IMLebanon

مؤشرات السوق تستوجب الاستعداد لمزيد من حالات الهبوط

Europe-stock
جون أوثرز

يتم التداول في الأسواق بناء على عدد من الافتراضات غير المعلنة. بالنسبة للذين يريدون فهم السبب في كون الأسواق الآن تعطي علامات على شعورها بالقلق، اسمحوا لي أن أذكر الافتراضات التي كانت موضع تساؤل في الآونة الأخيرة.

الأول، والأهم، كان الاعتقاد أن أسعار الفائدة المنخفضة أدت إلى ارتفاع أسواق الأسهم (ولا سيما في الولايات المتحدة حيث البنك المركزي كان الأكثر نشاطا من حيث ضخ الأموال الرخيصة)، وأن أسعار الفائدة الرخيصة من شأنها إبقاء أسعار الأسهم مرتفعة.

في الشهر الماضي، بعد كثير من الجدال، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي القرار الهامشي بعدم رفع أسعار الفائدة – وأثار عملية بيع حادة في البورصات العالمية. “البشرى السارة” للأموال الرخيصة تم استبدالها “بالأنباء السيئة” لأسباب اتخاذ ذلك القرار.

بيانات التوظيف في أيلول (سبتمبر) التي نشرت يوم الجمعة في الولايات المتحدة تؤكد الحكمة في قرار الاحتياطي الفيدرالي، وأيضا في استجابة الأسواق. فقد ارتفع عدد الموظفين بمقدار يقل عن 150 ألف شخص على مدى شهرين متتاليين – المرة الأولى الذي يحدث فيها هذا منذ عام 2012.

معدل التوظيف لا يزال ينمو، ومن المعروف أن بيانات التوظيف صاخبة. لكن معدل النمو هذا يتباطأ الآن على نحو لا خلاف عليه، في حين أن معدل البطالة طويلة الأجل لا يزال مرتفعا بشكل ضار.

الاستجابة الفورية، بالحكم من خلال سوق العقود الآجلة على أسعار الفائدة الرسمية من الاحتياطي الفيدرالي، كانت وضع تقديرات السوق للوقت الذي سيبدأ فيه الاحتياطي الفيدرالي فعلا في رفع أسعار الفائدة تماما في شهر آذار (مارس) من العام المقبل. واستجابة سوق الأسهم الفورية للبشرى السارة بأن الأموال ستبقى أرخص لمدة أطول كانت البيع المكثف، في حين أقبل المستثمرون على السندات، باتخاذ عائد على السندات التي مدتها عشرة أعوام يبلغ أقل من 2 في المائة.

نحن الآن في مرحلة حيث الأنباء السيئة عن النمو ببساطة تكشف أن السياسة النقدية أصبحت عاجزة في أذهان المستثمرين. النمو الاقتصادي مصدر قلق، ومصدر قلق كاف لكي يطغى على أي ارتياح من إبطال السياسة النقدية السهلة.

لماذا؟ بسبب ظهور افتراض ثان – أن قصة النمو الاقتصادي المذهل في الصين يمكن أن تستمر بلا توقف، بفعل التوجيه المتمكن من قادتها السياسيين. الصين تستمر في النمو، لكن التباطؤ الحاد في وتيرة النمو والأخطاء المنظورة لقادتها خلال الصيف، في التعامل مع سوق الأسهم فيها، والتخفيض الطفيف في قيمة عملتها، قد زعزع الثقة.

هناك أسباب وجيهة للشعور بالقلق بشأن اقتصاد الصين والاقتصادات الآسيوية المحيطة بها. بحسب ما تظهر أحدث استطلاعات مديري التوريد، فإن طلبات التصدير تنمو بأبطأ وتيرة لها منذ ركود عام 2009، في حين أن المخزونات مرتفعة.

والخوف هو أن آسيا المتباطئة ستصدر الانكماش إلى الغرب – وهي مشكلة تتجلى بشكل مباشر في انخفاض أسعار المعادن التي تعتبر الصين من أكبر مستهلكيها في العالم.

هذا يؤدي إلى الافتراض الثالث: الشركات الأمريكية يمكن أن تكون “المحرك الصغير الذي يستطيع”، ويستمر في تحقيق أرباح مرتفعة. هذا الانتعاش الثابت لأرباح الشركات في الولايات المتحدة منذ انخفاضها المفاجئ أثناء أزمة الائتمان في عام 2008 وعام 2009، كان أعجوبة العصر. الأموال الرخيصة التي جعلت من الممكن إعادة شراء الأسهم، كانت مفيدة في هذا الباب. لكن ذلك النمو وصل الآن إلى نقطة التوقف.

واعتبارا من نهاية الربع الثالث، استعد الوسطاء الماليون لانخفاض يبلغ 4.8 في المائة على أساس سنوي في أرباح الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وذلك وفقا لوكالة تومسون رويترز. صحيح أنهم استعدوا أيضا لانخفاضات في الربعين الأول والثاني، ولم تحدث، لكن النمو الآن ثابت تقريبا وهوامش الربح آخذة في الانخفاض.

والانكماش، في حال حدث، يجعل من الصعب أكثر على الشركات رفع الأسعار، وبالتالي يزيد من صعوبة مواكبة هوامش أرباحها، التي بأية حال هي دورية، ويبدو من المقرر أنها كان يجب أن تنخفض منذ فترة. وبمجرد أن تدرك الشركات أنها لا تستطيع التلاعب بالأرقام من خلال المحاسبة الإبداعية، غالبا ما تميل لـ “إظهار” أرقامها، من خلال إعلان جميع الأنباء السيئة في وقت واحد – وخلق الشائعة التي تقول إن الموسم المقبل للإعلان عن الأرباح يمكن أن يحمل بعض المفاجآت البشعة.

الآن لنأخذ هذه الافتراضات المحطمة ونضعها في سياقها الصحيح. العالم الناشئ كان عالقا في سوق هابطة لفترة من الوقت ـ وأمريكا الشمالية وأوروبا الغربية على وشك الانضمام. ويأتي هذا مع دخول تشرين الأول (أكتوبر)، الشهر الذي حدثت فيه انهيارات السوق الأكثر شهرة. لذلك الأعصاب متوترة.

لكن الأكثر إثارة للقلق هو أن الأمل تمكن من النجاة. دراسة لمديري أموال يديرون 4.8 تريليون دولار فيما بينهم، أجرتها شركة أبسوليوت للبحوث الاستراتيجية في لندن، وجدت أن ثلثي المدرين توقعوا تعزيز الدولار خلال الأشهر الـ 12 المقبلة – دعوة كانت تعتمد على الاعتقاد بأن الاحتياطي الفيدرالي ستكون لديه أسعار فائدة أعلى من البنوك المركزية الأخرى – في حين أن ثلثهم اعتقد أن نمو أرباح الشركات يمكن أن يتجاوز 10 في المائة. و39 في المائة فقط يستعدون لفترة ركود.

بالتالي، في حين أن هناك من يتحلون بالشجاعة، إلا أن هذا بالتأكيد ليس الاستسلام أو النفور من النوع الذي ينشئ الأوضاع المناسبة لانتعاش لطيف في أسعار الأسهم. سيكون من الحكمة أن تكون مستعدا لمزيد من حالات الهبوط قبل أن يتمكن أي انتعاش من الحدوث.