الكل في سباق مع الوقت والكل يمشي بين النقاط وعلى «حبال مشدودة»… لم يبق من خدمة العميد شامل روكز في الجيش إلا أيام معدودة والتسوية المقترحة لإبقائه في المؤسسة (ترفيعه الى رتبة لواء مقابل تسهيلات حكومية) ما زالت قائمة ولم تسحب بعد من التداول والبحث ولكنها مازالت تواجه «أجواء واحتمالات ضبابية» وثلاثة أنواع من العقبات:
1 ـ «العقبة القانونية» إذا صح التعبير لأن أي حل حسب مصادر عسكرية بارزة يجب أن ألا يمس بمعنويات الجيش وهيكليته في ظل عدم اعتماد معيار تجري على أساسه الترقيات. فأي ترقية أو تغيير إداري يجب أن يكون ضمن القوانين، والجيش حتى الآن مازال يلتزم عبارة واحدة: ليتفق السياسيون ويبلغوا الجيش أي معايير يجب أن تطبق لترقية العمداء أو ليتفقوا على أي حل غير الترقيات لبحث الجيش في قانونيته واحتمال تطبيقه.
2 ـ العقبة السياسية، لأن الأزمة (والتسوية) في ظاهرها «إدارية تقنية» وفي باطنها سياسية. فالأمر لا يتوقف عند الرئيس ميشال سليمان، الذي وضعت كرة التعثر في ملعبه، وهو المصمم على عدم تقديم هدايا مجانية للعماد عون الذي لم يسهل له عهده وإنما ضيق عليه ويحاول القضاء عليه سياسيا بعد خروجه من الرئاسة، وإنما يشمل جهات كثيرة في 14 آذار تتمسك بضرورة عدم ترقية روكز وتفضل مغادرته المؤسسة العسكرية، لكون ترقيته الى لواء معناه بإبقائه مشروعا دائما لتولي قيادة الجيش، وبذلك فإن النزاع هذا لن يتوقف، بل سيعمد عون الى إحداث ربط نزاع بين العمل الحكومي والمجلسي وبين تعيين روكز. عدا أنه سيعود الى مطالبه. ولذلك تفضل هذه الجهات الفاعلة أن يخرج روكز بعدما تم تصويره وكأنه أكبر من المؤسسة العسكرية، عدا أن البلاد قد تكون يوما أمام تسوية رئاسية، وإذا ما أراد عون التجاوب مع هذا المسار الدولي الإقليمي مقابل جملة طلبات، سيعود ليفرض روكز قائدا للجيش على رئيس الجهورية المقبل.
3 ـ العقبة الحكومية في حال تعذر تعذر التوافق السياسي على تسوية الترقيات، بحيث لم يعد من مجال إلا طرحها على مجلس الوزراء للتصويت عليها بأكثرية الثلثين أو الاكتفاء بإقرارها من دون تصويت في حال صنفت كتلة الكتائب وكتلة سليمان الوزارية بأنهما لا تشكلان مكونين يكفي اعتراضهما لوقف اتخاذ القرار.
العماد عون المتوجس من توزيع أدوار داخل المستقبل ووجود تواطؤ بين السنيورة ومحور «سليمان الجميل»، متوجس أيضا من إحالة الموضوع على طاولة مجلس الوزراء: ففي حال عدم مرور التسوية لعدم توافر التوافق والإجماع وبالتالي سقوط فرصة ترقية العميد روكز وبقائه في الجيش يكون قد خسر المعركة من دون أن يتحمل المستقبل مباشرة مسؤولية ما حدث… وفي حال إخضاع التسوية للتصويت فإن هذا يعني سقوط موقف عون المتعلق بآلية عمل الحكومة وطريقة اتخاذ القرارات وبضرورة احترام صلاحيات رئاسة الجمهورية التي تنتقل تلقائيا في حال غيابه الى مجلس الوزراء مجتمعا… وخصوم عون ينتظرونه لارتكاب هكذا هفوة سياسية دستورية ليتم اتخاذها كقاعدة تطبيق في مختلف جلسات مجلس الوزراء من الآن فصاعدا، وعلى مختلف القرارات الحكومية. وهكذا فإن ما رفضه عون على امتداد أشهر ي دف ع به الى أن يقبله في غضون أيام كثمن لتمرير الترقيات.