قال مسؤول كويتي رفيع إن الكويت تستعد لطرح تسعة مشاريع تنموية بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص موزعة بين قطاعات الطاقة الكهربائية ومعالجة مخلفات الصرف الصحي والنفايات والسكك الحديدية والمترو بكلفة 10.8 مليار دينار (35.7 مليار دولار) خلال العاملين المقبلين.
وتسعى الكويت عضو منظمة أوبك للاستفادة من الإمكانيات المالية الهائلة التي تمتلكها البنوك ومؤسسات القطاع الخاص في ظل هبوط أسعار النفط التي فقدت نحو 60 بالمئة من مستوى 115 دولارا للبرميل الذي كانت عليه في يونيو حزيران 2014 بفعل تخمة المعروض العالمي.
وتشكل إيرادات النفط أكثر من 90 في المئة من إيرادات الميزانية العامة في الكويت حيث وافق البرلمان في يوليو تموز الماضي على ميزانية السنة المالية الحالية 2015 -2016 بعجز قدره 8.18 مليار دينار.
وقال عادل الرومي المدير العام لهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مقابلة مع رويترز إن أسلوب الشراكة هو المتبع لتنفيذ المشاريع الكبرى في الدول المتقدمة التي لا تعاني مشاكل في التمويل وهو نظام “أثبت جدارته كأسلوب موفر للمال.”
وأضاف الرومي أن هذا النظام لتنفيذ المشاريع “إذا كان ضرورة (في السابق).. فالآن اصبح ضرورة حتمية لأنه يخفف العبء على ميزانية الدولة في ظل هبوط أسعار النفط… لكنه يبقى ضرورة حتى في الوفر الاقتصادي.”
ويتضمن أسلوب الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الكويت تأسيس شركات مساهمة عامة تضطلع بتنفيذ هذه المشاريع بينما يديرها الشريك الاستراتيجي حيث يتم تقديم السلع والخدمات المنتجة للدولة في مقابل أموال تدفعها الحكومة لهذه الشركات وفقا لعقود بين الطرفين.
وطبقا للقانون الذي صدر في 2014 وبدأ تطبيقه في 2015 فإن 50 في المئة من أسهم هذه الشركات يخصص للمواطنين الكويتيين بينما تخصص نسبة تتراوح بين 26 و44 في المئة لمستثمر استراتيجي قد يكون كويتيا أو أجنبيا أو تحالفا بين عدة مستثمرين وتمتلك الحكومة النسبة الباقية التي تتراوح بين 6 و24 في المئة.
وذكر الرومي إن هناك سبعة مشاريع تبلغ كلفتها نحو 3 مليارات دينار تركز عليها الهيئة في الفترة الحالية نظرا لأهميتها الحيوية سواء لانتاج الكهرباء أو الحفاظ على البيئة حيث سيتم استدراج عروض المستثمرين لها في الأشهر المقبلة.
وقال إن المشاريع السبعة “في مرحلة الطرح” حاليا وتم الانتهاء من عملية تأهيل الشركات للتنافس على الفوز بها “ونحن الآن في مرحلة إعداد أوراق المزايدة” لاستدراج العروض.
والمشاريع السبعة منها ثلاثة مشاريع لانتاج الكهرباء أولها مشروع محطة الزور الثانية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه والذي يكلف ما بين 400 إلى 500 مليون دينار ومن المقرر أن ينتج ألفي ميجاوات من الكهرباء و102 مليون جالون من المياه.
وقال الرومي إن هذا المشروع تم طرحه بالفعل على المستثمرين من نحو أسبوعين ومن المنتظر أن يقدموا عروضهم خلال أربعة أشهر من الطرح ثم تتم عملية فحص العروض لمدة شهر وبعدها يتم إعلان الفائز متوقعا أن يكون ذلك في مارس آذار المقبل.
والمشروع الثاني هو محطة الخيران لتوليد الطاقة الكهربائية وتقطير المياه (المرحلة الأولى) وهي محطة بخارية تعمل بأي نوع من الوقود البترولي وتبلغ كلفتها نحو 1.25 مليار دينار ومن المقرر أن تنتج ألفي ميجاوات من الطاقة الكهربائية.
وأوضح الرومي أنه تم تأهيل الشركات المتنافسة على هذا المشروع وسيتم “قريبا” طلب استدراج العروض على أن يتم منحها ستة أشهر لتقديم العروض وليس أربعة أشهر وذلك تفاديا للتزامن مع مشروع محطة الخيران حيث يتوقع أن تكون الشركات ذاتها هي المتنافسة في المشروعين.
والمشروع الثالث هو مشروع العبدلية لتوليد الطاقة الكهربائية بنظام مزدوج من الطاقة الشمسية والغاز الطبيعي وتبلغ كلفته نحو 300 مليون دينار وستبلغ طاقته الانتاجية 250 ميجاوات كحد أدنى.
يضاف إلى ذلك مشروعان للصرف الصحي ومعالجة النفايات أولهما مشروع أم الهيمان لمعالجة مياه الصرف الصحي وتبلغ كلفته ما بين 500 إلى 600 مليون دينار وسعته نحو 500 متر مكعب من مياه الصرف الصحي يوميا.
