غسان ريفي
لا يختلف اثنان على أن مركز الضمان الاجتماعي في طرابلس هو الأسوأ بين مراكز الضمان في الجمهورية اللبنانية، نظراً للبطء الشديد في إنجاز معاملات المضمونين الذين يواجهون ذلّ الوقوف في صفوف طويلة يومياً، نتيجة النقص الحاد في الكادر الإداري العائد للمركز الرئيسي شمالاً، ما يجعل كل معاملة تنتظر أكثر من سنة ليتمّ صرفها، فيما المسؤولون المعنيون في الدولة غائبون عن القيام بأية مبادرة تساهم في زيادة عدد الموظفين والتخفيف من معاناة المضمونين.
فوضى وإشكالات يومية
التوتر سيد الموقف في أروقة الضمان الاجتماعي في طرابلس، فوضى وإشكالات بين الموظفين والمضمونين الذين يفقدون أعصابهم جراء شعورهم بالظلم والتهميش لا سيما في ظل تكرار زياراتهم للمركز للسؤال عن معاملاتهم التي يدخل إنجازها في علم الغيب، فيما الموظفون يقفون عاجزين عن مواجهة الضغط الهائل وعن استيعاب المضمونين الموزعين على طرابلس والميناء والقلمون والضنية والمنية.
وكان مركز طرابلس شهد قبل فترة تعيين مدير جديد هو محمد زكي خلفاً للمدير السابق عبدالهادي كيلاني، لكن ذلك لم يشفع للمركز بزيادة عدد الموظفين فيه، أو بنقل الفائض من مراكز المناطق الأخرى الى طرابلس، أو الاستعانة ببعض الفائزين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، بل إن الأمور بقيت على حالها في ظل غضب عارم يجتاح كل من يدخل الى المركز بسبب الوضع السيئ الذي وصل إليه على صعيد الخدمات والتقديمات.
تشير الإحصاءات الى أن مركز طرابلس يضم نحو 40 ألف مضمون، يتابع شؤونهم 20 موظفاً بعضهم على حافة بلوغ السن القانونية، أي بمعدل موظف واحد لكل ألفي مضمون ما يجعل تخليص المعاملات في مركز طرابلس أشبه بالمهمة المستحيلة.
40 ألف مضمون
تكشف هذه الاحصاءات أن مركز طرابلس يعطي يومياً نحو 150 موافقة مقابل 70 موافقة تصدر عن كل مكاتب الأقضية الشمالية التي تعج بالموظفين.
وتلفت هذه الإحصاءات الى أنه في الوقت الذي يضم فيه مركز طرابلس 40 ألف مضمون، فإن مجموع عدد المضمونين في جميع مراكز الشمال باستثناء طرابلس يبلغ نحو 45 ألف مضمون يقوم على تسيير معاملاتهم نحو 85 موظفاً، في حين أن النقص في الكادر الإداري في مركز طرابلس يبلغ أكثر من 50 موظفاً، ورغم ذلك لم تتخذ الإدارة المركزية أي قرار حتى الآن بالتوظيف أو بالتعاقد من أجل زيادة إنتاجية هذا المركز.
ومن المفترض بحسب المعلومات أن يقدّم المدير الجديد محمد زكي دراسة حول المركز إلى الإدارة يحدّد فيها ما يحتاجه المركز من كادر وظيفي وإداري جديد.
واللافت أن ثلاثة مراكز للضمان تتوزّع بين شكا والبترون (قضاء واحد) وجبيل وذلك ضمن مساحة لا تتعدّى 25 كيلومتراً في حين أن قضاء المنية ـ الضنية وهو ثالث قضاء في محافظة الشمال من حيث الكثافة السكانية لا يوجد فيه حتى الآن مكتب للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ويؤكد عدد من موظفي مركز طرابلس أن الأمور بلغت حداً كبيراً من الغليان، ولا يمكن أن تستمر، لا سيما في ظل ما يشهده المركز من زحمة مضمونين تقابله قلة في عدد الموظفين، مشدّدين على ضرورة أن تعي الإدارة المركزية في الضمان مسؤولياتها، وأن تبادر بشكل سريع الى توزيع عادل للموظفين في محافظة الشمال لتسيير شؤون المضمونين، أو أن تعمل على التعاقد مع موظفين جدد لسدّ الثغرات القائمة.
الاستياء يشمل الموظفين
ويؤكد الموظفون أنهم يعملون ما بوسعم لتلبية حاجات المضمونين لا سيما على صعيد تأمين موافقات الاستشفاء التي لا يمكن لها أن تنتظر، محذّرين من مغبة استمرار هذا الوضع في المركز الذي يشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
وكانت هيئات من المجتمع المدني الى جانب عدد من المضمونين نفذوا اعتصاماً رمزياً أمام مركز الضمان الاجتماعي في طرابلس أمس، احتجاجاً على البطء الشديد في إنجاز المعاملات وعدم قيام الإدارة المركزية بأية تدابير لمعالجة الخلل الحاصل.
وروى عدد من المضمونين ما وصفوه بالمأساة التي يعيشونها على أبواب مركز الضمان، مؤكدين أن معاملاتهم تنتظر منذ أكثر من سنة ولم تُصرَف حتى الآن، في حين أن أجور الانتقال في كل مرة للسؤال عن المعاملة تكاد تفوق قيمة المساعدة المرضية التي يتمّ صرفها، مطالبين قيادات طرابلس بالتحرك لا سيما الوزيرين أشرف ريفي ورشيد درباس لطرح هذه القضية على طاولة مجلس الوزراء واتخاذ تدابير سريعة من أجل وضع حد لهذا الإهمال الذي بدأ يدفع بعض المضمونين الى اليأس وإلى الإحجام عن تقديم معاملاتهم.
المقدّم: ما يحصل معيب
وألقت نقيبة موظفي المصارف مهى المقدم كلمة انتقدت فيها انتظار معاملات المضمونين في طرابلس الكبرى والضنية والمنية عاماً كاملاً، في حين تنجز معاملات المضونين في أقضية مجاورة خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر.
وقالت: إن ما يحصل في مركز ضمان طرابلس معيب بحق كل قيادات المدينة، ومعيب أيضاً بحق مسؤولي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فكفى الضمان ما يدور حوله من علامات استفهام، فهنا لقمة ودواء ومرض الفقير، و «حلّو عن سما الفقير».
وأعلن المعتصمون عن تكرار اعتصامهم يوم الاثنين المقبل مهددين بإقفال مركز طرابلس إذا لم تسارع الادارة المركزية الى معالجة النقص الحاد في الموظفين، وتسريع إنجاز المعاملات.