Site icon IMLebanon

حظر تصدير الأسلحة إلى بلدان في الشرق الأوسط يكبِّد المُصنّعين السويسريين خسائر كبيرة

Ruag-swiss-weapons

ماثيو آلّـن

أعلن قِطاع صناعة الأسلحة السويسرية عن تلقيه ضربة مالية قاسية، بسبب الحَظر المفروض على مَبيعات العتَاد الحربي إلى دول الشرق الأوسط والخليج. ومن المعلوم أن القيود التي فرضتها الكنفدرالية على هذه الصادرات، تهدف إلى منع استخدامها في انتهاك حقوق الإنسان.

وكانت الحكومة السويسرية قد فرضت قيوداً على تصدير العتاد الحربي إلى منطقة الشرق الأوسط المدرة للأرباح في شهر مارس المنصرم، على إثر العمليات العسكرية التي شنّتها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها ضد المتمرِّدين الحوثيين في اليمن المجاور.

وكانت شركة ‘رواغ’ RUAG السويسرية للصناعات العسكرية المملوكة للدولة، والتي تعاني من ضغوط الفرنك القوي بالفعل هي من دقّ ناقوس الخطر بهذا الخصوص.
وفي البيان الذي أرسلته عبْر البريد الإلكتروني إلى swissinfo.ch، أفادت شركة “رواغ” أنها “لم تتلقَّ أي رُخصة لتصديرالأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط منذ مارس 2015، وما زالت مُعظم طلبات التصدير الخاصة بالدول المشموله بهذا التجميد، معلَّقة في الوقت الرّاهن” وأضافت أنه “نتيجة لذلك، تكبّدت شركة ‘رواغ’ خسائِر مالية وصلت قيمتها إلى عشرات الملايين من الفرنكات السويسرية”.
وجاء في البيان أيضا أنه “على المدى البعيد، تواجِه ‘رواغ’ خطَر خسارة معاملاتها لفائدة الشركات المنافِسة الأخرى. علاوة على ذلك، سوف يُضعف هذا الوضع قاعدتها الصناعية المهمة أمنياً في سويسرا. وفي حال استمرّت القيود المفروضة، فسيعني ذلك تأثّـر مواقع شركة ‘رواغ’ في سويسرا [التي تُشغِّل 4300 موظفاً] بدرجة كبيرة”.

وبهذا الخصوص، أكّدت كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية تطبيقها لقيود تصدير صارمة على كلٍّ من الكويت والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، المتحالِفة مع السعودية في الصِّراع اليمني.

وكانت مملكة البحريْن ودولة الإمارات العربية المتحدة قد تقدّمتا في العام الماضي بطلبات لشراء أسلحة تتجاوز قيمتها 14 مليون فرنك، في حين لم تتجاوز الطلبات التي كانت المملكة العربية السعودية قد تقدّمت بها مبلغ 4 ملايين فرنك. بيْد أن هذه البلاد كانت سُوقا مُربِحة حتى الماضي القريب، مع طلباتها المنتظِمة لكميات تفوق هذه بكثير.

رسالة احتجاج

ووِفقاً لمَقالة نُشرت في صحيفة ‘نويه تسورخر تسايتونغ’ الصادرة بالألمانية في زيورخ، بعثت أعداد من الجماعات الضاغِطة، المدعومة من قبل السياسيين، برسالة احتِجاج إلى الحكومة في شهر يونيو المنصرم. واشتكت الرسالة من أن القيود التي تفرضها سويسرا على تصدير عتَادها الحربي تسلِّم هذه الميزة إلى مُصَدِّري الدول الأخرى، ولاسيما ألمانيا.
وفي نفس السياق، عبَّرَت شركة ‘راينميتال للدفاع الجوي’ Rheinmetall Air Defence، التي يقع مقرّها في سويسرا، في نفس المقالة عن تأثر أعمالها أيضاً نتيجة الحظْر المفروض من طرف برن على صادرات الأسلحة إلى الشرق الأوسط.
على الجانب الآخر، ووِفقاً للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، فإن الضغوط التي تُكابدها شركات التسلّح في أعمالها تتضاءل بالمقارنة مع جرائم الحرب المزعومة التي ارتُكِبَت في الصراع الدائر في اليمن. وصرح آلان بوفارد، المتحدث باسم الفرع لـ swissinfo.ch: “من المعروف أن قصف الطائرات السعودية قد طال أهدافاً مدنية”.
كما أضاف:”إن لوبي الأسلحة في سويسرا مُمَثَّل بشكل جيِّد وقوي بما يكفي لِفَرض التغييرات اللّازمة في التشريعات التي تعود بالنَّفع على المصالِح المالية لأعضائه”.
ويُشير بوفارد في تصريحه هذا إلى التغيّر القانوني المثير للجدل في العام الماضي، الذي استهدف تخفيف القيود على تصدير العتاد الحربي السويسري إلى الخارج – والذي استطاع أن يجِد طريقه إلى الدستور، بفارِق صوت واحد فقط.
ويعني هذا التغيير أن صادرات الأسلحة السويسرية سوف تُمنع حصْرا إلى الدول التي يوجد فيها خطر كبير لاستخدامها في انتهاكات لحقوق الإنسان. وعدا عن ذلك، فإن المسألة متروكة للحكومة لتقرِّر تصدير الأسلحة من عدمِه، على أساس كل حالة على حِدَة.

