كتب طارق ترشيشي في صحيفة “الجمهورية”:
يقول سياسي متابع للتحرّك الروسي الديبلوماسي والميداني إزاء الأزمة السورية إنّ موسكو عقدت العزم على إنهاء هذه الأزمة خلال ثمانية أشهر، بعدما ألقت الحجّة على كلّ العواصم والجهات المعنية بها، مشدّدةً على أنّ حلّها بات يشكّل المدخل لحلّ كلّ الأزمات العاصفة بالمنطقة والشمال الأفريقي.يؤكد هذا السياسي أنّ موسكو فاتحَت واشنطن وحليفاتها الغربيات بخطر المنظمات المتطرفة الذي بات يهدّد الجميع في حال ظلّ مستفحلاً في سوريا والمنطقة، وأنّ المطلوب قيام تحالف دولي فاعل لإنهاء هذه المنظمات بدءاً من الاراضي السورية.
ويكشف السياسي نفسه أنّ التحرك الروسي في سوريا ليس متفرّداً هذه المرّة، إذ إنّ موسكو حصلت على تأييد واشنطن وكلّ العواصم المعنية لتحرّكها، وإنّ هذا التأييد سيَتمظهَر في قابل الأسابيع والاشهر بحراك عسكري دولي واضح على الاراضي السورية، أسّست له روسيا في الميدان السوري منذ أسابيع بوجود عسكري مباشر وبدعم عسكري ولوجستي كبير للجيش السوري، خصوصاً أنّ القيادة الروسية تمكّنت من إقناع العواصم الغربية، وعلى رأسها واشنطن، بجدوى التعاون مع النظام السوري لمكافحة الإرهاب والتخلّي عن مطلب تنَحّي الرئيس بشّار الأسد، لأنّ الرجل هو رئيس دولة ذات سيادة انتخبَه شعبها، وإنّ تغييره يبقى رهن الإرادة الشعبية السورية، وفي هذا السياق، المطلوب أوّلاً التعاون معه لمكافحة «داعش» و«جبهة النصرة» وأخواتهما، في موازاة تشكيل حكومة سوريّة تضمّ النظام وأطيافَ المعارضة السياسية غير المتطرّفة، تعمل على إجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة، وبعد ذلك يَنتخب الشعب السوري من يريد رئيساً له.
ويشير هذا السياسي إلى أنّ موسكو تمكّنت من إقناع أطراف المعارضة السورية التي زارتها في الأسابيع والأشهر الأخيرة بجدوى التعاون مع النظام برئاسة الأسد لإيجاد الحلّ السياسي المنشود للأزمة السورية.
ويروي هذا السياسي أنّ مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف كان صريحاً في الاجتماع الذي عقده في موسكو أخيراً مع وفد «اللقاء الوطني» برئاسة الوزير السابق عبد الرحيم مراد، حيث شرح ما يجري في المنطقة ونظرةَ القيادة الروسية إليه، فأكد أن لا حلّ للأزمات في المنطقة ما لم تحَلّ الأزمة السورية أوّلاً، لأنّ القضاء على الإرهاب في سوريا سيؤدي حتماً إلى إنهاء هذا الإرهاب في بقيّة الدوَل، وأنّ الخطة الروسية التي بدأ تنفيذُها في سوريا تستهدف إنهاءَ الأزمة السورية بحلّ سياسي يقوم على أنقاض المنظمات المتطرّفة، ومن ثمّ الانطلاق إلى الجوار السوري، ويأتي العراق في المقدّمة.
وأوضَح بوغدانوف لوفد «اللقاء الوطني» أيضاً أنّ على مصر أن تعزّز علاقتها بالقيادة السورية، وأن تتعاون معها عملياً في مكافحة الإرهاب الذي يطاولها أيضاً. بل إنّ بوغدانوف ذهب الى حد التشديد على وجوب حصول تعاون سوري – مصري – سعودي في هذا المجال، مؤكداً أنّ في إمكان القيادة المصرية أن تلعب دوراً محورياً في تحقيق هذا التعاون، خصوصاً أنّ العلاقة التي باتت تربطها بروسيا هي علاقة استراتيجية وستكون لها تأثيراتها المهمة على مستقبل الدور المصري الإقليمي وعلى مستوى المنطقة.
وحسب مصادر «اللقاء الوطني» فإنّ بوغدانوف شدّد أيضاً على وجوب إيجاد حلّ سياسي للأزمة اليمنية، مشيراً إلى أنّ القيادة الروسية تعتبر أنّ المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية «تتعاطيان بطريقة خاطئة» مع الوضع اليمني وترى أنّ عليهما مساعدة أطراف الأزمة اليمنية على التوصّل الى حلّ سياسي، لأنّ أيّ طرف لن يتمكّن من الحسم عسكرياً ضد الفريق الآخر في تلك البلاد.
وفي اعتقاد هذا المصدر أنّ أزمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني قد تتأخر معالجتها بضعة أشهر، في حال لم يتوافر لها الحلّ قبل نهاية السنة، ولكن يعوّل الآن على الحوار الذي يرعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري ويديره في ساحة النجمة أن يحقّق اختراقاً مهمّاً في جدار هذه الأزمة، بما يتيح الاتفاق بين الأفرقاء السياسيين على انتخاب رئيس جمهورية جديد قبل نهاية السنة الجارية على وقع حصول تقدّم في معالجة الأزمة السورية.