فيما يستمرّ السّجال بين المالكين والمستأجرين حول نفاذ قانون الإيجار الجديد، يتولّى القضاء مسألة الفصل بين الطرفين في هذه الناحية من خلال الأحكام التي تصدر والتي لا تزال محصورة حتى الآن بتعويضات الإخلاء للهدم والضرورة العائلية. وقد علمت “النهار” من مصادر نيابيّة، أنّ هناك توجّهاً لدى بعض الكتل إلى إقرار التعديلات التي أنجزتها لجنة الإدارة والعدل منذ خمسة أشهر على القانون في أولى الجلسات النيابية المقبلة.
وفي أجواء المحاكم، صدر أخيراً حكم قضائي عن القاضي المدني المنفرد الناظر بدعاوى الإيجارات إيمان عبدالله في دعوى استرداد لعلّة الهدم تمّ تقديمها بعد دخول القانون الجديد حيّز التطبيق في 28 كانون الأول 2014 وتحديداً في 22 كانون الثاني 2015، وأدلى فيها المدّعي برغبته في استرداد المأجور من أجل الهدم وإقامة بناء جديد مكانه سنداً إلى الفقرة “ج” من المادّة 10 من القانون رقم 92/160، وسنداً إلى المادّة 22 من قانون الإيجارات الصادر في 8 أيّار 2014. وكان قرار القاضي واضحاً حيال وجوب تطبيق المادة 22 من القانون الجديد على هذه الدعوى وردّ الأقوال المخالفة. وجاء في الحكم أنّ المادة المذكورة تنصّ على دفع تعويض يوازي بدل إيجار ستّ سنوات محتسبة على بدل المثل، كما تنصّ المادة 20 على أنّ بدل المثل يحدّد على نسبة 5 بالمئة من القيمة البيعيّة للمأجور في حالته القائمة، وبناء عليه تمّ احتساب قيمة التعويض.
وفي سياق المواقف المتّصلة بنقابة المالكين ولجان المستأجرين، لا تزال لجنة المحامين لتعديل قانون الإيجار في لجان المستأجرين عند موقفها بالمطالبة بتأجيل إصدار الأحكام بدعاوى الإيجارات إلى حين مناقشة القانون الجديد في مجلس النواب، واعتبرت أنّه على الرغم من صدور قانون الإيجارات في الجريدة الرسمية إلاّ إنه تمّ الطّعن به أصولاً وتمّ إبطاله أمام المجلس الدستوري ولم يعد نشره أصولاً وهو قيد التّعديل في لجنة الادارة والعدل وأصبح غير قابل للتّطبيق أو التنفيذ عملاً بمبدأ فصل السلطات، وهذا ما نصّ عليه قانون المجلس الدستوري والاجتهاد الثابت والمستمرّ. وقالت: “عن أيّ قانون نافذ يتحدّثون وقد أبطل المجلس الدستوري أهمّ فقراته وموادّه الرئيسيّة وألزم إعادة تعديله وصياغته وأعطى توصيات بتعديلات جذرية عليه ليكون متناسباً مع حقّ السكن وعدم تهجير اللبنانيين، إضافة إلى أنّ لهذا القانون صندوقاً رئيسياً في جميع مواده تمنع المباشرة في تطبيقه من دون إيجاده مع اللجنة التي أبطلها المجلس الدستوري، فعن أيّ قانون ايجارات نافذ يتكلم البعض؟”.
من جهته، أكّد المستشار القانوني لنقابة وتجمّع المالكين المحامي شربل شرفان في اتصال مع “النهار” أنّ قانون الإيجارات الجديد نافذ وساري المفعول وأنّ تطبيقه بدأ اعتباراً من 28/12/2014، وتالياً فإنّ لا قيمة قانونيّة للمواقف التي تطلقها تجمّعات المستأجرين، رافضاً كلّ طرح يمسّ بحقّ الملكيّة المقدّس والمكرّس بموجب الدستور وشرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدوليّة. وعبّر شرفان عن ارتياحه بالنسبة إلى المسار القانوني الذي يسلكه القانون الجديد لناحية التطبيق إمّا من خلال الاتّفاقات الرضائيّة بين المالكين والمستأجرين أو من خلال الاستعانة بالخبراء من أجل تحديد بدل المثل على أن يفصل القضاء بكلّ نزاع ينشأ عن الآليّة المحدّدة قانونًا. ودعا تجمّعات المستأجرين إلى الكفّ عن تحريضهم ودعوتهم إلى التمرّد على أحكام القانون، محذّراً من التداعيات القانونيّة والقضائيّة التي سوف تنتج من الامتناع عن تطبيق القانون، ما قد يؤدّي إلى إعلان سقوط حقّ المستأجرين في التمديد القانوني. وختم شرفان بالدّعوة إلى الاحتكام للقضاء بدلاً من الشارع والمنابر الإعلاميّة.
وكانت نقابة المالكين استنكرت الدعوة إلى التمرّد ضدّ القانون الجديد للإيجار ودعوة المستأجرين إلى عدم تطبيقه، داعية إلى “الاحتكام للقضاء والمحاكم التي لها وحدها الكلمة الفصل والنهائيّة في القول بنفاذ القانون وكيفيّة تطبيقه بصيغته الحاليّة إلى حين إقرار التعديلات عليه في مجلس النواب”.