سابينه كينكارتس
ستقوم الحكومة الألمانية الاتحادية بتقديم 670 يورو للولايات والبلديات عن كل لاجئ متواجد بها، ولكن هذا الأمر لا يتعدى كونه مساعدة أولية، لأن دمج المهاجرين سيتطلب مبالغ مالية أكبر من ذلك، بحسب زابينه كينكارتس.
النقاشات والمساومات بين الحكومة الاتحادية الألمانية وحكومات الولايات استمرت لساعات طويلة. ضمن اللقاء الذي جمعهم، لم يحدث تقدم كبير، فوزير المالية يوافق ببطء وعلى مضض على الضروريات فقط. مكان للمبيت وبعض الطعام فقط هو أقصى ما يستطيع المبلغ البالغ ملياري يورو، والذي سيصبح أربعة مليارات السنة القادمة، تقديمه. كما أن تكاليف ترحيل اللاجئين ستموّل من مبلغ الدعم المقدم.
مبلغ 670 يورو شهرياً لكل لاجئ يمكن أن يكون بداية المساعدة فقط، وذلك في ظل هذه الأيام العصيبة المليئة بالفوضى، إذ يصل آلاف اللاجئين إلى ألمانيا يومياً. ونظرا للبرودة المتزايدة للأيام والليالي القادمة، فإن اللاجئين يحتاجون إلى الرعاية بشكل سريع. لكن هذا الأمر ما زال يعد مشكلة، فمتوسط الوقت الذي يحتاجه اللاجئون حتى إنهاء إجراءات الاستقبال الأولية في مكتب الدولة للصحة والضمان الاجتماعي ببرلين هي ثلاثة أيام بلياليها. كما تصطف الطوابير الطويلة لحين إنهاء هذه الإجراءات.
معلمون وأخصائيون نفسيون وعاملون اجتماعيون
توجد على الأقل الآن بعض الأموال لمواجهة هذه الفوضى والتباطؤ في مسارات العمل، إلا أن هذا ليس نهاية المطاف. فهناك حاجة لوجود معلمين وأخصائيين نفسيين وعاملين اجتماعيين. كما يجب أن يتوجه الأطفال إلى رياض الأطفال والمدارس. وللكبار يجب أن تتاح لهم دورات لتعلم اللغة وفرص للتدريب والتطوير ومواصلة التعلم. كما ينبغي بناء مساكن أكثر مما هو متاح، من خلال مبلغ 500 مليون يورو، وهو المبلغ الذي ستقدمه الحكومة الاتحادية لتجهيز المساكن. ومن منطلق آخر، تحتاج البلديات والمدن إلى المزيد من الطواقم البشرية المدربة من أجل تحسين ظروف استقبال اللاجئين وتقديم الرعاية لهم بشكل أفضل مما هو عليه الآن، إذ طبقاً لتوقعات المفوضية الأوروبية، فإن السنوات الثلاث المقبلة ستشهد وصول خمسة ملايين طالب لجوء.
وحتى بعد تشديد قوانين اللجوء ورفض استقبال العديد منهم، سيبقى في ألمانيا مئات الآلاف من اللاجئين ودمجهم بالمجتمع ستكون مهمة شاقة وستكلف أموالاً طائلة. هذه الأموال يجب أن تأتي من الحكومة الاتحادية. فالولايات والبلديات تعاني فاقة مزمنة. إنه واجب وطني، والحكومة قادرة على القيام بذلك وتحمل العبء الناتج عنه. لقد حان الوقت كي يعترف وزير المالية علانية أنه لن يكون قادراً على المحافظة على ميزانية الدولة الاتحادية دون ديون، ولن يلقي عليه أحد اللوم في هذه الظروف الاستثنائية.
عدم إنتاج أشخاص خاسرين
نتذكر قبل سبع سنوات من الآن أنه كانت هناك أزمة أيضاً، ولكن وقتها كان من يجب إنقاذه هي البنوك وليس الناس. وتم استخدام كل ما هو متاح من أجل تنفيذ ذلك. وعليه، تم ضخ مبالغ مالية ضخمة تقدر بعشرات المليارات، وهو ما قامت به الدولة. صحيح أنها دفعت على مضض ولم يخل الأمر من نقاشات عدة، إلا أنها دفعت في النهاية، ولم يكن بالإمكان وقتها الحفاظ على ميزانية خالية من الديون. الآن لا توجد خيارات مطروحة كالسابق، فالبنوك كان من الممكن تركها لتفلس، إلا أنه مع البشر لا يمكن فعل ذلك. كما أنه من غير الممكن منع اللاجئين من تأمين حياتهم والبحث عن حياة أفضل.
العيش على جزيرة الرفاهية ألمانيا لن يستمر كما كان في السابق. ستكون هنالك تغيرات كثيرة، وهو أمر مفهوم. لكن الموضوع الآن هو قيادة دفة التطورات السياسية لمحاولة تجنب خسارة أكبر عدد ممكن من الناس. العديد من الألمان لديه مخاوف إزاء ذلك. واحد من كل اثنين في ألمانيا متشكك. أصحاب القدرات المحدودة والعالقون في وظائف سيئة لديهم مخاوف أكبر. ومن يعانون من أوضاع مزرية حالياً يجب أن لا تسوء ظروفهم أكثر بسبب الأموال الكثيرة التي ستصرف على اللاجئين، لأن ذلك – إن حدث – سيكون سياسة اجتماعية قاتلة. إنها مهمة وطنية يجب معالجتها، ووزير المالية عليه ألا يبدي في هذه المرحلة أي مظهر من مظاهر البخل والتمسك بالمال، فلا متسع من الوقت لذلك.