كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:
يُضرب للبنانيين موعد جديد ليراهنوا عليه لانتخاب رئيس للجمهورية. يقرأون ما بين سطور المواقف الدولية ما يعتبرونه مؤشرا لامكانية اقتراب ملء الشغور في قصر بعبدا، فقد توقف بعضهم عند مغزى تحديد الرئيس الايراني تشرين الثاني موعدا للبحث في الموضوع الرئاسي اللبناني في قصر الاليزيه الفرنسي. وحاولوا التمعّن في معاني تأجّيل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته الى لبنان. اشعل هذان الحدثان المخيلة اللبنانية الخصبة والمتعطشة الى نضوج تسوية سياسية ما تشملهم ببركاتها. غير أن ما يرشح من معلومات لدى صنّاع القرار والتسويات الداخلية، يجزم أن لا كلام جدّياً عن وضع الانتخابات الرئاسية على اجندة الاتفاقات الدولية، أقله في المدى المنظور.
يجزم أحد السياسيين أن التسوية السياسية التي طالت تفعيل عمل الحكومة وايجاد مخرج للترقيات العسكرية «إنما جاءت حفاظا على الحد الادنى من الاستقرار السياسي كي لا ينهار ما تبقى من مؤسسات في ظل العجز عن انتخاب رئيس». هؤلاء يؤكدون ان «لا بوادر في الافق عن اقتراب موعد انتخاب رئيس للجمهورية، بعد أن بات هذا الاستحقاق مرهونا بالكامل الى الارادات الخارجية. فالاكيد أنه لن يكون هناك رئيس للبنان الا صناعة خارجية مئة في المئة، ودور القوى المحلية سيقتصر على انزال الاسم المتفق عليه في صندوق الانتخاب».
وسط التشاؤم الداخلي واستمرار البحث عن سبل لتقطيع الوقت بأقل الاضرار الممكنة في انتظار ما سيكون، ترشح من الفاتيكان اجواء ايجابية تضخ الامل في امكانية أن يكون للبنانيين رئيس للجمهورية قبل نهاية هذا العام.
تؤكد مصادر كنسية مارونية ان «كلاما متفائلا يتم تداوله في الفاتيكان حول امكانية توصل بعض الدول الكبرى الى توافق حول انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان». تضيف المصادر أن «الدوائر الفاتيكانية، وبتوجيه من البابا فرنسيس نفسه، تعمل على قدر طاقتها للدفع من اجل التوصل الى توافق لحل عقدة الرئاسة اللبنانية. ففي ذلك اشارة الى أكثر من اتجاه، سواء لجهة حرص المجتمع الدولي على الاستقرار في البلد، او اهتمامه بالابقاء على الحضور المسيحي في هذا الشرق، او بعث رسالة اطمئنان الى جميع الاقليات بأن تنوعهم غنى يجب أن يُحافظ عليه وأن يحصّن بالاطر الدستورية والقانونية».
لا تنسى المصادر الكنسية التذكير أن «الرغبة الفاتيكانية لانتخاب رئيس واستعادة المؤسسات عملها الطبيعي، ليست جديدة، لكن الجديد أن بعض الاوساط في الفاتيكان تهمس بأن وعودا أعطيت من جهات دولية مؤثرة بأنه سيتم السعي جديّا من اجل ان يكون للبنان رئيس قبل نهاية هذه السنة».
لا تملك المصادر الكنسية الكثير من المعلومات والمعطيات حول الاسباب والتقاطعات والمصالح التي قد تؤدي الى انتخاب الرئيس. لكنها تؤكد أن «هذه التسريبات تتقاطع مع امنياتنا وصلواتنا واستعداداتنا لان يحتفل معنا الرئيس الجديد للجمهورية بعيديّ الميلاد ورأس السنة، لا بل أن يكون هو عيديتنا التي ننتظرها من أجل كسر حلقة الجمود في البلد». تضيف: «صحيح أن الفاتيكان لا يملك دبابات يفرض بها تغييرات على الارض، لكن البابا فرنسيس تحديدا يملك من الكاريزما والتأثير ما يجعل قادة الدول يأخذون برأيه، ان لم يكن من باب حكمته وتجرده وانحيازه للحق والخير، فمن باب معرفتهم مدى تأثيره بشعوبهم، خصوصا الكاثوليك منهم».
هذه الاجواء التي تؤكدها المصادر المطلعة على الكواليس الفاتيكانية، تنفي مصادر مسيحية في «14 و8 آذار» اي معرفة بها، وان كان الطرفان يؤكدان على موقف الفاتيكان المعروف لجهة الانحياز الى انجاز الاستحقاقات في مواعيدها واهمية انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في هذا الشرق. ويؤكد احد النواب ان «الفاتيكان حاول اكثر من مرة جسّ نبض الزعماء المسيحيين ليرى امكانية نجاح اي مبادرة او تدخّل من قبله، لكنه لم يلق تجاوبا جديّاً. لذا فقد اختار، على الارجح، أن يسلك الطريق الذي يمكن أن يوصله الى مقصده، مستخدما علاقاته مع الدول المؤثرة».