يتجه نقل النفايات من بيروت وجبل لبنان بواسطة الشاحنات وعبر العوامات البحرية الى المطمر القائم في منطقة سرار في عكار. ويبدو ان ثمة حراكا عكاريا معارضا لخطة نقل نفايات بيروت والجبل الى عكار، ومن هنا تشير معلومات صحيفة “الأنباء” الكويتية الى اتجاهات بالتحول نحو قبرص، حيث ثمة من يروج لوجود معامل نفايات جاهزة للعمل.
من جهتها، قالت صحيفة “السفير”: “يبدو ان الخطة التي أعلن عنها وزير الزراعة اكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات ما تزال تحتاج الى مزيد من الوقت كي تأخذ طريقها الى التنفيذ. فإلى جانب اعتراض مجموعات بيئية وشعبية على اعادة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة ايام، ما يزال موضوع تحويل مكب سرار الى مطمر صحي، تنقل نفايات مناطق اخرى اليه، يلقى اعتراضا على مستوى بعض البلديات وقسم من الاهالي، كما ان القوى السياسية في صيدا تتفق على رفض نقل نفايات من خارج المدينة الى معمل الفرز والمعالجة فيها ضمن الوضع القائم حاليا، واذا كانت بعض القوى ترفض ذلك الامر بالمطلق، فإن قوى اخرى تشترط لقبول هذه النفايات إنشاء مطمر للعوادم خارج المدينة. أما في البقاع فلم تتقدم بعد فكرة إنشاء مطمر في منطقة المصنع، وما يزال الرفض البلدي على حاله.
ففي عكار، لجأ عدد من البلديات المعترضة على تطبيق خطة شهيب، الى القضاء، لمنع تشريع مكب سرار حتى لا يتكرر سيناريو مكب الناعمة ومعاناة القرى المحيطة به. فقد أوكلت بلديات: عندقت، القبيات، عمار البيكات، السنديانة، رماح، الغزيلة، النهرية، خربة داوود الكواشرة، التليل، منيارة الى رئيس «التعاون الدولي لحقوق الانسان» زياد بيطار التقدم بدعوى قضائية بصفة الادعاء الشخصي تطلب “من النيابة العامة المالية ملاحقة الإدارات الفاسدة والقيمين عليها الذين اختلسوا أموالا عامة بموضوع النفايات وشركتي سوكلين وسوكومي وكل من له علاقة بهذا الجرم”.
من ناحية اخرى، أوضحت مصارد الشركة المتعهدة إنشاء المطمر في سرار («غزاوي طالب») أنها أنهت المرحلة الأولى من إنشاء المطمر والتي تتضمن أعمال تحضير الأرض، وفرش المواد العازلة، وتركيب الفلاتر.
وأضافت: من المفترض أن يكون المطمر جاهزا لاستقبال 100 الف متر مكعب من النفايات خلال خمسة أيام، لأن العمل يتم ليلا ونهارا لإنهاء المطمر في المهلة المحددة والمتفق عليها مع مجلس الانماء والاعمار.
في صيدا، تفقد الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس البلدية محمد السعودي معمل معالجة النفايات المنزلية الصلبة IBC في سينيق واطلعا على سير العمل ومسألة الفرز والمعالجة في المعمل من مديره نبيل زنتوت.
وأشار السنيورة الى ان العمل جار في المعمل على أساس الوصول الى صفر عوادم ولكننا لم نصل بعد الى هذه النتيجة. مشيرا الى «اننا في صيدا أبدينا استعدادنا لمعالجة بعض النفايات الآتية من بيروت، ولكن على ان يكون ذلك لقاء تأمين مطمر للعوادم خارج مدينة صيدا، وبالتالي صيدا تسهم في هذا الحل ضمن هذا الشرط وضمن طاقتها.. لان المدينة كانت تعاني على مدى عدة عقود بسبب جبل من النفايات ونجحت في إزالته وإنشاء هذا الحاجز البحري الذي ستكسب منه المدينة ارضا سيتم ردمها وهي ملك الدولة اللبنانية وطبيعي ان تكون بتصرف البلدية لأجل مشاريع تخدم المدينة»، معتبرا ان الحلول التي تقدم بها شهيب هي الأسلم للتوصل الى الحل، «وعلينا كلنا ان نتحمل هذا الامر ومعالجة هذه المشاكل».
