إعتبر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أنّ طاولة الحوار لها هدف، وهناك جدية لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى المشاركة بها من أجل الوصول الى حل في كل الملفات العالقة، مشيراً إلى أنّ إيران لا تتدخل في ايّ شيء له علاقة بلبنان، في حين أنّ السعودية تتدخل في تفاصيل الوضع اللبناني.
نصرالله، وفي حديث لـ”المنار”، أوضح أنّ الرئيس سعد الحريري كان في جو القبول بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، الا انّ المشكلة تكمن في التدخل السعودي، مؤكداً أنّ فرص وصول عون إلى بعبدا ما زالت قائمة وهو ليس محسوباً على أيّ محور، كما أنّه لا يرتبط بأيّ سفارة وهو يملك شجاعة اتخاذ القرارات، وأضاف: إنّ المواصفات التي نراها مناسبة لموقع رئاسة الجمهورية تفرض علينا دعم عون وليس العكس، وطالما أنّ عون مرشح للرئاسة فنحن معه من دون أيّ سقف زمني.
وشدّد على أنّه لا يمكن لأحد أن يفرض علينا رئيساً للجمهورية، ولا أحد يفكر على الاطلاق بلبنان محذوف منه ايّ طائفة، لافتاً إلى أنّه إذا لم يتم التوصل الى نتيجة في البند الرئاسي بالحوار، فسيتم الانتقال الى البنود الاخرى، وقال: لن نشارك في سعي البعض إلى تصفية حسابات سياسية على طاولة الحوار، معتبراً أنّ الرئيس التوافقي هو إعتراف باستمرار الازمة الرئاسية في البلاد.
ولفت نصرالله إلى أنّ غالبية الدساتير في العالم تنصّ على العودة إلى الشعب عند الأزمات، وهذا ما لا ينص عليه الدستور اللبناني، مبدياً تأييده لقانون إنتخابي جديد يقوم على أساس النسبية ويكون قادراً أن يشكل مدخلاً لحل الازمة اللبنانية، وأضاف: من يرفض قانون النسبية في لبنان هو ديكتاتوري، لأنّه يرفض شريكاً له كأيّ حاكم مطلق. وأنا أؤيد التظاهر، الا انّ هذا الامر لن يجد نفعاً، والحل الوحيد هو مجلس نواب على اساس النسبية.
إقليمياً، رأى أنّ مأساة حادثة منى تتحمل مسؤوليتها الحكومة السعودية، ولكن لا يجب ضمها إلى الصراع السياسي الحاصل، مبدياً تأييده المضي بالتحقيق في الحادثة بمشاركة مندوبين من الدول التي لديها ضحايا.
وشدّد نصرالله على أنّ “حزب الله” حزب لبناني، ونتيجة أحداث المنطقة وتحالفاتنا وصداقاتنا بات لنا نوع من التأثير الإقليمي، وقال: 5 سنوات مرّت على الحرب الكونية على سوريا والتي كان هدفها السيطرة على دمشق، واليوم بدأت تداعيات الفشل تظهر، مضيفاً: إنّ إستراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في مواجهة “داعش” فشلت، ومن تداعيات الفشل ارتداد الارهاب على دول التحالف الدولي وازمة اللاجئين. كما فشل رهان البعض بأنّ إيران ستساوم في الملف النووي على تسوية ما في سوريا.
وتابع: روسيا وقفت الى جانب سوريا دائماً، والموقف الروسي تطور عسكرياً تجاه سوريا، وبالتالي فشل رهان البعض على ابعاد موسكو عن دمشق. إنّ الوجود الروسي في سوريا لم يكتمل بعد، وحضور روسيا سيكون مؤثراً جداً في مسار المعركة القائمة. ولا حليف لروسيا في الشرق الأوسط والمنطقة سوى سوريا، مشيراً الى أنّ قرار المشاركة الروسية العسكرية في سوريا ليس وليد الساعة، بل تمّ التحضير له مع الدول المعنية، ونرحب بأيّ قوة تدخل وتساهم في ابعاد الاخطار الكبرى التي تتخبط في سوريا وكل المنطقة.
