انتقد خبراء اقتصاد أردنيون، حكومة بلادهم، لعزمها الاقتراض مجدداً لتغطية سندات “يورو بوند” مستحقة الدفع في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل كانت قد استدانتها عام 2010، حيث تبلغ المبالغ الأولية التي حان أجلها 750 مليون دولار. وقال الخبراء، في تصريحات خاصة لـ”العربي الجديد”، إن ما تقوم به الحكومة هو عملية استبدال دين بدين ليس أكثر، ولكنها مضطرة إلى ذلك، بسبب استحقاق موعد دفع قيمة السندات التي يتوجب دفعها، لعدم إمكانية تأخير مواعيد تسديدها، بخلاف أشكال الدين الأخرى.
وأضافوا أن ذلك سيزيد من حجم المديونية العامة للأردن التي تجاوزت 30 مليار دولار مع نهاية النصف الأول من العام الحالي، مشكلة ما نسبته 85% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بخلاف ما أعلنه المصرف المركزي الأردني من أنها تشكل فقط 78.8% من الناتج الإجمالي.
وأرجع الخبراء عدم مقدرة الحكومة على تسديد ديونها ذاتيا من دون الحاجة إلى مزيد من الاقتراض إلى ضعف السياسات الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى الظروف المحيطة التي ألقت بظلال سلبية على الاقتصاد الأردني، خاصة الاضطرابات في كل من سورية والعراق.
وقال وزير المالية، أميه طوقان، قبل أيام إن الحكومة ستطرح سندات بقيمة 500 مليون دولار قريباً، لسداد سندات أخرى مستحقة.
وأكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الأردني، النائب خير أبو صعيليك، لـ”العربي الجديد”، أنه ليس أمام الحكومة خيار في الوقت الحالي غير اللجوء إلى الاقتراض لتغطية الديون المترتبة والمستحقة عليها، وبالذات السندات غير القابلة للتأجيل.
وأضاف أن سندات “اليورو بوند” يتم اقتراضها بأسعار فائدة منخفضة، قياساً إلى القروض الأخرى، لكنها تضاف إلى حجم الدين العام الذي تجاوز قانون إدارة الدين العام، وخالف الدستور بتجاوزه النسب القانونية المسموح بها والبالغة 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
وطرح الأردن، خلال العامين الحالي والماضي، إصدارين من سندات “اليورو بوند”، بقيمة تجاوزت ملياري دولار، بكفالة الولايات المتحدة، إضافة إلى سندات تم طرحها في سنوات سابقة.
وقال أبو صعيليك: “المشكلة الأكبر تكمن في ارتفاع المديونية، وفي ذات الوقت تراجع نسب النمو وضعف فرص العمل الجديدة، ما يرفع معدلات البطالة”.
وأكدت وزارة المالية أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 2% فقط خلال الربع الأول من العام الحالي، مقابل 3.2% لذات الفترة من العام الماضي، ولم يعلن حتى الآن معدل النمو للربع الثاني من 2015.
وأوضح رئيس لجنة الاقتصاد النيابية، أن المشكلة تزداد إذا لم يصاحب ذلك زيادة في معدلات النمو، فمثلا المديونية في أميركا تشكل 101% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي بلجيكا 150%، ولكنْ اقتصادا الدولتين يحققان نسب نمو متصاعدة ولا توجد لديهما إشكالات كبيرة في فرص العمل. وفي المقابل هناك دول مثل الجزائر غير مدينة، لكن لديها معدلات نمو مرتفعة ونسب البطالة مرتفعة.
وأكد أبو صعيليك أهمية إعادة النظر في السياسات والبرامج الاقتصادية، حتى يقترب الأردن أكثر من النتائج المستهدفة، خاصة تحقيق معدل نمو بنسبة تبلغ 4% إلى 4.2% للعام الحالي، حيث إن الحكومة ما تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف، بالنظر إلى معدل نمو الربع الأول من هذا العام. ويرى أن التركيز على الاستثمارات وجذبها عامل أساسي لتحسين الوضع الاقتصادي ورفع معدلات النمو، وبالتالي زيادة قدرة الاقتصاد على تسديد المديونية وعدم زيادتها بمزيد من الاقتراض لتغطية الأقساط المستحقة. رئيس غرفة صناعة الأردن، أيمن حتاحت، قال لـ”العربي الجديد”، إن مديونية البلاد وصلت إلى حدود مرتفعة وفاقت بكثير الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يشير إلى خلل في السياسات الاقتصادية. وأشار إلى أن الظروف المحيطة بالأردن والاضطرابات في كل من العراق وسورية، قد أثرت على الاقتصاد الأردني، وأدت إلى تباطؤ معدلات النمو رغم الجهود الكبيرة التي بذلت في السنوات السابقة لتحسين بيئة الأعمال واستقطاب المستثمرين. وقال إن مواجهة ارتفاع المديونية يتطلب تحفيز الاستثمارات ومساعدة القطاع الخاص الأردني على تجاوز الظروف الصعبة الراهنة التي يعاني منها، خاصة مع انحسار صادراته إلى أهم الأسواق كالعراق وسورية، لافتا إلى الأعباء التي يتحملها الأردن بسبب اللاجئين السوريين ومتطلبات التمويل اللازمة للتعامل مع هذه الأزمة. وأكد رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، النائب يوسف القرنة، لـ”العربي الجديد”، أن موازنة العام الحالي 2015 اشتملت على مفاصل سداد الديون، خاصة السندات التي تستحق أولى دفعاتها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مؤكدا أهمية الالتزام بتغطية الاستحقاقات في مواعيدها. وتوقع القرنة أن يقترض الأردن 8.69 مليارات دولار العام الحالي، لتسديد أقساط الديون وفوائدها، بما في ذلك سندات اليور بوند، مشيراً إلى خطورة التوسع في الاقتراض من الخارج. وكان وكيل وزارة المالية الأردنية، عز الدين كناكرية، أكد بداية الشهر الجاري، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن بلاده ستبدأ مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل على إصلاحات اقتصادية جديدة، بغية الحصول على قرض تصل قيمته وفق تقديرات وزارة المالية إلى 2.1 مليار دولار.
وقال كناكرية، إن بعثة من صندوق النقد الدولي ستزور الأردن، الشهر المقبل، موضحاً أن “المفاوضات مع البعثة ستركز على برنامج لمساعدة الحكومة في تنفيذ عدد من السياسات المالية ذات الأولوية”. وأشار إلى أن القرض الذي تسعى بلاده إلى الحصول عليه “يستهدف خفض عجز الموازنة العامة للدولة، ودعم عدد من القطاعات، خاصة الكهرباء والمياه وتنفيذ مشاريع ملحة”. وأضاف أنه لم يتحدد بعد حجم القرض بشكل نهائي، لكن وزير المالية الأردني، أمية طوقان، قدّره في وقت سابق بحوالى 2.1 مليار دولار”.