بدوره، أشار رئيس البلدية محمد السعودي الى ان «هناك كلاما كثيرا عن انهم سيحضرون نفايات الى صيدا، وكما نعرف المعمل يستطيع استيعاب 500 طن والآن يأخذ النصف او اقل، ونحن قلنا انه اذا كانت صيدا ستكون جزءا من الحل الشامل للبنان فإننا لن نتأخر، أي اننا مستعدون لنأخذ نفايات من خارج صيدا شرط تأمين مطمر للعوادم خارج المدينة”.
الى ذلك انعقد في ازهر البقاع اجتماع برئاسة مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، وحضره كل من رئيس كتلة نواب زحلة والبقاع طوني ابو خاطر والنواب جوزف معلوف، عاصم عراجي، جمال الجراح، انطوان سعد، أمين وهبي، زياد القادري، منسق «تيار المستقبل» ايوب قزعون، رئيس اتحاد بلديات شرق زحلة عمر الخطيب ورؤساء بلديات مجدل عنجر، عنجر، قب الياس، بر الياس والصويري وتخلله استعراض لوجهات النظر البيئية من قبل وفد يمثل وزير الزراعة ضم بسام القنطار وآخرين، الى وفد بيئي استعان به المعترضون على المطمر من بينهم رجا نجم.
ولم يوفق الخبراء الرسميون المكلفون من وزارة الزراعة في تعميم فكرتهم والدفاع جيدا عن المطمر وفوائده وهم أقروا فعلا بوجود طبقات كلسية متشققة تعمل على امتصاص المياه الجوفية وتخزينها وتغذية ينابيع مجدل عنجر وعنجر وشمسين وهي ينابيع تصل مياهها الى مئات القرى البقاعية، ولكن وفق رؤيتهم قالوا انهم اختاروا منطقة جغرافية منفصلة عن هذه الصخور وان كانت تجاورها، وهذا ما رفضه بقوة الوفد البيئي الذي استقدمه الاهالي، فأكد نجيم ان السلسلة الشرقية تضم صخورا متواصلة بعضها مع بعض عبر الصخور الكلسية المتشققة، وكل نقطة مياه تدخل هذه الصخور لا تخرج منها إلا بعد سنتين، ما يعني انها صخور مياه جوفية مخزنة.
الخطوات الرسمية لتأكيد رفض المطمر ستوثق بقرارات بلدية تعلن رفضها بالإجماع لوجود أي مطمر وستكون بلدية مجدل عنجر اولى المحطات الجديدة بعد قرار بلدية عنجر رفضها للمطمر بالإجماع، كما ان المخاوف من كارثة المطمر دفعت مؤسسة مياه البقاع التي تعد المسؤولة والمعنية بملف المياه الى الإعراب عن خشيتها من وجود هذا المطمر في موازاة أكبر خزان مائي جوفي، وهذا ما دوّنته في مراسلاتها الى وزارة الطاقة والمياه.
في هذا الوقت، صرح وزير الزراعة أكرم شهيّب لصحيفة “النهار” بأن التحضير مستمر في موقع سرار بعكار ليكون مطمراً بكل المواصفات العلمية وفي الوقت نفسه إعادة فتح مطمر الناعمة سبعة أيام فقط، على أن تستمر الجهود لمعالجة الاعتراضات التي ظهرت في موقع المصنع.
وحذر شهيّب من أن موضوع النفايات “لا يتحمّل الترف السياسي، وإن على الجميع أن يعلموا أنه إذا لم تحلّ هذه المشكلة فلن يحلّ شيء في البلد وعندها سنقول على الدنيا السلام”.
وشدد على “أن لا رجعة عن المضيّ في تنفيذ الخطة المطروحة والمستوفية الشروط العلمية”، مبدياً الاسف لـ”بعض الاصوات التي تصاعدت وكنا نأمل أن تكون مؤازرة لنا. ومع ذلك نؤكد أننا لن نيأس وسنستمر في بذل الجهود لأن الشعب اللبناني يستأهل منا حل مسألة النفايات التي لو نظرنا اليها بصورة علمية لتبين أنها عملية صناعية تعود بالفائدة وليس بالضرر كما يصوّر في صورة خاطئة”.