قبرص، بسبب الأوضاع السياسية المتأزمة وما يجري في الشارع من حراك مدني».
في جولةٍ لـ «السفير» على عدد من أصحاب المؤسسات، يبدو واضحاً أنّ الأزمة السياحية تفاقمت بشكلٍ كبير خلال الأسابيع الماضية مع تراكم النفايات في الشوارع، والانقطاع الكهربائي المتزايد، إضافةً إلى شحّ المياه في مناطق عديدة، ما يحتّم على أصحاب المؤسسات تكاليف باهظة، تضاف إلى التكاليف الاساسية. وإذ يفكّر عدد من هؤلاء جدياً في الإقفال، يمكن القول إنّ لبنان سيشهد في الفترة المقبلة مفاجآت غير سارة مفادها إقفال مؤسسات سياحية مهمّة وكبيرة، وذلك مع استمرار الشلل السياسي الذي ولّد حراكاً شعبياً، أسهم بدوره في تفاقم الأزمات الاقتصادية التي تعيشها القطاعات منذ العام 2011، وعلى رأسها القطاع السياحي بمؤسساته كافّةً.
في هذا الإطار، يقدّر الأشقر حجم تراجع المداخيل السياحية مقارنة بالعامين 2009-2010، بما لا يقلّ عن 50 في المئة، مشيراً إلى أن «الوضع العام في البلد من انقطاع الكهرباء والمياه وتراكم النفايات، إضافةً إلى الحراك المدني يزيد الأمور سوءاً، والقطاع السياحي يدفع أثماناً كبيرة نتيجة كل ذلك». ويضيف: «تراجع الإشغال في ظل كل هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها لبنان، تجعلنا نقبل بأرخص الأسعار، مع تراجع الطلب».
رئيس «نقابة اصحاب المؤسسات السياحية البحرية» جان بيروتي، يوضح من جهته، أنّ «السياحة في عيد الأضحى هذا العام ترتكز على عدد قليل من اللبنانيين وعدد جيد من العراقيين مقابل أعداد قليلة من العراقيين والمصريين والأوروبيين، مع استمرار غياب السياح الخليجيين عن لبنان». ويؤكد أن «الوضع خارج العاصمة شبيه بأحوال العام 2014، إلا أنّ القطاع السياحي في العاصمة يشهد تراجعاً واضحاً في الفترة الأخيرة نتيجة سوء الإدارة السياسية والحراك الشعبي في وسط بيروت وما يرافقه من إقفال طرق وغير ذلك». ويرى أنّ «المؤسسات السياحية والتجارية في العاصمة تعيش وضعاً دقيقاً جداً في الآونة الأخيرة، لاسيما في وسط بيروت نتيجة ما يحدث في الشارع، مقابل ارتفاع الإيجارات في هذه المنطقة بشكلٍ جنونيّ، وبالتالي التعطيل وإن كان لفترة قليلة، إلاّ أن تأثيره كبير جداً على المؤسسات التي تناضل من أجل البقاء».
ويلفت بيروتي الانتباه إلى أن «السياحة الداخلية خلال صيف الـ2015 كانت جيّدة بفضل كثرة المهرجانات وتنوّعها في المناطق اللبنانية، إنما المشكلة الكبيرة تكمن في السياحة الوافدة إلى لبنان والتي كانت مخيّبة للآمال، واقتصرت على جزء من المغتربين وسياح عراقيين، إضافةً إلى أعداد قليلة من السياح المصريين والأردنيين والأوروبيين».
ما تعيشه الأسواق التجارية في بيروت والضواحي من تراجعٍ في الحركة وإقفالات لمؤسسات، هو نفسه مشهدٌ يتكرر بالنظر إلى ما آلت إليه الظروف بالقطاع السياحي، علماً أن الاقتصاد اللبناني يعتمد على الخدمات بشكلٍ أساسيّ، لاسيما المصرفية والسياحية. وإن كان القطاع المصرفي يحافظ حتى الآن على تماسكه بفضل السياسة الحكيمة لمصرف لبنان، فمن يحمي القطاع السياحي من الإفلاس الشامل؟ ومَن يعوّض على المؤسسات السياحية خسائرها المتراكمة منذ العام 2011 وحتى هذه اللحظة؟ ومَن يسأل ومَن يحاسب على غلاء الإيجارات مقابل تفاقم الأزمات والتراجع المستمرّ في الحركة؟