ذكرت صحيفة “النهار” أن الحوار الذي يشكل الفرصة الاخيرة لتسويات عدة منها آلية العمل الحكومي والترقيات العسكرية والعودة الى العمل التشريعي، يصطدم بجدار جدول أعماله، إذ يصر فريق مسيحيي 14 آذار على عدم تجاوز ملف الرئاسة الى نقاط أخرى قبل التوصل الى اتفاق الحد الادنى فيه، وهو ما يبدو متعثراً، مما يدفع الى الانتقال الى استكمال جدول الاعمال، ومحاولة فرض فريق 8 آذار إجراء انتخاب مجلس نواب جديد ينتخب الرئيس العتيد، وهو ما عبر عنه النائب علي فياض إذ قال: “قد تكون الفرصة في أن نتفق فعلا على نظام انتخابي، أن نطلق دينامية سياسية في البلد تفضي إلى انفراج سياسي في الملفات العالقة وخصوصا في ما يتعلق بانتخاب الرئيس، لذلك نحن ندعو إلى مناقشة هذه النقطة والتركيز عليها مناقشة مسؤولة وإيجابية”.
واذا كان العماد ميشال عون لوّح الاسبوع الماضي بمقاطعة الحوار، فإن مصادر متابعة توقعت عبر “النهار” ان يشارك غداً الثلثاء في أولى الجلسات، لكنه سيكون متصلباً في مواقفه “بعدما تراجع متحاورون عما اتفق عليه بعد الحوار السابق برعاية الرئيس نبيه بري، وانفراط عقد التسوية”. وبرز هذا التشدد في مقدمة نشرة اخبار “او تي في” مساء التي رأت ان “ما كان ممكناً قبل أسبوع على صعيد الحلحلة السياسية ومتفرعاتها في الحكومة والمجلس والترقيات، قد يصبح من الماضي تماما كما الرهان على التفاهم الايراني – السعودي ومعه أحلام الحوار وأوهام الرئاسة العالقة في الاليزيه”.
وذكرت “النهار” ان غياب العماد عون، اذا حصل، سيضرب مؤتمر الحوار في أساسه، وسيدفع الرئيس بري الى تأجيله، تماما كما سيفعل فيما لو حضر الوزير جبران باسيل منفرداً “لأن بري مصر على حضور عون ولو الجلسة الاولى”.
وقال رئيس المجلس امام زواره الاحد تعليقاً على التطورات السياسية الجارية: “لم يبق في البلد شيء الّا الحوار، فهو الاوكسيجين الذي نتنفّس بواسطته، كنّا في الجلسة الاخيرة أحدثنا اختراقاً في ما يتعلق بمقاربة قانون الانتخاب ولكن للأسف أُهدرت هذه الفرصة”.
وكرّر بري موقفه الاخير، قائلاً: «لا شيء قبل تطبيق خطة النفايات”، مذكّراً بانّ جلسة الحوار الاخيرة أيّدت بالاجماع تنفيذ هذه الخطة بكل الطرق والوسائل». وانه التفت الى سلام قائلاً له: «لم يعد لديك أي عائق للشروع في تنفيذ هذه الخطة»، مشيراً الى انه «لا يعقل ان لا تستطيع الدولة التصرّف بقطعة ارض تملكها»، وذلك في اشارة منه الى الاعتراضات الجارية على المطامر في منطقتي البقاع وعكار وغيرهما.
وقال بري انه ذاهب الى الجلسة الحوارية المقبلة ولا يحمل معه اي شيء سوى هذا الموقف، وهو تطبيق خطة النفايات أولاً.
وحول ما يقال عن إمكان تغيّب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، قال بري: «لم أبلّغ بذلك حتى الآن، لكن اود ان اقول للجميع ان تعطيل أيّ فريق للحوار هو بمثابة اقفال الباب على نفسه». مشيراً الى انّ لا حوار من دون عون.
ولفت بري الى انّ التسوية التي كان اتفق عليها في شأن الترقيات العسكرية أريد منها ان تكون مدخلاً الى اعادة العمل لمجلسي الوزراء والنواب، ولكن البعض عَطّلها بدسّ بند تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي فيها وسرّبها الى الاعلام، مع العلم انّ النسخة الاصلية لمشروع التسوية، الذي اتفق عليه في اللقاء الذي انعقد بينه وبين بعض اقطاب الحوار وعلى رأسهم عون في مجلس النواب إثر انتهاء جلسة الحوار الاخيرة، لم تتضمن هذا البند المدسوس لا من قريب ولا من بعيد.
صحيفة “الحياة” قالت: “تقف “ثلاثية الحوار” التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتي تستمر بدءاً من يوم غد الثلثاء حتى الخميس في 8 الجاري أمام معادلة من شقين لا مجال للتلاعب فيها أو إيجاد البديل منها.
الأول ـ كما تقول مصادر وزارية ونيابية لصحيفة “الحياة” “يكمن في عدم قدرة أي طرف الذهاب بعيداً في مغامرته السياسية الى حدود نسف الحوار وتعطيل جلساته، مع أنه ليس بالضرورة أن يؤدي هذا الحوار الى إيجاد الحد الأدنى من الحلول للمشكلات التي ما زالت عالقة وأولها إنهاء الشغور في سدة رئاسة الجمهورية بانتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان، بينما الثاني يقوم على عدم وجود نية لدى هذا الطرف أو ذاك في تقديم تنازلات أو تسهيلات تدفع في اتجاه الوصول الى نتائج ملموسة”.
