عندماأنشئ برنامج “سكايب” منذ أكثر من 10 سنوات، على يد مجموعة من الرياديين التكنولوجيين الإستونيين، توقع قلة من الناس ما تلاه من بروز للشركات الناشئة من منطقة البلطيق. وفي الواقع، كان هناك منظومة مشاريع فاعلة ومتكاملة بكل تفاصليها.
وعلى الرغم من أن دول البلطيق من أصغر مراكز تجمع الشركات التكنولوجية الناشئة النامية في أوروبا، إلا أن ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا تشهد نضوجاً سريعاً. كما تعد هذه الدول من بين أصغر الدول الأوروبية مساحة، لكن ليس بالضرورة اعتبار هذا الأمر سلبياً، سيما عندما تحتاج الشركات الناشئة إلى اختبار أحدث الابتكارات التقنية في إطار مجتمعاتهم المحلية، والحصول على النتائج بسرعة.
إستونيا:
اشتهرت بكونها بلد المنشأ لانطلاقة شركة “سكايب”، ويشهد مجال الشركات الناشئة التكنولوجية فيها ازدهاراً. كما يشهد قطاع الاستثمار والتمويل لرأس المال الاستثماري والاستثمارات المقدمة من رجال الأعمال تقدماً ملحوظاً. وفي وقت مبكر من هذا العام، استطاع موقع (Testlio.com) الحصول على تمويل أولي قيمته 1 مليون دولار، بالإضافة إلى نجاح موقع (Bondora.com) في الحصول على تمويل قيمته 4.5 مليون يورو من قبل المستثمرين الأميركيين.
ومن بعض الشركات الناشئة الإستونية المثيرة للاهتمام، شركة (Lingvist) التي طورت برنامج “تعلم لغة تكيفي” الذي تزعم بأنه يقلل إلى حد كبير من الوقت المستغرق في تعلم لغة جديدة. فيما يتتبع البرنامج الأمور التي يعرفها المتعلم والأمور التي لا يعرفها، ليحدد بعد ذلك احتياجاته من أجل سد الفجوات بفعالية أكبر.
كما تهدف شركة تطبيق سيارات الأجرة (Taxify) إلى التفوق على تطبيق “أوبر”، مع تعهدها بتوفير وتقديم تقنية أفضل وتسويق أفضل لشركات وسائقي سيارات الأجرة في البلاد. وقد استطاعت الشركة الحصول على تمويل أولي قيمته 1.4 مليون يورو نهاية العام الماضي، ليتم استثماره باتجاه هدف الشركة في قيادة سوق أوروبا الشرقية، والقدرة على التوسع والسيطرة في السوق الأوروبي.
أما شركة (Jobbatical) للتوظيف الإلكتروني، فهي متخصصة في مجالها وتركز على سوق الوظائف المؤقتة قصيرة الأجل، وعلى الأشخاص الذين يخططون للعمل مع شركات تسعى لاستقطاب موظفين متميزين لفترة محدودة. ووفقاً لمؤسسي الشركة، فإن هذا الأمر يشكل فرصة كبيرة لما نسبته 75% من هذه الفئة من الموظفين. فضلاً عن ذلك، استطاعت الشركة الحصول على تمويل أولي قدره 260 ألف يورو، من قبل شركة (SmartCap) الإستونية وفريق من المستثمرين. ويوفر الموقع حاليا عروض عمل مؤقتة وقصيرة الاجل من 30 دولة، بما في ذلك من أوروبا والشرق الاقصى.
ليتوانيا:
مع احتلالها لموقع استراتيجي في أوروبا الوسطى، ومع احتضانها لثروة من المواهب التكنولوجية متعددة اللغات، فإن في ليتوانيا أحد أكثر البيئات جذباً وملائمة للشركات الناشئة في العالم. وهذا يتعزز من خلال خدمة الاتصال بالإنترنت عالية السرعة، مما جعلها الدولة السابعة عالمياً في مؤشر (Ookla Net Index) لعام 2014. كما احتلت المرتبة الـ11 من حيث تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال وفقاً لتقرير (Doing Business 2015)، وأدرجت عاصمتها فيلنيوس في قائمة (سي إن إن) عن أفضل 10 مدن ذكية.
فيما تُعرف ليتوانيا بكثرة ورش العمل الخاصة بالشركات الناشئة، لاسيما الحدث الأبرز المنعقد فيها (Startup Weekend Lithuania)، وبتوفيرها مساحات للعمل المشترك عالية الجودة، كتلك الموجودة في شركة (StartupHighway) وشركة (Sunrise Valley) و(Namas Hub). وقد نتج عن إحدى الدراسات في عام 2014 من قبل شركة (Enterprise Lithuania)، أن الشركات الناشئة قد أوجدت أكثر من 130 فرصة عمل جديدة خلال عام واحد فقط.
كما تشهد ليتوانيا نمواً في قطاع الاستثمار، إذ بلغ إجمالي الاستثمارات التي استقطبتها الشركات الناشئة في العام الماضي 3 أضعاف تلك التي شهدها العام الذي سبقه، وذلك عندما خصص المستثمرون 16 مليون يورو لتمويل الشركات الناشئة.
ومن الشركات الناشئة والجديرة بالاهتمام في ليتوانيا، شركة (Inside Warehouse) التي تتيح للناشرين الإلكترونيين ببيع المنتجات التي لها صلة بالمحتوى على الموقع الإلكتروني. ومن الشركات الأخرى، موقع الطهي الإلكتروني (Plate Culture)، حيث يساعد الأشخاص الذين يرغبون بتناول وجبات الطعام، على إيجاد حجوزات مناسبة لتناول وجباتهم في منازل سكان جنوب شرق آسيا المحليين. بالإضافة إلى شركة (Rotten Wifi) التي أنشئت لاختبار وتقييم خدمة الاتصال بالإنترنت (واي فاي– WiFi) وخدمة الإنترنت من الجيل الثالث (3G) من جميع أنحاء العالم.
لاتفيا:
يعد قطاع الشركات الناشئة في لاتفيا أصغر مقارنة بأستونيا وليتواني. لكنه يتوسع بسرعة في الوقت نفسه، مع عدد من الرياديين الجدد، ممن انضموا إلى منظومة العمل النامية هناك. من هذه الشركات: (CoBook) وموقع (Ask.fm). وقد تحسن الدعم الحكومي لها بشكل ملحوظ عن طريق المساعدة والدعم المقدم من قبل (Latvian Guarantee Agency).
ومن الشركات الأخرى أيضاً، شركة (Trip.Center) التي توفر برمجية تخطيط متكاملة للسفر، مما يتيح للمستخدمين مساحة إضافية من الحرية. أما شركة (BranchTrack ) المتخصصة في تدريب موظفي الشركات، فتخطط لريادة هذا القطاع عن طريق منصتها الذكية وسهلة الاستخدام لعملائها، سيما بعد اعتمادها من قبل عدد من العلامات التجارية العالمية.
أما شركة (Conelum) للتكنولوجيا الحيوية، فتستخدم تكنولوجيا تسريع عمليات فحص الأغذية الإلزامية. وبتعاون مع (جامعة ريغا التقنية)، تعمل الشركة الآن مع شركات الألبان الأوروبية وشركاء روسيين، لكنها في الوقت نفسه توجه أنظارها للتوسع في الأسواق العالمية.
وبوصفها مراكز تكنولوجية مستقبلية للرياديين والشركات الناشئة، فإن دول البلطيق إجمالاً تمتلك خططاً للمستقبل وتسعى للاستحواذ على حصة أكبر في السوق العالمية.