Site icon IMLebanon

هل يخرج “حزب الله” بعد الدخول الروسي ليصير في الإمكان تأكيد تحييد لبنان؟

 

 

كتب اميل خوري في صحيفة “النهار”:

هل بات “حزب الله” يرى أن الفرصة أصبحت سانحة مع الدخول العسكري الروسي الى سوريا ليقرر العودة الى لبنان والى لبنانيته فيكون ذلك بداية الخروج من تداعيات ما يجري حوله وعدم ربط أزماته كل مرّة بحلّ أي أزمة في المنطقة؟

لقد عانى لبنان كثيراً من ربط حلّ كل أزمة يواجهها بحلّ أي أزمة في المنطقة، فلم يحصل على الاستقلال عام 1943 إلا مع حصول سوريا عليه، ولا توقيع اتفاق النقد بين لبنان وفرنسا إلا بتوقيعه مع سوريا، ولا أمكن حلّ القضية اللبنانية مع اسرائيل ما لم تحلّ معها القضية الفلسطينية، ولا أمكنه تحرير أرضه المحتلة من اسرائيل ما لم تتوصل سوريا الى تحرير أرضها أيضاً، فكانت مقولة تلازم المسارين اللبناني والسوري لا بل تلازم مصيرهما… مع أن القرارات الدولية تميز لبنان عن سوريا وعن القضية الفلسطينية.

وهكذا صار لبنان ساحة مفتوحة للتظاهرات ليس من أجل مطالب لبنانيين بل من أجل مطالب غير اللبنانيين، وبدأ حرق “الدواليب” تعبيراً عن غضبهم. ففي مناسبة مرور 20 عاماً على وعد بلفور، وبعد نكسة حزيران 1967 واعلان استقالة الرئيس جمال عبد الناصر انطلقت في بيروت تظاهرات شعبية صاخبة، وعمد بعض المتظاهرين الى تحطيم أبواب محال تجارية وهم يهتفون بحياة هذا الزعيم العربي أو ذاك. وعندما طلب متظاهر من مسؤول حزبي منع تحطيم أبواب المتاجر قال له: “بشو بدّن المتظاهرين يفشّوا خلقهم”… وفي مناسبات أخرى “فشَّ” متظاهرون خلقهم بـ”التبويل” على الجدران، ثم ترقّى “فش الخلق” الى كتابة الشتائم عليها، ما جعل الشاعر موسى الزين شرارة وهو يرى كيف يفشّ اللبنانيون خلقهم يقول: “إذا شعبُ تظلَّم في أقاصي الأرض تظاهرنا وأضربنا وأحرقنا الدواليب ولم يشعر بنا أحد. كفى بالناس تجريبا”.

وعندما صار اتفاق بين اللبنانيين عام 1943 على عبارة “لا شرق ولا غرب” في ما عُرف بـ”المثياق الوطني” غير المكتوب بغية إقفال الساحة اللبنانية فلا تظل مفتوحة لكل متظاهر عند كل حدث يقع، ليس في المنطقة فحسب بل في أي دولة في العالم، ويتذكر كثيرون هتاف متظاهرين لبنانيين في احدى القرى: “يا بتردّوا النابوليون يمَّا بتقوم الضيعة”. فالمطلوب إذاً من القادة في لبنان أن يتعلموا من دروس الماضي ويترجموا عبارة “لا شرق ولا غرب” باتفاقهم على تحييد لبنان عن كل الصراعات في المنطقة وخارج المنطقة كي يرتاح اللبنانيون ويريحون غيرهم، فليس سوى تحييد لبنان ما يضمن استمرار الاستقرار والازدهار فيه.

لقد اضطر “حزب الله” الى خرق سياسة “النأي بالنفس” ومخالفة “إعلان بعبدا” بسبب الحرب في سوريا وبأمر من ايران، فهل يخرج الحزب من سوريا بأمر منها أيضاً بعدما دخل الروسي اليها ما قد يجعل الأزمة فيها مدوَّلة ومعرَّبة أيضاً، إذ أنه عندما يدخل الكبار يخرج الصغار. ومما لا شك فيه أن عودة “حزب الله” من سوريا الى لبنان ليمارس لبنانيته الصافية هي نقطة انطلاق لقيامة لبنان الجديد برئيس جديد وحكومة جديدة ومجلس نيابي جديد، رئيس توافقي يهتم بتحرير ما تبقى من الأرض في الجنوب وتطبيق اتفاق الهدنة مع اسرائيل الى أن يتم اتفاق سلام شامل يضع حداً لنزاع طويل ويعيد لكل ذي حق حقه، فتنتفي الحاجة عندئذ الى الدخول في سباق التسلّح بل في سباق التنمية لرفع مستوى معيشة الشعوب فلا يبقى فقير أو معوز ويسهل تنفيذ القرار 1701 مع كل القرارات الدولية لتصبح المنطقة واحة أمن وأمان وسلام.

وبعودة “حزب الله” من سوريا الى لبنان يصير في الامكان اتخاذ قرارات تحمي استقلاله وسيادته بمعزل عن أي قرارات لا تخصه، فتنتهي سياسة ربط مصير لبنان بمصير أي دولة قريبة كانت أم بعيدة، بعدما دفع لبنان غالياً ثمن ذلك، ولا يظل يربط تحرير ما تبقى من أرضه المحتلة بتحرير أراضي الآخرين، خصوصاً أن لكل احتلال وضعاً مختلفاً، ولا ربط مصير أزمة الانتخابات الرئاسية بمصير الأزمة السورية كما دعا الى ذلك الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، بل ينبغي أن يقرر اللبنانيون أنفسهم مصير بلدهم وعدم ربط ذلك بمصير أي بلد.

لذلك، فإن تأكيد الاتفاق على تحييد لبنان هو الذي يفك ارتباطه بأزمة أي خارج، وبتحييده تزول أسباب الصراع على السلطة سواء كان سياسياً أم مذهبياً، ويزول الخلاف أيضاً على سياسة من سينتخب رئيساً لأن سياسته تصبح معروفة وهي الحياد، ولا يعود حتى الغاء الطائفية مشكلة ولا توزيع المناصب. فهل يعود “حزب الله” من سوريا كي يعود الأمن والاستقرار الثابتان والدائمان الى لبنان من خلال اعتماد سياسة النأي بالنفس؟