وأوضح نصرالله أنّ الموقف الروسي بموضوع الرئيس السوري بشار الاسد لا إلتباس فيه وهو حاسم جداً، وكذلك الموقف الايراني، وأنّ ما يهم إيران هو ألا تسقط سوريا في يد الموجات التكفيرية، معتبراً أنّه يكفي لتركيا أن تقفل حدودها بوجه “داعش” وأن توقف تمويلها لهم، لأنّها تدعمهم بطريقة غير مباشرة. ونحن لا نثق بالاميركيين في مواجهة الارهاب، فالولايات المتحدة هي رأس الارهاب وغير مؤهلة لا ادارياً ولا سياسياً في محاربته.
وعن معركة الزبداني، قال إنّنا نطمح لان تكون كل الحدود اللبنانية ـ السورية ممسوكة وابعاد الجماعات المسلحة عن الحدود ما يحمي لبنان. وقد بدأ المسلحون في الزبداني بالاستغاثة بعد اسبوعين على بدء المعركة، وكان يمكن لهذه المعركة ان تنتهي عسكرياً بسرعة، ولكن أزمة الفوعة وكفريا حالت دون ذلك. وهذه المعركة كانت بحيثيات لبنانية سورية، وهي قريبة الى معركة القصير والقلمون، وكانت على وشك أن تحسم. إلا انّ قراراً اميركياً أدّى الى إطالتها. فكان بألا تسقط قبل الوصول الى اتفاق بشأن الفوعة وكفريا.
وأوضح نصرالله أنّه خلال مفاوضات الزبداني الفوعة وكفريا حصل لقاء في تركيا بين الوسيط الايراني والامم المتحدة ومندوبين عن المسلحين، ولم يكن للأتراك أيّ دور في هذه المفاوضات، وأنّ المرحلة الأولى من اتفاق الزبداني نصّت على خروج المسلحين من المدينة ودخول الجيش السوري، مشدّداً على أنّه من غير الوارد التخلي عن اهل الفوعة وكفريا من قبل المقاومة أو الجيش السوري، وأنّ الاتفاق يتم تنفيذه على مراحل بضمانة الامم المتحدة وينصّ على عودة الزبداني إلى حضن الدولة السورية. ولم يكن هدفنا قتل المسلحين وإنّما تحرير الزبداني منهم كما سارت الأمور تماماً في معارك القصير.
ورداً على سؤال، أجاب: لو عاد الزمن بنا إلى الوراء لكان “حزب الله” قد عجّل في الدخول بالحرب السورية ولم يتأخر، لافتاً إلى أنّه في مواجهة إسرائيل نقاتل بفرح، ولكنّ في سوريا نقاتل بحزن، وكنّا نتمنى لو لم تفتح هذه الحرب. وأكد أنّ خروج سوريا قوية من معركتها تهديد إستراتيجي لإسرائيل، مشيراً إلى أنّ بقاء النظام السوري بالنسبة للإسرائيلي هو انتصار للمقاومة، وأنّ إسرائيل مستفيدة من التفتت العربي للإمعان في سياستها الاستيطانية والاعتداء على المسجد الأقصى. وشدّد على أنّ فرص الحل السياسي في سوريا بدأت تكبر.
وفي الشأن اليمني، لفت إلى أنّ السعودية هي من يعطل السير بالحل السياسي في اليمن، ولكن أفق هذا الحل تكبر، معتبراً أنّ الحرب على اليمن هي نتيجة الموقف السياسي لليمنيين وعدائهم لإسرائيل وتأييدهم لمحور المقاومة، وقال: هناك حديث انّ المعركة في مأرب قد ترسم الاتجاه في اليمن، وحتى الآن الهجوم فشل.
وقال نصرالله: بالنسبة لوضعي الصحي أطمئن الجميع بأنه “تمام”.
ورأى الأمين العام ل”حزب الله” أن أي شريحة شعبية في لبنان “تطرح مطالب محقة وتتحرك لخدمة المطالب، فهذا جيد ولا نقف بوجهها”. وقال: “لا نمانع الحراك المطلبي ولا نرفضه ونتمنى له التوفيق، كما نتمنى ان يركز على الأمور القابلة للتحقق”. واعتبر “ان مصلحة الحراك ان لا ندخل نحن وجمهورنا فيه، لان الدعم الشعبي الذي يمكن ان نقدمه يعطل أهداف الحراك”، مشيرا إلى ما قيل عن الحراك في بدايته بأنه “7 أيار مقنع، فكيف إن شاركنا”.
وأوضح أن “حزب الله” وقف على الحياد عند بدء الحراك “ولم نعارض ولم نؤيد” لأنه “كان من قبل مجموعة من الشبان تطرح مجموعة عناوين محقة، ولكننا لا نعرف قادته وأهدافه”.