واكدت أن “الحاجة لطاولة الحوار باتت في الوقت الحاضر أكثر من ضرورية في ضوء الحصيلة التي عاد بها رئيس الحكومة تمام سلام من نيويورك والتي من شأنها أن تبقي البلد على لائحة الانتظار، لأن الأزمة اللبنانية ليست حتى إشعار آخر ضمن “أجندة” الاهتمام الدولي والإقليمي المشغول حالياً في مواكبة التدخل العسكري الروسي في سورية الى جانب النظام فيها ضد قوى المعارضة”.
ولفتت هذه المصادر الى أن “الاهتمام الدولي والإقليمي بلبنان يبقى محصوراً في الحفاظ على الاستقرار فيه ومنع الإخلال بأمنه وإقحامه في حالة من الفوضى، وتؤكد بأن هذا يعني منع انهياره وإبقاءه بعيداً من دورات العنف والحرائق المشتعلة من حوله في أكثر من دولة، ليكون في وسعه الوقوف على قدميه حين إطلاق الصفارة الدولية في اتجاه الإفراج عن ملف الانتخابات الرئاسية في ضوء عجز اللبنانيين عن لبننة الاستحقاق الرئاسي”.
واوضحت أن “المجتمع الدولي المعني بلبنان يريد أن يبقى الوضع الراهن فيه تحت السيطرة ومنعه من الانفلات وصولاً الى دفعه للإنهيار الشامل وهذا ما يحتم على قواه التعاون لقطع الطريق على ارتفاع منسوب التوتر”.
اضافت: “ان على لبنان أن يتعايش مع مرحلة الانتظار لمصلحة تحقيق “المساكنة” ولو بحدودها الدنيا بين الأضداد فيه، وبالتالي يمكن أن يكون للحوار دور يؤمن له شبكة أمان رغم أنه لن يأتي بالمعجزات ولن يخرج عما هو مألوف في الحوار المفتوح بين تيار “المستقبل” و “حزب الله” برعاية الرئيس نبيه بري”.
وحذرت المصادر الوزارية والنيابية من “لجوء هذا الطرف أو ذاك الى الاستقواء بالتدخل العسكري الروسي في سورية بغية العمل من أجل قلب الطاولة في وجه خصومه المحليين، وترى أنه من السابق لأوانه الارتكاز الى هذا التدخل نظراً لأنه لا يزال في بدايته ومن الأفضل للبنانيين التريث في اتخاذ أي موقف غير محسوب، خصوصاً أن تداعياته ما زالت تتفاعل ولم تستقر حتى الساعة على أسس واضحة”.
وأعربت عن اعتقادها بأن “هذا التدخل يجب أن يكون حافزاً للجميع لضبط أعصابه وعدم الإنجرار وراء مواقفه العاطفية طالما أن مفاعيله ما زالت في طورها الأول، وتنصح المتحمسين له بعدم الإقدام منذ الآن وبشكل متسرع على دعسة ناقصة من شأنها أن تقحمه في حسابات غير واقعية تتعلق بملف الانتخابات الرئاسية”.
ورأت أن “هناك ضرورة تستدعي من المشاركين التواضع وعدم النفخ في الحوار وصولاً الى تحميله أثقالاً تفوق قدرته، وتقول إن الأولويات يجب أن تبقى محصورة في توفير الحلول للمشكلات اليومية من أزمة النفايات الى الكهرباء، لا سيما أن الرئيس سلام عاد من نيويورك حاملاً معه “جائزة ترضية” عنوانها الأول والأخير “يتمحور حول دعمنا للإستقرار في بلدكم طالما أن أزمتكم ليست مدرجة على جدول أعمال المجتمع الدولي، إضافة الى دعمكم في خفض كلفة فاتورة الانتظار الى حين الالتفات الى مشكلاتكم”.
واستبعدت المصادر “غياب رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون عن ثلاثية الحوار رغم أنه هدّد بالمقاطعة، وتقول إنه سيشارك حكماً في الحوار ولن ينتدب على الأقل في المدى المنظور من ينوب عنه، مع أن ترقية الضباط ومن بينهم قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز أصبحت مستعصية وهي في حاجة الى تذليل الاعتراضات وما أكثرها”.
وأكدت بأن “عون الذي يقدم نفسه على أنه المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية لا يستطيع أن يغيب عن الحوار أو أن يقاطعه، وإلا فإن غيابه سيرتد سلباً عليه لجهة أن من يرفض الجلوس مع خصومه على طاولة الحوار ليس مؤهلاً لخوض معركة الرئاسة الأولى وإلا لماذا يضيق ذرعاً من محاورة من يناصبه الاختلاف في المواقف”.
وتردد بأن الرئيس بري بات على يقين بأن عون سيحضر شخصياً الى ساحة النجمة للمشاركة في الحوار، وهذا ما تم تأكيده من خلال التواصل مع حليفه “حزب الله” أو عبر موفد عون الدائم الى عين التينة ـ مقر الرئاسة الثانية ـ وزير التربية إلياس بو صعب.