على مدى شهر أيلول، لوّحت المستشفيات الخاصة بوقف استقبال مرضى وزارة الصحة العامة، وبعدها هدّدت ثم نفّذت قرارها، من دون أي إكتراث من المسؤولين، أو حتى محاولة لمعالجة الأزمة المرتبطة بشق مالي وآخر تقني.
وبعيداً من شكل العلاقة التي تربط المستشفيات الخاصة بمرضى وزارة الصحة، والتي يمكن وصفها، في أقل تقدير، بـ”العلاقة التجارية”، فإن للمستشفيات الحق بمطالبة وزارة الصحة بإبرام عقود معها لتغطية الأعمال الإستشفائية عن الفترة المنقضية من العام 2015، وبالتالي تحديد ما إذا تخطت المستشفيات سقوفها المالية أم لا.
بالشكل فإن أزمة المستشفيات تخطّت غياب العقود مع وزارة الصحة، وتعدّتها بحسب نقيب المستشفيات سليمان هارون، الى حاجتها لاستيفاء مستحقاتها العائدة الى سنوات سابقة تصل الى العام 2000، وهذا لا يعني أن إبرام العقود لم يعد أولوية، لاسيما أن غياب العقود يمنع تطبيق مرسوم مجلس الوزراء القاضي بتوزيع الإعتمادات المالية المخصصة للمستشفيات، عن مستحقاتها لقاء تطبيب المرضى منذ بداية العام الجاري 2015، وتتجاوز قيمته 300 مليار ليرة ويرجّح أن تصل حتى نهاية العام (ما لم تسدّد مستحقات المستشفيات عن العام الجاري) الى نحو 450 مليار ليرة.
ولا تقتصر العقود المطلوب إبرامها مع المستشفيات للعام الحالي على وزارة الصحة فحسب بل تتعداها الى انجاز العقود بين كافة الجهات الضامنة والمستشفيات، ما يسمح للجهات الضامنة بالبدء بتسديد متوجباتها للمستشفيات عن هذا العام.
ويضاف الى مستحقات المستشفيات بحسب حديث هارون لـ “المدن” نحو 200 مليار ليرة تعود الى مستحقات ناجمة عن تخطي المستشفيات الاعتمادات المالية المخصصة لها منذ العام 2000 ولغاية العام الماضي 2014.
التأخير بسداد مستحقات المستشفيات لم يُحصر بوزارة الصحة والجهات الضامنة فقط، بل يتعداها الى وزارة المال التي لم تُصدر سندات خزينة بقيمة 120 مليار ليرة لبنانية، تنفيذاً للقانون رقم 225 الصادر بتاريخ 22 تشرين الاول من العام 2012 والذي يهدف الى تسديد مستحقات المستشفيات عن الفترة بين سنة 2000 و 2011.
ويكاد يكون تحذير المستشفيات بوقف استقبال مرضى الجهات الضامنة، ومن بينهم العسكريون، من أخطر ما قد تصل اليه الأزمة الإستشفائية الراهنة، لاسيما أن هارون طالب بتأمين الاعتمادات المالية اللازمة للأجهزة الأمنية كافة بهدف تسديد المستحقات المتبقية من العام 2014 وما قبل، وكذلك الاعتمادات اللازمة لتسديد مستحقات العام 2015، ملوّحاً بوقوع مشاكل “الجميع في غنى عنها”، ما لم يؤخذ نداء المستشفيات على محمل الجد.
تحذير المستشفيات بوقف استقبال مرضى الجهات الضامنة لم يستنفر وزارة الصحة حتى اللحظة، ذلك لأن الأخيرة، بحسب مصدر مطلع، تعمد الى التدقيق بجداول المستشفيات للسنة الحالية والسنوات السابقة، لاسيما لجهة المبالغ المطلوبة لتغطية فوارق السقوف المالية الموضوعة لكل مستشفى، ويوضح المصدر في حديث الى “المدن” بأن الوزارة تعمد الى التدقيق بحسابات المستشفيات انطلاقاً من ضبطها لفواتير إستشفائية مضخّمة.