ميليسا لوكية
ينطلق الحديث مجدداً عن مؤشر الغلاء وتصحيح الأجور من نقطتين رئيسيّتين، تتمثل الأولى في بدء العام الدراسي واحتمال رفع بعض المؤسسات الأقساط، بما يحمّل المواطنين أعباء جديدة، وتكمن الثانية في طلب رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن تحريك لجنة المؤشر لمعاودة عملها، علماً أنَّ وزير العمل سجعان قزي كان قد أعاد إحياء اجتماعاتها قبل أن تتحوّل بروتوكولية وغير مثمرة، فارتأى تجميدها إلى حين.
عند تسلمه وزارة العمل، أعاد قزي تحريك اجتماعات لجنة المؤشر التي التقت أكثر من 4 و5 مرات بغية الوصول إلى قواسم مشتركة بين كلّ الأطراف، بما يصبّ في مصلحة العمال وأصحاب العمل على حد سواء. لكنه أعاد النظر في مواصلة هذه الاجتماعات، خصوصاً أنّه لاحظ عدم جدواها في ظلّ غياب الجدية من الأطراف المعنيين.
وقال وزير العمل لـ”النهار” إنّه لاحظ إهمالاً من جانب أصحاب العمل والاتحاد العمالي، بدليل إرسالهم ممثلين لهم من الصف الثاني، إضافة إلى غياب التوافق بينهم وعدم تجاوب أي منهم مع مطالب الأخرى، فضلاً عن عدم تطابق الإحصاءات الصادرة عن الاتحاد عن تلك التي يُصدرها الإحصاء المركزي، ما جعل من هذه الاجتماعات، برأيه، مجرد اجتماعات بروتوكولية لأخذ الصور التذكارية.
لهذه الأسباب، وحرصاً منه على عقد اللقاءات التي تضمن حدّاً أدنى من النجاح، اشار قزي إلى أنّه ارتأى الاكتفاء بهذا القدر من التحرك إلى حين التوافق على ترجمة الأقوال أفعالاً وعند استعداد كل هذه الجماعات لعدم تضييع الوقت والتوافق. وهنا، اكّد استعداده للدعوة إلى اجتماع اليوم قبل الغد إذا أظهر الأطراف جديتهم، مشدّداً على أنَّه كان قد وجه دعوة للحوار المستدام منذ نحو أسبوعين ثم جمّدها بسبب الأحداث والتظاهرات.
وفيما يأمل العمال في زيادة الأجور التي رُفعت آخر مرة في العام 2012، استبعد قزي أن تكون الهيئات الاقتصادية في جو الزيادة حالياً، على رغم تمنّيه ذلك لأن “الوضع لا يُطاق”، وفق ما يقول، علماً أنَّ هذا الموضوع يتطلّب قراراً من الحكومة ومجلس النواب ولا يرتبط بوزير واحد فقط.
مؤشر الغلاء عند %37,5
يُثير حلول بداية العام الدراسي كلّ سنة قلق الأهالي من “زودة” لا مفر منها، وما يُمكن أن تؤثر سلباً على غلاء المعيشة، خصوصاً أنَّ بعض الإدارات تعمد في كثير من الأحيان إلى زيادة الأقساط أكثر من مرّة خلال السّنة بـ”التواطؤ مع لجان الأهالي”، في ظلّ غياب الرقابة من مديرية التعليم، وفق ما قاله رئيس اتحاد العمالي العام غسان غصن الذي شبّه “فساد” لجان الأهالي بذلك المُستشري في البلاد.
وأشار لـ”النهار” إلى الاتفاق الحاصل بين الهيئات الاقتصادية، الاتحاد العمالي العام والدولة، ممثلة بوزارة العمل، والذي ينصُّ على مراجعة تقلّبات الأسعار سنوياً وتصحيح الأجور على أساس هذه القاعدة، إلى جانب المعطيات التي يُوفّرها كلٌّ من الاتحاد، وأصحاب العمل والإحصاء المركزي الذي يُعتبر الأساس، إذ طوّر الأخير عملية تحديد السلة الاستهلاكية والسلة الغذائية بما يتوافق والمعايير الدولية والعالمية.
ووفق دراسة قام بها الاتحاد لمراقبة تقلّبات مؤشر الغلاء خلال الفترة الممتدّة من 2012 حتى حزيران 2015، تبيّن أنَّ المؤشر ارتفع بنحو 37,5%، إذ زاد في 2012 و2013 نحو 10%، في مقابل نحو 5-7% في 2014. واكد غصن ان هذه الأرقام جاءت متقاربة جداً مع تلك التي اصدرها الإحصاء المركزي وحدد فيها الارتفاع عند 34,5%. والتقارب ناتج هذه المرة، من الأخذ في الاعتبار كلفة التعليم، وتطوّر الإيجارات وكلفة النقل الخاص.
وبما أنَّ أسعار النفط سجّلت تراجعاً ملحوظاً، بما ينعكس إيجاباً على اسعار السلع الاستهلاكية، كذلك الأمر بالنسبة إلى سعر الأورو الذي يهبط بدوره بتكاليف السلع المستوردة من منطقة العملة الموحّدة، توقع غصن أن يكون الغلاء قد تراجع من حزيران حتى آخر أيلول بنسبة تراوح بين 2 و2,5% إلى أن تلامس 3,5% تقريباً. وشدّد على غياب لجنة المؤشر عن السّمع، علماً أنَّها مسؤولة عن رفع المرسوم إلى مجلس الوزراء لتعيين حد أدنى للأجور وزيادتها وفقاً لتقلّب غلاء المعيشة، في حين أنَّ زيادة الأجور “باتت حاجة ملحة”.