كتبت صحيفة “النهار” أنه على وقع الغموض الكبير الذي يلف المقلب العسكري الطالع الجديد في سوريا في ظل تكثيف الضربات الجوية للطيران الروسي وما يحمله هذا التطور من احتمالات لا تزال بداياتها محفوفة بالكثير من المجهول يتلمس الواقع السياسي اللبناني الداخلي مرحلة قد تحمل بدورها مزيدا من التعقيد والمخاوف من تصعيد محمولة برهانات بعض اهل الداخل على توظيف ما يسمى “اللحظة الروسية”.
هذا الواقع بدت معالمه واضحة في تشاؤم يتسع عشية اسبوع يحمل ثلاث محطات مفصلية وسبقته حملات كلامية ذهبت الى حد التهويل بانهيار الحكومة كما ورد على لسان الرجل الثاني في “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الذي ادرجته اوساط الخصوم في اطار رهانات الحزب وحلفائه الإقليميين على تبديل موازين القوى في المنطقة ولبنان باعتبار ان الحزب يتحسب للانخراط في الشق البري المكمل للعمليات الجوية في سوريا وتاليا فان كل تصعيد داخلي يعد امتدادا لاجندته السورية والاقليمية . فهل يذهب “حزب الله” وحليفه المسيحي العماد ميشال عون فعلا الى هز الشباك الحكومي هذه المرة ام ان الامر لا يعدو كونه توظيفا للتطور الروسي بغية تحقيق مكاسب عجزا عنها في المراحل السابقة على رغم كل ممارسات التعطيل؟.
حتى الان يبدو مستبعدا ان يطيح التحالف الثنائي بالحكومة لاعتبارات عدة ليس أقلها ان فراغا حكوميا بعد فراغ رئاسي وشلل برلماني لن يشكل حقل استثمار لاي طرف او فريق ما دام الاستقرار حاجة حيوية اثبتت نجاعتها ولم تتعرض للخرق وما دام هذا الاستقرار خطا احمر فعليا امكن التثبت منه تكرارا في اسبوع المشاركة اللبنانية في اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك الاسبوع الماضي.
ولكن الجديد الذي يشغل اهتمامات الاوساط الداخلية يتمثل في جرعات إضافية من التصعيد السياسي الذي تتعدد اتجاهاته منذرة اولا بتهديد جلسات الحوار في الايام الثلاثة المحددة له في الاسبوع المقبل، الثلثاء والاربعاء والخميس، وعبره بطبيعة الحال الواقع الحكومي كلا ما دام هذا الواقع بات مرتبطا بإمكانات الخروج بتفاهم على آلية عمل مجلس الوزراء او عدم التوصل اليه. وملامح التصعيد لا تقف على الخلاف بين افرقاء الحوار والحكومة على الآلية او على مسألة الترقيات العسكرية بل تتمدد في اتجاه إذكاء الخلاف بين عين التينة والرابية مجددا الامر الذي يضع مشاركة العماد عون في الجلسات الثلاثية للحوار موضع شك في امكان نسف الحوار او المشاركة المشروطة فيه بتسوية مسبقة.
ثم ان الاستحقاق الاخر في روزنامة الاسبوع المقبل سيتمحور على قدرة الحكومة على الشروع في انهاء ازمة النفايات تبعا للتوجيهات الحازمة التي اتخذها رئيس الحكومة تمام سلام في اجتماع السرايا مساء الجمعة الماضي وهو الامر الذي يفترض ان تقف كل القوى المشاركة في الحكومة الى جانب تنفيذ الخطة من دون اي لبس.
اما الاستحقاق الثالث فيتمثل بالاختبار العائد مع موجة جديدة من التحركات الاحتجاجية للحراك المدني بدأت في الساعات الاخيرة وينتظر ان تبلغ ذروتها مساء اليوم الاخير من ثلاثية جلسات الحوار الخميس المقبل عبر الدعوات الى اعتصام حاشد في ساحتي الشهداء والنجمة علما ان الحراك قام امس باعتصامين في دالية الروشة وامام معمل الجية الحراري مطالبا بفتح الدالية للجميع ومحتجا على سياسات وزارة الطاقة في الكهرباء .
في ظل كل هذه المعطيات يبدو المشهد السياسي على كثير من التوتر خصوصا مع تراجع فرص تسوية الترقيات العسكرية الى ادنى الحدود وتصاعد الحملات الكلامية المتصلة بها.
وقد كان للرئيس فؤاد السنيورة امس رد لاذع على الشيخ نعيم قاسم من دون ان يسميه اذ قال “عندما يتهم حزب الله تيار المستقبل (بالتعطيل) فانه ينظر الى المرآة وعندما يرى ما يقوم به يرده الى الاخرين بينما هو الذي يرتكب هذه الأفعال على قاعدة ” اللي فيكي حطيتيه فيي”. وعلى هذه المعادلة يتجه مسار حوار ساحة النجمة وحوار عين التينة سواء بسواء.