Site icon IMLebanon

النظام الضريبي المصري في ميزان المستثمرين

EgyptCairo

محمد حماد

أكد اقتصاديون مصريون أن نظام الضرائب المصري يثير باستمرار حفيظة المستثمرين ويعرقل قرارات الاستثمار المحلية والأجنبية بسبب التعقيدات والتناقضات.
وانقسمت الآراء بين من يرى أن مستويات الضرائب الحالية مرتفعة جدا، في ظل ظروف اقتصادية سيئة وتدني معدلات الربحية، فيما يرى آخرون أنها في مستويات مقبولة ومشجعة على الاستثمار، مقارنة بالعديد من الأسواق.

وتواجه شركة “تيدا” الصينية عقبات في الأراضي للشركات الصينية في المنطقة الصناعية الخاصة في شمال غرب خليج السويس، بعد إلغاء الحوافز الضريبة التي كانت تمنح للشركات التي تستثمر في المنطقة، ما تسبب في سحب شركة “تشاينا غلاس” لاستثماراتها المقدرة بنحو 200 مليون دولار.

وتسلمت تيدا قطعة أرض تبلغ مساحتها 6 ملايين متر أمام ميناء العين السخنة مؤخرا لإقامة منطقة صناعية كبرى لتنمية المنطقة.

وقال خبراء، إن سحب الشركة لاستثماراتها، يأتي وسط تخبط في القرارات الاستثمارية في السوق المصرية، إذ أن قرار إلغاء الامتيازات الضريبية في منطقة شمال غرب خليج السويس، جاء بدون سابق إنذار أو حتى إبلاغ الشركة.

وأكد عادل عبدالرازق صاحب فنادق “شارمنج إن” في شرم الشيخ لـ”العرب”، أن سعر الضريبة الحالي على الشركات والذي حددته الدولة عند 22.5 بالمئة، مرتفع للغاية، في ظل تدني معدلات الربح.

وأوضح أن أصحاب الفنادق على سبيل المثال، لا يحققون مكاسب حاليا في ظل تراجع عدد السياح من الدول صاحبة الإنفاق الكبير، مثل ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وعدد كبير من البلدان الأخرى.

وقال مصطفى إبراهيم نائب رئيس لجنة تنمية العلاقات المصرية الصينية في جمعية رجال الأعمال المصريين لـ”العرب”، إن قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة رقم 83 لسنة 2003 كان يخفض معدلات الضريبة على الشركات في منطقة غرب خليج السويس من 20 إلى 10 بالمئة وضريبة الدخل على الموظفين إلى 5 بالمئة.

وأشار إلى أنه تم إلغاء الحوافز في تعديلات قانون الضرائب الأخيرة، الأمر الذي تسبب في سحب شركة تشاينا غلاس الصينية لاستثماراتها، بعد أن تعاقدت فعليا على الحصول على 280 ألف متر مربع لاستثمار 200 مليون دولار.

وأضاف أن الشركة قررت سحب استثماراتها، لعدم وجود محفزات ضريبية، حيث أوضح مسؤولو الشركة أن قرار الانسحاب سببه إلغاء الامتيازات الضريبية، دون أي حوار مع المستثمرين.

وكشف إبراهيم عن مشاورات مع الحكومة لعودة تلك المزايا الضريبية والتي سيترتب عليها عودة الشركة مرة أخرى، موضحا أن المشكلة تؤرق شركة تيدا الصينية أيضا، التي تقوم بالتسويق لتنمية منطقة صناعية بشمال غرب خليج السويس، اعتمادا على الحوافز الضريبية التي تمنح للمصانع في تلك المنطقة.

وقال مدحت عفيفي المدير التنفيذي بمؤسسة إرنست آند يونغ لـ”العرب”، إن مناخ الاستثمار في مصر يتطلب ثورة في التشريعات، كما أن النظام الضريبي يتطلب تغييرا جذريا، لتهيئة مناخ الاستثمار. وأكد أن الحوافز الضريبية محددة ويتم إلغاؤها بشكل مفاجئ دون الرجوع إلى المستثمرين.

وأوضح أن ثبات القوانين من أهم عناصر جذب الاستثمار، ويعد أيضا من النقاط الهامة التي يبحث عنها المستثمر.

وقال حسين منسي الرئيس التنفيذي لشركة لافارج للأسمنت لـ”العرب”، إن سعر الضريبة في مصر، غير طارد للاستثمار، لكن المشكلة تكمن في تطبيقها، حيث تتم المحاسبة الضريبية على كل عملية قيمة مضافة على المواد الخام أو المنتجات الوسيطة.

وأكد أن تطبيق القيمة المضافة إحدى الطرق التي تساهم في القضاء على الاقتصاد غير الرسمي، ومن ثم فإن الضريبة في مصر ليست مرتفعة مقارنة بالدول المجاورة، كما أنها جاذبة للاستثمار.

وأكد شريف الكيلاني رئيس قطاع الضرائب بمؤسسة إرنست أند يونغ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لـ”العرب”، أن سعر الضريبة ليس عاملا رئيسيا في جذب الاستثمار، لأن ذلك يتطلب وجود منظومة متكاملة، مثل الاستقرار السياسي والقدرة على المنافسة.

وأوضح أن النظام الضريبي في مصر يتطلب تطويرا في عمليات التطبيق، مثل القدرة على حل المشكلات، والمراجعة السليمة للإقرارات الضريبية وتوفير البيانات، وغير ذلك من الأمور التي تيسر عملية التطبيق.

وأضاف أن سعر الضريبة في مصر والبالغ 22.5 بالمئة من الأسعار المنافسة والجاذبة للاستثمار، لكن ينبغي أن تحترم الدولة سعر الضريبة الذي تفرضه، ولا يتم زيادته على الشركات عند دفع الضرائب.

وقال كريم هلال رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي الإسلامي للاستثمار لـ”العرب”، إن الشفافية، والوضوح وعدم التخبط في اتخاذ القرارات، من الأمور الهامة التي تشجع على الاستثمار أكثر من الحوافز الضريبية.

وأشار إلى أن المشكلة في مصر هي صعوبة اتخاذ القرارات السليمة، وعدم مراعاة التوقيت الجيد، فالقانون يصدر ثم تصدر لائحته التنفيذية بعد عدة أشهر، وهذه الأمور التي تسبب الضبابية لدى المستثمر.

وطالب بضرورة وجود رؤية اقتصادية شاملة، ودراسة أبعادها من كافة الجوانب، حتى لا يتم تعطيل القوانين أو اللوائح التنفيذية.