IMLebanon

تعقيدات إزاء فهم مغزى رسائل «الاحتياطي الفيدرالي»

InterestYellenFederalReserve
إدوارد لوس

إذن، لقد تم توضيح الأمر. مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” أراد رفع أسعار الفائدة في أيلول (سبتمبر) الجاري، إلا أنه أصيب بالخوف بسبب أزمة البورصة في الصين. بدلاً من ذلك، ربما سيتخذ قراره في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. لم يحدث أي ضرر.

العودة إلى الوضع الطبيعي هي على الطريق المقرر لها باستثناء زوبعة طفيفة في الجدول الزمني. هذا، على الأقل، كان جوهر رسالة جانيت ييلين، لكنها أيضاً ألمحت إلى أنها يُمكن ببساطة أن تُكرّر جملة الأسبوع الماضي في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

سيُعذَر المستثمرون لشعورهم بالحيرة. إذا كان خطر صدمة في الأسواق الناشئة هو مصدر القلق الرئيسي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في الربع الثالث، فما احتمالات أن هذه الصدمة ستكون قد تراجعت بحلول الربع الرابع؟ يُفترض أنها احتمالات ضئيلة. في هذه الحالة، هل التأخير لبضعة أسابيع مناسب، ولو من بعيد لهذه المخاطر؟

لم يقُل أحد إن رئاسة البنك المركزي هي أمر سهل، لكن تواصل ييلين في الآونة الأخيرة كان في حالة من الفوضى. بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي عام 2015 بالإشارة إلى أنه سيخرج من أسعار الفائدة القريبة من الصفر هذا العام. في البداية ركّزت التكهنات على حزيران (يونيو) الماضي، لكن انكماشا آخر في الاقتصاد في فصل الشتاء قام بتأجيله.

بعد ذلك احتاج إلى التأكد من أن انتعاش الربع الثاني كان حقيقياً. وتم تأجيل التوقعات إلى أيلول (سبتمبر) الجاري. استنتج البنك أن الانتعاش كان على الطريق المقرر له. استمرت البطالة في الانخفاض بمعدل كان يوحي بأن تضخم الأجور لم يكُن بعيداً. أثناء ذلك، اندلعت أزمة الصين إلى جانب وجود علامات أن السلطات فيها كانت تفتقر إلى “الحذق والمهارة” في التعامل مع الأمر.

الآن الجدول الزمني تراجع مرة أخرى. بحلول كانون الأول (ديسمبر) المقبل، قد يكون الاقتصاد الأمريكي مُتّجهاً نحو انكماش ربعي آخر. علاوة على ذلك، مشكلات الصين، ومشكلات الأسواق الناشئة الأخرى، من المرجح أن يستغرق حلّها أعواماً.

بالتالي وضعت ييلين لنفسها فخا مُتكرّرا. بعض المسؤولين الأكثر تشدّداً يشعرون بالقلق من أنه في كل مرة يستعد فيها مجلس الاحتياطي الفيدرالي لزيادة أسعار الفائدة، تزداد التقلبات في السوق، وتتشدد شروط الائتمان، ويشعر مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه مُضطر إلى التأجيل.

وكما يُشير كريشنا جوها من شركة إيفركور آي إس آي، فإن ما يبدو أنه مشكلة “اليوم المُتكرر” هو بالفعل من أعراض الحقيقة التي تقول إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد استهان بالخطر من الأسواق الناشئة. مصداقية مجلس الاحتياطي الفيدرالي تتضرر عندما يُؤجل اتخاذ الإجراءات لأسباب لم تتم الإشارة إليها بشكل جيد مُقدّماً.

التراكم حتى اجتماع كانون الأول (ديسمبر) المقبل، قد يكون أكثر صعوبة من العد التنازلي حتى اجتماع الأسبوع الماضي. إذا قام بالتأجيل مرة أخرى، هذا التراكم لا مجال أمامه إلا الازدياد.

هنا تكمُن نقطة ضعف ييلين. يعتقد كثيرون أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي ينبغي أن يعني ما يقول ويرفع أسعار الفائدة بغض النظر عن الضجيج قصير الأجل. مصداقية البنك المركزي الأمريكي على المحك، لكن الضرر لسمعة مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيكون ضعيفاً مقابل خسارته ماء وجهه، في حال رفع أسعار الفائدة فقط ليلغي قراره بعد ذلك.

البنوك المركزية الأخرى، بما في ذلك السويد والبنك المركزي الأوروبي، قد قامت بالتشديد في وقت مُبكر جداً واضطرت إلى الإلغاء. مجلس الاحتياطي الفيدرالي لا يرغب في الانضمام إليها.

بالتالي كانت ييلين مُحقّة في إبقاء أسعار الفائدة بدون تغيير. فالخطر بإثارة صدمة في الأسواق الناشئة كان كبيراً جداً. لكنها لم تنجح بما فيه الكفاية. كل اضطراب في الأسواق الناشئة سيؤدي إلى تعزيز التكهّنات بتأخير آخر في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. لذلك تحتاج ييلين إلى توضيح ما الذي سيوجّه قرارها قبل ذلك.

الأمر ليس مجرد مشكلة في لغة التواصل. صعوبات التواصل عادةً ما تكون عرضا يشير إلى وجود عيوب عميقة. لقد وقعت ييلين في فخّين. الأول كان وضع أولوية على الإجماع داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي أعلى مما هي على الوضوح أمام الجمهور. وهذا جعلها بطيئة في الاستجابة إلى التغيّرات في الظروف العالمية أكثر مما كانت بحاجة إلى أن تكون.

الثاني جعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي رهينة الحظوظ من خلال القول إنه سيقوم برفع أسعار الفائدة في عام 2015. بحسب مُصطلحات الاحتياطي الفيدرالي، ييلين استبدلت الاعتماد على البيانات – الاستجابة إلى الظروف عند ظهورها – بالإرشاد المتقدم، الذي وضع جدولا زمنيا لتحوّل الدورة. في الأسبوع الماضي، تراجعت ييلين بشكل جدير بالترحيب عن الأخير، لكن لن تكون لدى المستثمرين ثقة تذكر بأنها لن تنقلب في رأيها مرة أخرى.

على الأقل هي الآن تتحرك في الاتجاه الصحيح. حتى بدون مخاوف بشأن الركود العالمي، الاقتصاد العالمي يُظهر قليلا من العلامات على التسارع.

يقول مُتشدّدون إن التضخم سيُظهر نفسه فقط عندما يكون قد فات الأوان، لكن مخاطر التشديد في وقت قبل الأوان هي أكبر بكثير.

معدل التضخم في الولايات المتحدة أقل بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة. إذا ارتفع، فإن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يُمكن أن يستجيب برفع متتال لأسعار الفائدة. في هذه المرحلة، هذا سيكون بمثابة مشكلة رائعة لدينا.

حتى اليوم، مع انخفاض معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 5.1 في المائة، ليست هناك أي دلائل على تضخم الأجور. في العام الماضي، انخفض دخل الأُسر المتوسطة في الولايات المتحدة فعلاً بنسبة 1.3 في المائة، وذلك وفقاً لمكتب الإحصاء السكاني في الولايات المتحدة.

كذلك فإن استثمارات الشركات الأمريكية لا تُظهر أي علامات على الارتفاع، فانتعاش أمريكا لا يزال عرضة للمخاطر.