Site icon IMLebanon

الوسط التجاري يفتقد عشّاقه ويسعى لاستعادة بهائه

شارع المعرض - اول ايام عيد الأضحى
شارع المعرض – اول ايام عيد الأضحى

عصام شلهوب

بعد ان استعاد وسط بيروت موقعه كمركز تجاري وخدماتي، وتربّع على عرش أسواق السلع الفاخرة بالشرق الأوسط، و تمكنت دبي في فترة من الفترات خلال سنوات الحرب من انتزاعه، أبى الا ان يعود الى سابق عهده.
سوق «الترف» في لبنان لا بد من ان يمر في وسط بيروت، حيث سبقت الاسواق الجديدة ماركات عالمية معروفة في عالم الموضة، ناهيك عن دور الازياء لمصمّمين لبنانيين عالميين على غرار ايلي صعب وزهير مراد، وازداد عدد المحلات التي تبيع بضاعة فاخرة، وهي تمتد كما بقعة الزيت»، إضافة الى ان العاصمة بيروت تضم اهم مؤسسات ومعارض الفن القديم والمعاصر في المنطقة، وابرزها دارopera galerie الفرنسية، كما مقر لأبرز الشركات المحلية والدولية .
والاسواق الشعبية العتيقة كانت لها الحصة الكبيرة، والتي اعادت شركة سوليدير العقارية بناءها بقيمة تجاوزت المئة مليون دولار وبحلة مترفة واكثر حداثة، اصبحت مقرا لجميع طبقات الشعب الميسورة والمتوسطة، حتى ان اصحاب الدخل المحدود يقصدونها للتبضع والترفيه، وكانت مقرا للسياح الاجانب والعرب قبل المقاطعة الاخيرة .

وتضم هذه الأسواق الى جانب المتاجر التي تستهدف الشريحة الاوسع من المجتمع، اسماء من بينها «ايف سان لوران «و»كلويه « و»بوربري» و»فيفيان وستوود»، وتمتد على مساحة اكثر من 150 الف متر مربع وتضم 400 متجر، بينها 49 مخصصة لبيع المجوهرات، وتجاور الاسواق شارعي فوش وألنبي اللذين يحضنان ايضا اسماء براقة تضاف الى لائحة محبي التسوق.
وتصطف المتاجر على جانبي شوارع مخصصة للمشاة، وتتداخل الهندسة الجديدة مع تصميم هندسي عائد الى حقبة الانتداب الفرنسي (1923-1943)، ويعتبر ان هذا الطابع القديم المتجدد هو الذي يضفي سحرا لا نجده في اسواق الخليج.

الحرب على بيروت

بيروت التي كان يُطلق عليها لقب «باريس الشرق الاوسط» في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فرضت نفسها واجهة للسياحة والتسوّق في المنطقة منذ التسعينات على الرغم من الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن سنوات الحرب، لكنها تواجه اليوم حربا خفية، تسعى الى هدم دعائمها والعودة بها الى «صبيع البوبو يا خيار»، و»تفضلي يا ست هيدا ع قياسك»، ويحلم البعض الآخر بأن تكون مسرحا لأكثر من جبهة عسكرية تذكرنا بضراوة الحرب التي عصفت بلبنان.

الاشقر

رئيس اتحاد اصحاب المؤسّسات السياحية والفندقية بيار الاشقر اكد لـ «اللواء «ان ما يشهده وسط بيروت من حراك لتحقيق مطالب مشروعة في غالبيتها، يؤثر بشكل مباشر على نشاطه التجاري والسياحي»، لافتا إلى أن الإقفال اليومي للوسط التجاري زاد الاوضاع السيئة سوءا، وهذا الوضع دفع بمجموعات سياحية مصرية الى الغاء حجوزاتها الفندقية والتوجه الى قبرص .
واعتبر الاشقر ان هذا الاجراء هو تنبيه جديد يأتينا من مصر، اضافة الى دول الخليج والسعودية التي قاطعت لبنان في الماضي القريب، وحذرت رعاياها منذ فترة قصيرة من المجيْ اليه.
واوضح ان القطاع السياحي بشكل عام والفندقي خصوصا كان يعتمد مؤخرا على الوافدين من العراق ومصر والاردن، ضمن مجموعات سياحية، ولم تكن تتأثر بالاحداث التي كانت تقع ضمن المناطق اللبنانية، غير ان لوسط بيروت اهمية بارزة، والإقفال اليومي له وللطرقات المؤدية اليه يؤثر بشكل مباشر على المؤسسات الفندقية والمطاعم والمحلات التجارية مما يدفع بالمجموعات السياحية الى الغاء حجوزاتها .
وشدد على ان لبنان خسر موسم عيد الاضحى المبارك، الذي كان يميّز بيروت خلال الاعوام السابقة وخصوصا عامي 2009 و2010، حين كان السائح العربي لا يجد غرفة في اي فندق. اليوم خسرنا السيّاح وموسم العي ، ومع ذلك نقول «الله ينجينا من الاعظم».