بينما المشروع الآخر هو مشروع معالجة النفايات البلدية الصلبة في منطقة كبد على بعد 35 كليومترا من الكويت العاصمة وتبلغ كلفته ما بين 200 و300 مليون دينار وسيقوم بتدوير 50 في المئة من نفايات الكويت الصلبة.
وقال الرومي إن مشروع كبد قد تم الانتهاء من تأهيل الشركات فيه وبانتظار موافقة الجهات الرقابية على وثائق المزايدة ليتم طلب استدراج العروض من المستثمرين قبل نهاية الربع الأول من 2016 مبينا أن هذا المشروع سيكون “أكبر منشأة في الشرق الأوسط لتدوير النفايات الصلبة.”
كما تشمل القائمة مشروع انشاء 12 مدرسة نموذجية موزعة على عدد من المحافظات بكلفة نحو 50 مليون دينار حيث من المقرر أن تكون بمثابة “نموذج تجريبي” يتم بعده التوسع في التجربة في حال نجاحها بحيث تتفرغ وزارة التربية للعملية التعليمية بعيدا عن جهد بناء المدارس الذي تضطلع به حاليا.
والمشروع الأخير هو مشروع مركز العقيلة الترفيهي الثقافي ويكلف ما بين 30 إلى 40 مليون دينار.
وذكر الرومي أن ما بين 70 إلى 80 في المئة من تمويل هذه المشاريع سيأتي من البنوك بينما النسبة الباقية ستمثل رأسمال الشركة المساهمة حيث ستدفعه الحكومة والشريك الاستراتيجي وفقا لأحكام القانون.
وعدد الرومي فوائد عدة لنظام الشركة بين القطاعين العام والخاص تجعله أفضل كثيرا من الاسلوب التقليدي المعتمد على المناقصات ومنها “توزيع المخاطر بين القطاعين العام والخاص.. كما أنه يعطي دفعة أكبر للقطاعات الأخرى في الاقتصاد الكويتي مثل القطاع المصرفي الذي يكون دائما دوره أكبر في مشاريع الشراكة عن نظام المناقصات.”
واضاف أن نظام الشراكة يعطي ضمانة أن المشروع ينجز في الفترة المخطط لها وبالميزانية المخطط لها “لأن القطاع الخاص لا يجني أية إيرادات إلا بعد أن تتم عملية الانتاج بينما في المناقصات تظل الشركة المنفذة تحصل على دفعات مالية طوال فترة المشروع.
وطبقا للقانون الذي أقر في 2014 فقد تم تجاوز العقبات التي كانت تحول دون مشاركة القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية في الكويت وتم تحويل الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات إلى هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتم تفعيل دورها بشكل أكبر.
وأوضح الرومي أن من أهم التغييرات التي تمت في القانون الجديد هو طمأنة البنوك لتشجيعها على تمويل هذه المشاريع حيث أصبحت “حقوقها وواجباتها واضحة.. بحيث لا يكون لديها تخوف” ومن ذلك السماح لها بالحصول على أسهم المطور كضمان للقروض بالإضافة إلى حقهم في إدارة المشروع في حال فشل المطور في ذلك وهو ما لم يكن قد تناوله القانون السابق.
واعتبر الرومي أن إمكانية توفير التمويل من المصارف هي المحفز “الأساسي” للمستثمرين لتقديم مبادرات والعمل وفق نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقال “هذه الأرضية بحد ذاتها اصبحت جاذبة.. للمطور أن يدخل في هذه المشاريع وينافس فيها بأسلوب أقوى لأن تكلفتها عليه قليلة.. إذا كان (المطور) يمول من البنوك فإن العائد على الاستثمار له سيصبح أعلى نتيجة التمويل من البنوك.”
وأوضح أن المزية الثانية في القانون الجديد هي إمكانة لجوء الأطراف للتحكيم الدولي “بناء على القوانين الكويتية” مما يوفر الوقت لحسم أي نزاع دون اللجوء للقضاء التقليلدي الذي يأخذ وقتا طويلا وهو ما لا يحبذه المستثمرون.
وأوضح الرومي أن الحكومة “حسمت أمرها” مؤخرا وقررت أن يتم طرح مشروع السكة الحديدية والمترو بنظام الشراكة بعد أن كان هناك نقاش حول أي الاساليب أفضل للطرح.
وأوضح أن بداية عملية تأهيل الشركات لمشروع السكة الحديدية الذي يكلف نحو 1.8 مليار دينار ستكون في الربع الأول من 2016 ليتم تسلم الموقع للفائز في نهاية 2016 ليبدأ التنفيذ مبينا أن الكويت ملتزمة بأن تكون منشآت السكة الحديدية جاهزة في 2018 تمهيدا للربط الخليجي مع باقي دول مجلس التعاون.
واضاف أن مشروع المترو الذي ستبلغ كلفته نحو 6 مليارات دينار سيأتي بعد مشروع السكة الحديدية بنحو ثمانية أشهر بشرط الانتهاء من تحديد المسارات النهائية لخط سيره مع المجلس البلدي معتبرا أن إنجاز المسارات يعد “تحديا.”
(الدولار = 0.3022 دينار)