وخلال العام المنصرم، لم تشكِّل صادرات الأسلحة والعتاد الحربي إلى الخارج سوى 0,26% من مجموع الصادرات السويسرية. وبالمقارنة، تُعتبَر ألمانيا هي السوق الأقوى. بيْد أن إندونيسيا برزت في العام الماضي بوصفها مُشترٍ رئيسي، لتملأ بذلك الفجْوة التي خلّفتها دول الشرق الأوسط.

وفي عام 2014، رَفَعَ طلب كبير جداً [لشراء الأسلحة] تقدّمت به أندونيسيا، من قيمة الأسلحة السويسرية المُباعة إلى الخارج إلى 563.5 مليون فرنك من 461 مليون فرنك في عام 2013. كما ارتفع المدخول قليلا في النصف الأول من هذا العام (إلى217 مليون دولار)، بفضل الطلب الأندونيسي المتزايِد مرّة أخرى. ولكن المبيعات ما زالت بعيدة عن الذروة التي وصلتها في عام 2011، حين بلغت 873 مليون فرنك.
وعلى الرغم من الأرقام الصغيرة نِسبياً لهذه الصادرات، بالمقارنة مع القطاعات التصديرية الأخرى، إلا أن صناعة الأسلحة السويسرية تُعتبَر عُنصراً صناعيا هامّاً مع ذلك، إضافة إلى أنها تزود الجيش السويسري بما يحتاجه من عتاد.

رشاوى هندية

على الجانب الآخر، تفرض طبيعة هذه المنتجات إخضاعها للرقابة والتدقيق العام الوثيق، سواء داخل سويسرا أو خارجها. وبهذا الصّدد، كانت الهند قد باشرت تحقيقاتها مع شركتيْن تتّخذان من سويسرا مقرا لهما، بشأن مزاعم تتعلق بحصولها على رشاوى مقابل تأمين عقود تسلح.

وفي وقت سابق من هذا العام، رفض مكتب المدّعي العام السويسري طلباً كانت الهند قد تقدّمت به للحصول على مساعدة قضائية في التحقيق مع شركتيْ ‘راينميتال للدفاع الجوي’ Rheinmettal Air Defence و‘سان سويس آرمز’ SAN Swiss Arms لصناعة الأسلحة الخفيفة، التي يقع مقرّها في شافهاوزن. وجدير بالذكر أن كِلتا الشركتيْن مملوكتيْن لألمانيا.
وفي نهاية المطاف، اتّخذ المدّعي العام السويسري قراره بعدم تقديم المساعدة، بعد أن طالب السلطات الهندية بالحصول على معلومات إضافية، وورد في بيان أصدره مكتبه بالمناسبة: “حيث لم تفِ المعلومات التي قدّمتها السلطات الهندية بمتطلّبات التشريعات ذات الصِّلة [بشأن المساعدة الدولية المتبادلة في المسائل الجنائية]، لم يكن بمقدور المدّعي العام تلبية طلب المساعدة القانونية”،

من جهتها، أحجمت الشركتان المعنِيتان عن الرد على طلب تقدّمت به swissinfo.ch للإدلاء بتصريح بهذا الخصوص.
وليست هذه المرة الأولى التي تتعرّض فيها صناعة الأسلحة السويسرية للإنتقادات الحادّة، حيث تم تشديد القوانين المتعلِّقة بصادرات الأسلحة في عام 2012، بعد أن اتّضح أنه تمت إعادة تصدير الأسلحة السويسرية من قِبل دول اشترتها إلى دول ثالثة.

مع ذلك، يقر بوفارد من منظمة العفو الدولية أن السجل الشامل لسويسرا في تجارة الأسلحة، صامد في وجه التدقيقات، وأخبر swissinfo.ch أنه “كانت هناك بعض الحالات التي اتّسم فيها موقف السلطات بالسذاجة، ولكن السجل السويسري مُرضٍ على العموم”.