رزق الله

ويؤكد رئيس مجلس ادارة مجموعة «مونتيفيديو»، التي تملك سلسلة من المطاعم داخل الوسط التجاري وفي محيطه زاهي رزق الله لـ «اللواء» أن اصحاب المطاعم في وسط بيروت يواجهون اياما صعبة اذ لا تزال هذه المنطقة التي كانت قبلة الزوّار قبل عام 2011 خالية من السياح، وجاءت التحركات الاخيرة منذ اسبوعين لتزيد الطين بلة، من دون ان نعرف افقها المستقبلي .
ويقول رزق الله وهو ينظر الى الطاولات التي هجرها الزبائن: «كيف الحال؟ انظروا بنفسكم»، مشيرا الى انه قبل قبل عيد الاضحى، كان الزبائن يحجزون قبل عدة ايام، اما اليوم فلا مَنْ يحجز ولا مَنْ يحجزون . لقد حُرِمَ اهل بيروت فرحة العيد وزادت خسائرنا اضعافا.
وكسائر عشرات المطاعم والمتاجر الاخرى في الوسط التجاري، تتجه المطاعم والمقاهي الباقية الى الاقفال، خصوصا أن الكلفة مرتفعة جدا والوضع لم يعد يطاق .

التنير

ويقول نائب رئيس جمعية تجار بيروت جهاد التنير ان وضع البلاد اليوم يؤثر حتما على الحركة، وهو لا يزيد من الشلل القائم، فالأسواق ضعيفة والحركة شبه معدومة، وهناك فرق كبير قبل حصول التظاهرات، وبين اليوم، فالبلد خالٍ حاليا! بطبيعة الحال، إن الحركة التجارية حساسة كثيرا وتتأثر بأي حادث يحصل.
واعتبر ان التأثيرات تبدأ من موضوع الأجور والرواتب، ففي حال تعثّرت، سوف تؤثر على القدرة الشرائية للمواطن، ما سينعكس على الوضع الاقتصادي في البلد، وعلى الحركة الاقتصادية، فالأسواق متراجعة بنسبة 30% منذ بداية العام ولغاية اليوم، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وعيد الاضحى المبارك لم يؤثر على الحركة التجارية، كما إنّ وضع الشركات صعب جدا لأنها تعاني من نقص في السيولة. وبالتالي لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر على هذا الشكل، فالدولة هي المقاول الأول، والمسؤولة عن رعاية الاقتصاد، وهذا الأمر غير موجود في الوقت الحاضر.

رامي

وأكد نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي أن «أصحاب المطاعم والملاهي والمقاهي يشعرون بإحباط من جراء هذه الأحداث التي أثرت على الحركة السياحية التي كانت معقولة وكان يمكن ان تمتد حتى أواخر أيلول المقبل مع عيد الأضحى في 23 أيلول».
وأعلن عن أن «التطوّرات الحاصلة في ساحة رياض الصلح أثرت بشكل سلبي على القطاعات السياحية والتجارية والإستثمارية في الوسط التجاري وفي مختلف المناطق اللبنانية»، موضحا ان «الفنادق العاملة في الوسط التجاري تأثرت بشكل مباشر وانعكس ذلك على حركة المطاعم المتبقية في الوسط التجاري، وحركة الاستثمار التي تتريث في المباشرة أو إطلاق استثماراتها».

موقف النقابة

وكانت النقابة قد اصدرت في وقت سابق بيانا اشارت فيه الى أن قطاع المطاعم «يشغّل زهاء 3 آلاف موظف ويتحمل اغلى تكلفة تشغيلية سياحية في لبنان»، وطلبت من المسؤولين توفير «طريقة جادة لتعويض خسائر هذه المؤسسات التي تكبدتها جراء القفل القسري والتوقف عن العمل النهائي ، وإعفاء الوسط من ان يكون المكان الوحيد للحوار الوطني والحراك الشعبي».