تواصل المديونية الخارجية للمغرب ارتفاعها في الأربعة أعوام الأخيرة، بفعل توجه الحكومة للاقتراض من أجل تغطية احتياجاتها المالية، ما يدفع البعض إلى التحذير من سلوك هذا الطريق السهل في سياق تمتع المملكة بثقة المؤسسات الدولية بعد الإصلاحات التي شرعت فيها الحكومة فيما يتعلق بالتخلص من نفقات الدعم. فقد أشارت مديرية الخزينة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، إلى أن الدين الخارجي العمومي بلغ في الستة أشهر الأولى من العام الجاري 30 مليار دولار، مقابل 28.6 مليار دولار في نهاية الماضي. وما فتئت المديونية الخارجية ترتفع منذ العام الماضي، فقد وصلت إلى 28.6 مليار دولار، بعدما بلغت في العام الذي قبله 24.1 مليار دولار، بزيادة بنسبة 18%. ولاحظت المديرية في بيانات حصلت عليها “العربي الجديد” أمس الجمعة، أن الدين الخارجي العام ارتفع خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بنحو 4.89%، تعادل حوالى 1.4 مليار دولار. وعند تناول هيكلة الدين الخارجي من حيث مصدره، تشير المديرية إلى أن 43.9% منه يأتي من دائنين متعددي الأطراف، بينما يمثل الدائنون الثنائيون نسبة 28.3%، فيما يدين المغرب بنسبة 27.8% للمؤسسات المالية النقدية والبنوك التجارية الدولية. ويسعر 65.2% من الدين العمومي بالعملة الأوروبية الموحدة، بينما يمثل الدولار نسبة 21.4%، والين الياباني 3.6%. وتشكل باقي العملات نسبة 9.8% في الدين العام الخارجي. ولاحظ المركز المغربي للظرفية، في تقرير صدر مؤخرا، أن المغرب سجل مديونية كبيرة في العام الماضي، غير أنه يسجل أن الموقف الرسمي المغربي يبدي نوعا من التفاؤل، فالبنك المركزي، يعتبر أن تثبت الدين العام متوقع على المدى القصير، بل إنه يتصور أنه يمكن خفضه في أفق العامين المقبلين. غير أن المركز المغربي للظرفية، الذي يضم خبراء مغاربة، يعتبر أن التفاؤل الرسمي، لايلتفت لمسألة غياب استراتيجية حول المديونية، على اعتبار أن المهم بالنسبة لمن يهمهم أمر المديونية، هو التوجه نحو التحكم التقني في آلية تدبير المديونية.
ويرى المركز المغربي للظرفية، أن الخطر لا يزال قائما، معتبرا أن الدولة تستفيد من الثقة التي تتمتع بها لدى المؤسسات الدولية، من أجل الاستسلام للحل السهل المتمثل في اللجوء للسوق الدولية من أجل الاقتراض كي تغطي احتياجات التمويل في الأعوام المقبلة. وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط أن يعمد المغرب إلى الاقتراض من الخارج في العام المقبل، في سياق تراجع معدل النمو الاقتصادي، الذي ينتظر أن ينحصر في حدود 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب توقعات المصرف المركزي. وتؤكد المندوبية على أن الحاجات التمويلية للمغرب في العام المقبل، ستتم تغطيتها عبر اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، علما أن المغرب، دأب في الأعوام الأخيرة على اللجوء إلى السوق الدولية. وتعتبر المندوبية أنه في حال لجوء المغرب إلى الاقتراض، سيرتفع الدين العام الإجمالي، الذي يضم الدين الداخلي والخارجي، إلى 81.2% من الناتج الإجمالي المحلي، مقابل 79.6% في العام الجاري و78.2 في العام الماضي. ويتعدى مستوى المديونية العامة سقف 60% من الناتج الإجمالي المحلي الذي تحبذه المؤسسات المالية الدولية، على اعتبار أن الدين المحلي يتجاوز 46 مليار دولار، بينما يصل الدين الخارجي إلى أكثر من 30 مليار دولار. وتعتبر جمعية أطاك بالمغرب، التي ترفع شعار أن ” لا تنمية بدون إلغاء المديونية” أن ” الديون تثقل ميزانية الدولة، وتعوق الاستثمار، وتؤدي إلى تقليص الميزانيات الاجتماعية بشكل حاد وتعمق برامج التقويم الهيكلي”. هذا ما يدفعها إلى الدعوة إلى إلغائها.